قراءة واستعراض، لأشعار الشاعرة الفلسطينية غادة نفاع الكاتب والباحث احمد محمود القاسم غادة نفَّاع، شاعرة فلسطينية مقدسية، نشأت وترعرعتْ في البلدة القديمة من مدينة القدس، المكان الذي له أثر بالغ في عشقها للقدس، وأزقتها وحواريها، حاصلة على شهادة بكالوريوس في (الأحياء والكيمياء) من جامعة بيت لحم، متزوجة وأم لأربعة أولاد، تعمل في شركة القدس للمستحضرات الطبية، في قسم الإدارة العامة، وعملت سابقاً في مؤسسة الصليب الأحمر الدولي في القدس، ومن ثم في شركة الطيران الهولندية، تنوع العمل هذا، عمل في صقل شخصيتها، حيث كل تجربة مختلفة، تضيف للإنسان معرفة وقوة، ومن هواياتها بالإضافة إلى القراءة والكتابة، تعشق الموسيقى والسفر، تستمتع بالاستكشاف في معالم وحضارات وثقافة الدول المختلفة، وكانت لاعبة كرة سلة متميزة، ولا زالت تحب الرياضة وتمارس رياضة المشي ورياضات أخرى. بدأتْ بالكتابة مؤخراً، ليس لسبب مباشر، ولكن لا تعرف لماذا بقيتْ الكتابة مأسورة في نفسها وروحها، وقررت أن تفتح كل الأبواب الموصدة، والمغلقة أمام وجدانها، ورومانسيتها، قد لا تكون شاعرة، أو أديبة، بالمعنى الحرفي للكلمة (كما تقول هي)، وقد لا تكون محترفة، في تطويع اللغة، واختيار المفردات، ولكنها أكيد، لديها القدرة على إيصال أحاسيسها للقارئ، بانسياب شديد، لأنه لديها إحساس رقيق وعالي جداً، وكل كلمة تكتبها، تشعر بأنها رتبتها، ودللتها، وزينتها، وأنها نابعة من القلب والوجدان والروح، حتى أصبحتْ بهذا الشكل، تشعر بأن لغتها مختلفة، يفهمها كل إنسان، يفكر بوجدانه، فكلماتها تعانق روحها، لقد نشرتُ بعض كتاباتها، في المجلات المحلية، وبعض المواقع الالكترونية، هي تقول بأنها بدأت الكتابة حديثاً جداً، وبصراحة اكبر، وجدتْ تشجيعاً من الجميع من حولها، من الأهل والأصدقاء، وتفكر الآن بموضوع عمل ديوان، أو مجوعة شعرية. هذه القصيدة الشعرية من قصائدها، وهي بعنوان: همسات خريفية: تتغزل فيها بحبيبها، فعيونه علمتها دروساً غامضة، ورسمت خيوطاً بينهما، ظللتها بوشم سحر عيونه، لنقرأ ونتابع ونستمتع بما تود شاعرتنا الرائعة والمتألقة غادة نفاع، قوله في قصيدتها: لملمتُ صفاتك المتناثرة، في كل ركن من سمائك، تبلورتْ المسافات بيننا، فاختزلتها بوهج نظراتك، علمتني عيونك، دروساً غامضة، فاستعنتُ بقاموسك، رسمتُ خيوطاً بيننا، ظللتها بوشم سحر رموشك، ترمقني بكبرياء جميل، ويبتسم كل ما فيك، وثغرك، تمشي على عزف نبضي، وتترك أثراً على الرمل، أحاسيس ليستْ بعبثية، تطلق العنان لأحلامي، انتظرتُ على قارعة الطريق، وإذا بي أرى القمر بدراً، عشقتُ الخريف من عشقك، وسكرتُ من ألوانه، وخمرُ عيونك، تتدفق الأفكار بك، في مخيلتي، كشلال مياه لا نهاية له، أحاول أن أترجمها للغاتي، لأعيد ترتيب ذاتي، غيابك ليس فقط يؤرقني، بل يبعثرني، ويعلن شتاتي، لقد أضاءتْ بك، غياهب الظلمات، وتلاشت بيننا الأزمان والمسافات، لم تعد الأيام والسنون في حسباني، لأنك آخر قصائدي وألحاني. في قصيدة أخرى من قصائدها تستذكر فيها كل صباحاتها، فتقول، إنها مع كل صباح تنظر للحياة بنظرة جديدة، وينبت الأمل لديها مع كل إشراقة شمس، وترى الحياة بريشة مبدعة، لنتابع ونستمتع بما تقوله شاعرتنا بكلماتها الدرر، وعواطفها الرومانسية والجياشة، والنابعة من رقة إحساسها ووجدانها وجوانحها: مع كل صباح جديد، أنظر للحياة بنظرة جديدة، مع كل إشراقة شمس، ينبت الأمل ليوم أجمل، أرى الحياة كل يوم بلوحة مختلفة وريشة مبدعة، أركز على الأشجار والأزهار وأضع الحزن جانباً، أسعى للتطوير والتغيير في نفسي، فلا يبقى حقد دفين، أومن بأن الإنسان يولد كل يوم من جديد، فلديه فرصة لإعادة الحسابات والاعتبارات، وأقلب صفحات دفاتري أمزق صفحة اليأس، وأرسم على صفحة الأمل بقلم التحدي حروف، مغزاها الحياة جميلة ونسعى لتكون أجمل، صباحكم أصدقائي الأجمل والأروع. وفي قصيدة أخرى لها عن الصباح تتابع فتقول: صباح يملأ القلب ورود، صباح يطل علينا مع كسوف الشمس من الظهور، رغم ذلك أشعتها الذهبية، تشحننا بالطاقة والأمل، حتى بغيابها...صباح يتكرر بنبضاته وأشعاره، يدعونا لساعات من الإشراق، صباحكم ونهاركم خير وسعادة. في قصيدة أخرى لها بعنوان (مقبرة أم مخيم) تعبر فيها عما يحدث للفلسطينيين في مخيم اليرموك، فتقول أن هناك أحلام غريبة تراودها وتحدثها، هل هو كابوس أم واقع ؟؟ أناس هائمة على وجوهها في الشوارع، لنتابع شاعرتنا غادة، وكيف تعبر عن مشاعرها وأحزانها وآلامها لما يجري لمخيم اليرموك: تراودني أحلام غريبة، هي كابوس أو شبه واقع، أناس تمشي في الشوارع بلا وجهة، أجراس تدق ومآذن تنادي، أتجول بين أسوار الغضب، أدخل بين أزقة الوجل، أنصت لدعسات أرجل خفية، وأصوات رصاصات متناثرة، بكاء وآهات... رعب وجوع، نزف دماء وحسرة ثكلى، حتى في حلمي تهت السبيل، أتتبع خارطة آثار الدماء، والأمعاء الخاوية، اليرموك من هنا ام هناك ؟؟ أريد أن أصحو من حلمي، تعبت من لملمة الجراح، متى يغني الوطن فرحاً، لو حتى في الأحلام. هذه شاعرتنا المتألقة غادة نفاع، ابنة القدس الجريح، كيف تعبر وتتفاعل بعواطفها الجياشة، مع مأساة شعبها، سواء تحت الاحتلال الصهيوني النازي المجرم في الضفة المحتلة أو في قطاع غزة المحاصر، او في مخيمات الشتات، تحت إرهاب التكفيريين والإرهابيين المجرمين، الذين يقتلون أبناء شعبنا الفلسطيني جوعاً وقتلاً بدم بارد. في قصيدة أخرى تتغزل فيها بالحبيب، فتقول فيها ان للأشعار بحور عدة ومتنوعة، لكن قصيدتها لها بحر واحد، هو بحر عيني حبيبها، فمن بحره هذا تستلهم مشاعرها وشعورها وتعبر عنهم، لنتابع ونستمتع ونحن نقرأ، بما تقوله شاعرتنا غادة نفاع: للأشعار بحور متنوعة، لكن لقصيدتي بحر واحد، هو بحر عينيك الملهمتين، نظامه الإيقاعي بين الأمواج، وهمس قوافيه يتعدى المدى، هي محاولات تناجي الإحساس، ريشة تتطاير عبر الأثير، تتوارى بشعرك الحرير، كلمات تزدان بجمال الروح وتومض بكحل عينيك النجوم. في قصيدة أخرى لها تناجي فيها الليل، وكيف أنه ليل هادئ، وينصت لأفكارها، ويراقب أحلامها، ويتطلع على أحزانها ويبتسم لأفراحها، لنتابع ونستمتع بمناجاتها لليلها وما تود التعبير عنه: كم هو هادئ الليل، يلوذ بالصمت، ينصت لأفكاري، يراقب أحلامي، يواجه أحزاني، ويبتسم لأفراحي، كم هو هادئ ليلي، فلا أسمع سوى همساتي، ولا أرى سوى خربشاتي . وفي قصيدة لها تتحدث فيها عن أيامها، كيف تمضي من أمامها مسرعة بلمح البصر، بخطوات أسرع من خطواتها، تذهب ولا تعود، ولا تعرف ماذا تفعل بها، ولا توقظها او تحثها لفعل شيء بها، كأن تحتفل بها وهكذا، فهي تسير مسرعة ولا تنتظر أحدا، لنقرأ ونتابع ما تقوله شاعرتنا: تمضي الأيام بخطوات أسرع من خطواتي، تستغل صمتي فلا تحذرني ولا تلمح لي، بأن اللحظات تأتي على عجل وتذهب مع الريح، لا تنتظرني كي أحتفي بها، ولا تحاورني كي لا أحتفظ بها، هل هي أنانية، أم هي على موعد في السماء، قد يكون أنها لا تعطينا الوقت، كي لا نلتفت إلى الوراء، فننسى ابتسامات النجوم، ونغرق تحت أمطار الغيوم. تكتب شاعرتنا غادة نفاع، عن الفراق وآلامه وأحزانه، برومانسية ساحرة، فتقول في قصيدة لها: أيها الفراق مللنا وجودك، متى تنسانا وتضل طريقنا، أيها اللقاء اشتقنا مرورك، ويعترينا شغف دائم لقربك، كلمة الصباح تذكرنا بالأمنيات الحالمة، بتغريد العصافير، بالأمل والحب والهدوء، تأخذنا لعالم السماء والسحب، لعالم الشموس والمطر، صباحكم دافئ بهمس فيروز، ومعطر بنكهة القهوة، صباح الخير. في قصيدة لها تخاطب بها حبيبها وتتغزل فيه، وتقول له، أنها ستختلي اليوم في عينيه، وتكتب قصيدتها أمامه مباشرة، دون مواربة، وستجد عالمها في طقوسه، وستعيد تشكيل نفسها في حنينه، لنقرأ ونتابع شاعرتنا ما تود قوله: سأختلي اليوم في عينيك، وأكتب قصيدتي أمام ناظريك، فأكتشف عالمي في طقوسك، وأعيد تشكيل نفسي في حنينك، أنقش وجداني على حروفك، وأعزف على قيثارتي بأناملك، أنسى عمري لأعيش زمانك. في قصيدة أخرى تقول فيها لحبيبها: لا شيء يحلو بدون تواجدك، بدون مرور طيفك، بدون مناوشاتك، تشبه عبق الياسمين، تغزو رائحتك المكان، ثم لا تلبث أن تتلاشى، تلخبط بمرورك رمل الشواطئ، تعبث بالقصور الوهمية، تلاحق الأقمار في السماء، وتختبئ وراء الشمس، عند انقشاع السحاب، عد إلى قلبك وروحك، أفلا تدري أن لا شيء يحلو إلاك ؟ تعود شاعرتنا غادة وتتحدث عن الليل، صمته وهدوئه وغموضه، فماذا تقول عن الليل؟؟؟ لنقرا ونتابع ما تقوله عن الليل وسكونه وغموضه: يذهلني الليل وغموضه، صمت يتأرجح هنا وهناك، سكون وهدوء ونقاش ساكت، يطوف حديث الليل بين نبض القلب ووعي العقل، بازدياد حلكة الليل يزداد صمتي، حتى الطبيعة تنصت لنبضي، وتنام فراشاتي على موسيقى حالمة. في قصيدة أخرى لها بعنوان: فلسطين: تفيض عواطفها الجياشة حباً وعشقاً بفلسطين، وتعبر عن إحساسها بوطنيتها ووطنها فلسطين، وتشعر بكل قرية ومدينة، وتمسكها بذاتها وروحها، وتعبر عن صمودها وعشقها وحبها لكل ذرة من تراب فلسطين، ولن تنسى أي جزء منها، مهما قست الظروف عليها، وتبدلت وتقلبت، فهي روحها وعقلها وقلبها، وكل كيانها، لنقرا ونستمتع بكل كلمة تقولها شاعرتنا عن حبها وعشقها وتمسكها بفلسطين: تقرأ تاريخي من جذور أشجار الزيتون، يرتوي نبضي من قلوب الأنبياء، في كل زاوية حجر مقدس، عبر السنين، خارطتي أبعد من حدود السماء، غابت عن عيوني البسمة وهامت في رحابي الثورة، لن تُقتلع جذوري، ولن تتوارى عروقي، فدمي يجري في كل فلسطيني أنا فلسطين.... أنا الكنز الدفين، لن يحبطني المحتل الأثيم، فقدسي أغلى من أن أسلم، سيشهد الزمان والمكان بأن حقي لن يُستباح، لا تقول أنا فقط القدس وجنين، بل قل الجليل وادحر السنين، أنا كل شبر من شمال وجنوب فلسطين، أنا شمس تشرق ولن تغيب، يشهد على تراثي القمح والطابون يخترق وشاح مجدي كل الأذهان، وتعايش أولادي برغم اختلاف الأديان، فأنا في كل ذهن عربي رغم الطغيان ولن يطويني الظلم على شاطئ النسيان، أنا فلسطين، حلم وعشق، مجد وعنفوان، أنا أيقونة فخر وعز على صدر كل إنسان. هذه هي شاعرتنا المتألقة والخلاقة والإبداعية غادة نفاع، بعواطفها الجياشة والوطنية، وبكلماتها العذبة والمعبرة، عن روحها وروح كل إنسان فلسطيني، يعيش في ظل الاحتلال الصهيوني المجرم، وحتى من يعيش في الشتات والمنافي، بعيداً عن وطنه وأرضه فلسطين، وتبقى أشعار شاعرتنا غادة نفاع، تعبر عن حلم كل مواطن فلسطيني، طفلاً كان أم رجلاً، امرأة كانت او شابة فلسطينية، فكل التحايا والتقدير لشاعرتنا المقدسية غادة نفاع. انتهى موضوع:قراءة واستعراض لأشعار الشاعرة الفلسطينية غادة نفاع دنيا الوطن