الفيديو القبيح المنتشر مؤخراً لمعلم في حلقة تحفيظ في أحد المساجد وهو يمشي بخيلاء وعنجهية و يضرب الطلاب المتطوعين لحفظ القرآن بسلك كهربائي لا يجب أن يمر دون محاسبة ممن يملك الحق في محاسبته من الجهات أو الأفراد، فلا مبرر للعنف والإيذاء الجسدي الذي تتبنى الدولة برامج على مستويات عليا للبعد عنه و توعية ممارسيه بمخاطره ، لنجد من يمارسه في أطهر الأماكن وأكثرها قداسة وتجاه طلاب أخيار اختاروا حفظ القرآن وفضلوه عن اللعب وتمضية الوقت في مباهج دنيوية، ليكافئهم معلمهم بالسياط بدل الاحتواء والتعزيز . لا أجد نموذجاً لحادثة ضرب وإيذاء جسدي تستسيغها النفس السوية، عدا ما جاء في الحديث الشريف بشأن الصلاة :» مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر» ذلك أنها عماد الدين وأول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله، أما ضرب الآباء لأبنائهم بسبب إتلاف جهاز أو خروج عن الطاعة فليس إلا حيلة الضعف والشلل التربوي، وإن دل فإنما يدل على التباعد العاطفي والتنافر النفسي بين الأب وأبنائه ، هذا وهو والدهم الذي لن يحبهم كائن على الأرض قدر حبه ! فما بالك حين يضرب سوانا أبناءها سواء معلم في المدارس أو ملقن في المساجد؟! وكلاهما -حين يفعل- أسوأ من الآخر، وإن كانت المدارس دور تربية واحتواء وإشفاق ، فالمساجد بيوت الله تعمر بالقرآن والذكر والرأفة والرحمة، والاعتداء بالضرب على النشء لن نجني منه إلا أجيالاً عدوانية تنفر من المجتمع وتكره ما ضربت من أجله، لأن الضرب مساس بالكرامة والإنسانية وتعريض للفطرة لخطر الانتكاسة والتحول للسادية واستمراء العنف وتسويغه ! وكل من يطالب بمنح المعلمين صلاحية ممارسة الضرب في المدارس إنما يطالب بتحويل الطلاب لمتنفسات للمعقدين يمارسون فيهم سلوكياتهم المنحرفة ويفكون بهم عقدهم النفسية ويغطون بالعدوان الجسدي ضعف تأهيلهم واهتزاز شخصياتهم ، وينطبق الأمر على معلمي حلقات تحفيظ القرآن الكريم في المساجد، بل يفوقونهم جرماً وعقداً بقدر الفرق بين القرآن الكريم وطلابه الراغبين بحفظه طوعا والمناهج المدرسية التي تفرض عليهم و يدرسونها رغماً، و كالفارق بين المدرسة والمسجد بيت الله الذي يعمر بذكره وتلاوة قرآنه ، أما غيرها من الفوارق فيصب لصالح معلم التحفيظ ، فمعلم المدرسة يعمل بوظيفة رسمية فقدت كثيراً من وهجها الاجتماعي ومعلم التحفيظ يتمتع بالسمعة التي تمنحه مضماراً واسعاً يمارس فيه ما يشاء و يغفر له ويتعامى عن أخطائه رغم إن أغلبهم يتخذون أجراً على عملهم، وليس كما يشاع لغالبية العاملين في قطاعات مرتبطة بالدين من كونهم متطوعين بغير مقابل كالعاملين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و معلمي حلقات القرآن، الذين تعلن الجمعيات الخيرية عن مشاريع تدعو للمساهمة باستقطاع شهري لكفالة رواتبهم . لا فرق بين بشاعة السوط في يد معلم مدرسة أو معلم تحفيظ و إن وجد الأخير من يدافع عنه لأسباب تخص (اللوك) بل إن من يسوغ لهم لا يختلف عنهم عقداً وسادية! @511_QaharYazeed [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (71) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة