الفوضى المرورية التي تعيشها شوارعنا وأحياؤنا وأزقتنا أمرًا مخجلًا ومؤسفًا ويعكس صورة غير حضارية وغير راقية عن المجتمع السعودي من أنه مجتمع فوضوي لا يعرف ثقافة النظام ولا يعي أهمية احترام النظام الذي وضع لمصلحته قبل كل شيء. وتعالوا نقارن عن الحركة المرورية وروعتها وانسيابيتها في بلدان مجاورة والتي تنساب فيها الحركة المرورية بكل يسر وسهولة دون وجود لرجال الأمن وكل قائد مركبة يحترم القواعد المرورية ويطبقها بحذافيرها على الواقع فتقل المخالفات وتقل السرعات وتقل الحوادث ولا يحدث فيها ما يعكر صفو قائدي المركبات أو يرفع ضغطهم أو يؤخرهم عن أعمالهم وما يترتب عليه من خسائر اقتصادية بالملايين، ويرجع ذلك كله نتيجة النظام المروري المتطور والمطبق في شوارعها. وتعالوا في نفس الوقت نشاهد ما يحصل في مدننا المزدحمة بالسكان والمليئة بالمخالفات المرورية ولنأخذ أحد الأمثلة مدينة جدة عروس البحر الأحمر والتي تزدحم شوارعها طيلة العام ويزداد شراسة هذا الازدحام في أوقات المهرجانات والإجازات الموسمية ونشاهد فيها فوضى مرورية عارمة في الطرق السريعة والشوارع الفرعية وفي الجسور والأنفاق والتي تكون سببا في حدوث الكثير من الاختناقات المرورية التي تستمر لساعات طويلة. أما السرعة الجنونية فلها أبطالها في شوارعنا دون خوف على أرواحهم وأرواح الآخرين وغياب لرجال المرور في الأماكن المزدحمة التي تتطب إشرافهم علاوة على تحرك الشاحنات في أوقات الذروة مما يكون سببا لزيادة الازدحام المروري وزيادة معدلات الحوادث. ومن المؤسف أن النظام المروري لدينا لا يطبق على النظام الصحيح فتجد صغار السن يقودون السيارات في الشوارع دون خوف على حياتهم وحياة الآخرين ودون أن يمنعهم أحد بل البعض منهم يجد التشجيع من أبائهم. كما أن الكثير من العمالة الوافدة يقومون بتحميل الركاب كمصدر رزق لهم وغياب العقوبات المشددة ومتابعتهم جعلتهم يتمادون حتى أن البعض من العمالة يقوم باستئجار مركبة يسترزق منها، فهل شاهدتم فوضى أكبر من ذلك؟. كما أن ترك المجال لأصحاب الشاحنات بالقيادة في أوقات الذروة وبسرعة جنونية وتجاوزهم ومضايقتهم للسيارات الصغيرة كانت سببا في وقوع الكثير من الحوادث المرورية البشعة والمميتة كما أن المدارس التي تمنح رخص القيادة ليست على المستوى المطلوب الذي يؤهل قائدي المركبات لقيادة السيارة على الوجه الأمثل. إضافة إلى أن الكثير من شوارعنا في أحيائنا وأزقتنا تفتقد إلى السفلتة المناسبة وتكون مليئة بالحفر والمطبات التي تكون سببا في حدوث الكثير من الصدامات. وغياب رجال المرور عن متابعة الحركة المرورية في الشوارع وجلوسهم في مكاتبهم من الأسباب الرئيسة في هذه الفوضى لتكون بلدنا بها أعلى نسبة حوادث مرورية في العالم. ومن الغريب في نظامنا المروري اعتماد رجال المرور على نظام ساهر في الطرق السريعة وعمل المخالفات المرورية وترك الأمور الأخرى الخاصة بالضبط المروري كالتوعية وتنظيم الحركة وفك الاختناقات والتطوير دون أدنى اهتمام. ومن هنا نرى أن تكون هنالك مراجعة شاملة لنظام المرور في المملكة وإعادة دراسته وتقييم أنظمته الحالية ومدى فعاليتها لتطويرها بالشكل الصحيح واصدار نظام شامل عصري يتم به توعوية المواطنين عن طريق وسائل الاعلام المختلفة وكذلك الموجودة في الجهاز المروري على أن يطبق هذا النظام على الجميع دون محاباة أو مجاملة. فهل نرى النظام المروري في شوارعنا كما هو في المدن المتقدمة يارجال المرور؟. سمير علي خيري - مكةالمكرمة صحيفة المدينة