كتب المحرر السياسي: دولة الإمارات، بما تمثله بين دول المنطقة من توازن وتغليب لمصلحة شعوبها على كل ما عداها، حريصة على توطيد علاقتها مع دول الجوار، وهي تتوقع المعاملة من جيرانها بالمثل، لذلك كانت كلمات المدعو القرضاوي ضد دولة الإمارات ونهجها محل استغراب شديد من قبل قيادة الإمارات وشعبها على حد سواء . هناك حدود مرعية في العلاقات بين الدول، ولذلك كانت السياسة كعلم وفكر وممارسة، ونشأت فكرة الدبلوماسية والعلاقات الدولية، ويبدو أن الأشقاء في دولة قطر يتعاملون مع إساءات شيخ الفتنة القرضاوي بنسيان أو تعمد نسيان كل ذلك، وهو ما لا يستقيم مع الأخوة التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، ولا يتلاءم قطعاً مع وجود الدولتين في كيان واحد هو مجلس التعاون . كانت دولة الإمارات تأمل ألا تضطر إلى خطوة استدعاء السفير القطري وتسليمه مذكرة احتجاج على افتراءات وتطاول القرضاوي، وأن تظل العلاقات الأخوية بين الأشقاء هي الأساس، وتعالج القضايا الطارئة في إطار الأخوة والمحبة والاحترام المتبادل . هكذا هي الإمارات . . وهكذا تتعامل مع الأشقاء لأنها ترى أن مصالحها هي مصالحهم، وأن ما يجمع بينهم من وحدة تاريخ ومصير أهم وأكبر من أي شيء آخر، وهي لم تقصّر في أي جهد أو سعي للإبقاء على أجواء الأخوة والمحبة تخيّم بين الأشقاء وخصوصاً بين دول مجلس التعاون، وتبديد أية غيوم تظهر في الأجواء . لكن، يبدو أن الأشقاء في قطر، اختاروا إيواء مجموعات من المتطرفين والغلاة وتوفير كل مستلزمات التحريض والتطاول على الأشقاء، بل وإمدادهم ودعمهم وتمويلهم، ومن بينهم "شيخ" تحوّل إلى داعية للعنف والتكفير وتمزيق أواصر الأمة، وتشويه صورة الإسلام . سعت الإمارات جهدها خلال الفترة الماضية لاحتواء هذه العلّة وتصحيح العلاقات والمسار، لكن يبدو أن الإخوة في قطر قرّروا السير بعيداً، وتركوا الحبل على غاربه لدعاة الفتنة والتمزيق . لقد توقعت الإمارات أن يتضمن تصريح الوزير القطري ضمانات توقف القرضاوي عند حده ولا تسمح له بالتطاول من جديد، لكن قطر لم تف حتى بهذا الالتزام، فخرجت تصريحات وزيرها دون المستوى وأقل بكثير من سقف التوقعات . . . ومع ذلك، لا يزال الأمل يحدونا بأن يهتدي الأشقاء في قطر إلى الطريق الصواب، لأن ما يفعلونه خطر عليهم وعلينا جميعاً . لذا، فإن مجلس التعاون مدعو لاتخاذ موقف حاسم يتناسب مع خطورة الموقف القطري، وذلك حرصاً على دوله وسلامتها، وعلى المنظومة الإقليمية الخليجية ومستقبلها، من أجل وقف هذا العبث وعدم تماديه . نربأ بالأخوة في قطر أن يضطروا دولة الإمارات إلى مثل هذه الخطوة التي لم تكن تريدها، لكنهم لم يتركوا لها خياراً مع الأسف . الخليج الامارتية