إذا أراد أحدنا رؤية شعرة رأسه وقد تم تكبيرها أكثر من مليون مرة، فيمكنه ذلك إذا توجه إلى «مختبر الفحص المجهري» في معهد مصدر في أبوظبي، والذي يضم المجهر «تيتان 80-300» وهو أحد أكبر المجاهر في العالم، ويتمتع بطاقة وإمكانات عالية جداً في تشخيص المواد، وبلغت كلفة شرائه «مليوناً ونصف المليون دولار»، ويوجد من مثله عدد قليل في العالم لا يتجاوز العشرة. ويعد «مختبر الفحص المجهري» إضافة حقيقية للبحث العلمي في الدولة، في ظل ما يمتلكه من مجاهر على درجة عالية من التخصص والتطور، فالمختبر يضم خمسة مجاهر أخرى متطورة إلى جانب أكبر مجهر في العالم «تيتان»، وقلما تجتمع هذه الإمكانات في مركز أو مؤسسة أكاديمية بحثية واحدة في العالم، ويأتي ذلك بفضل دعم القيادة الرشيدة وحرصها على تطوير القطاع البحثي بما يدعم إيجاد الحلول المناسبة للقضايا والمشكلات المختلفة بما يعزز الاستدامة في شتى المجالات. والتقت «البيان» الدكتور مصطفى جويد مسؤول مختبر الفحص المجهري بمعهد مصدر، والذي عرض صورة أكثر قرباً حول طبيعة المختبر عامة ومجهر «تيتان» خاصة، وانعكاسات ذلك على البحث العلمي في الدولة، والذي أشار إلى أن أربعة من الإماراتيين اليوم يتمكنون من التعامل مع هذا النوع المتطور من المجاهر بما يمثل إنجازاً في ظل وجود أعداد أقل أو مماثلة في دول العالم التي تمتلكه. مجاهر متنوعة ذكر الدكتور مصطفى جويد مسؤول مختبر الفحص المجهري، أن المختبر يضم (6) أنواع من المجاهر، كل اثنين منها يعملان على مستوى محدد من التشخيص للعينات، بمعنى أن تلك المجاهر تمكن الباحث من تشخيص البحث في العينات طبقاً للمستوى الذي يريده على مستوى السطح ومعرفة المكونات الأساسية. وكذلك الوصول لما هو أدق ومعرفة حجم المادة وأحجام مكوناتها، وفي حال الدراسة على أعلى مستويات التشخيص يتم عندها التعامل مع المجهر الحديث والأكبر الذي انضم إلى مختبر المعهد أخيراً، وهو الذي يسمى (تيتان 80-300) والذي يتمتع بفولتية عالية وتقنية متقدمة في القدرة على تشخيص المادة والوصول لما هو أصغر من الذرة، حيث يمثل هذا المجهر أحد أكبر أنواع المجاهر في العالم، ويوجد من مثله عدد قليل لا يتجاوز العشرة. مجالات بحثية وأشار إلى أنه من خلال المختبر، يتم فحص المواد المتعلقة بمجالات الطاقة المتجددة وتخزين الطاقة وتقليل استهلاكها، إضافة إلى المواد المتعلقة بتحلية المياه والحفاظ عليها، حيث إن أبحاثهم في معهد مصدر تركز على تلك المجالات، سواء من خلال فحص ودراسة مواد يتم استخدامها حالياً ومحاولة إيجاد حلول أفضل وبدائل تدعم الاستدامة والحفاظ على البيئة، أو من خلال البحث وابتكار مواد وأفكار تدعم تطوير مجالات وطرق تخزين الطاقة وتحلية المياه أو توفيرها دعماً للاستدامة البيئية. النانو تكنولوجي وحول اقتناء المعهد للمجهر «تيتان»، أوضح الدكتور جويد أن المختبر المجهري في المعهد بالفعل تمكن من اقتناء أحد أكبر أنواع المجاهر في العالم ويسمى (تيتان 80-300) أميركي الصنع، وبلغت كلفة شرائه مليوناً ونصف المليون دولار، ويتميز بكونه على درجة عالية من الدقة في عمليات فحص العينات. حيث يعطي مستويات أعلى من غيره من المجاهر في القدرة على الوصول لأدق تفاصيل المادة ولما هو أصغر من الذرات، فيعطي الفرصة لتطوير مجالات البحث كونه يمثل المادة بدقة متناهية، وهذا يتناسب مع عيشنا اليوم في عالم «النانو تكنولوجي» فأسرار المادة تكمن دائماً في أصغر تفاصيلها، وهذا المجهر سيعطي القدرة على التشخيص الدقيق جداً للمادة، بمعنى يعطي أعلى مستويات التشخيص، وبالتالي يفتح المجال لإمكانيات التطوير والتعديل في المادة بشكل أفضل وإيجاد حلول صديقة للبيئة. دقة الصورة وأشار إلى أن وجود المجهر «تيتان» إضافة للمجاهر الخمسة الأخرى يشكل دعماً كبيراً للجهود البحثية في أبوظبي خاصة والدولة عامة، في ما يتعلق باستيعاب ومعالجة مشكلات محددة تتعلق بالطاقات المتجددة والبيئة والنفط والغاز والتقنيات المتقدمة، وأن هذه المرافق المجهرية المتطورة تستخدم حالياً لدعم البحوث التي يجريها أعضاء هيئة التدريس في برامج مثل هندسة النظم الدقيقة وعلوم وهندسة المواد وهندسة المياه والبيئة والهندسة الكيميائية. مشيراً إلى أن المجهر (تيتان) يتضمن (6) عدسات إلكترومغناطيسية تعطي مستويات فحص وتشخيص دقيقة جداً، ومن ثم تأتي العدسة السابعة وهي المعنية بتعديل وتصحيح الصورة النهائية للمادة بهدف التمكن من رؤيتها بشكل واضح، وأنه لتوضيح مدى الدقة والعمق في المادة التي يصل إليها المجهر، يمكن الإشارة إلى أن المجهر قادر على تكبير شعرة الإنسان أكثر من مليون مرة. خبرة وتدريب وذكر د. جويد أن العمل على المجهر يتطلب وقتاً، فالطالب أو الباحث الذي يرغب في العمل على هذه المجهرية العالية، يجب أن يكون لديه خبرة سابقة في التعامل مع أنواع المجاهر الأخرى، وخلفية أكاديمية حول العلوم المرتبطة بالمجهريات، وعملية التدريب عليه لمن يتمتعون بتلك الإمكانات تتطلب شهرين تقريباً في حال التفرغ الكافي من المتدرب. 4 مواطنين يوجد أربعة إماراتيين فقط يتقنون حالياً التعامل مع هذا المجهر ممن تم تدريبهم منذ بدء إلحاق الجهاز بالمعهد في يونيو الماضي (2013)، وهذا إنجاز جيد، لأن هذا النوع من المجاهر في البلدان التي تمتلكه، فيها عدد أشخاص أقل من أصابع اليد الواحدة يتمكنون من استخدامه. دعم البحوث العلمية في معهد مصدر لإنجاح البحوث العلمية لابد من وجود تجهيزات وخبرات للوصول إلى نتائج عملية مهمة، لذا عمد معهد مصدر في أبوظبي إلى اقتناء أكبر مجهر في العالم لوضعه في مختبره الخاص تحت خدمة البحث العلمي في الدولة. المختبر ككل يوفر فرص تدريب مستمرة للطلبة، حيث يتم تدريب (150) دارساً سنوياً على الأنواع المختلفة من المجاهر الموجودة، إضافة إلى تدريب (30) طالباً ممن هم في مستويات علمية وخبرة متقدمة. المختبر يدعم تطوير الأبحاث العلمية في المجالات التي تدعم الاستدامة البيئية والحفاظ على الموارد الطبيعية، كما تتقاطع فيه كافة الأبحاث بالمعهد لطبيعة الأجهزة التي يضمها، وهو مفتوح للباحثين من المعهد وخارجه. هذا المجهر وهو الأول من نوعه في المنطقة يمكن أن تستفيد منه عدة جهات وليس فقط في مجال بحوث الطاقة والبيئة، بل حتى في مجال «البحث الجنائي». لأن المجهر دقيق جداً في إمكاناته، فالطالب يتدرب بداية على معرفة أجزاء هذا الجهاز ومحاذير العمل فيه، ومن ثم يتعلم كيفية اختيار العينة المثالية للفحص، وكيفية الاحتفاظ بها في حالة جيدة، ومن ثم طريقة إنزالها في المجهر بحذر شديد، ليفحصها من خلال جهاز الحاسوب المرتبط بالمجهر. وأكد الدكتور مصطفى جويد، مسؤول المختبر، تشجيع الشباب الإماراتي المهتم بالبحث العلمي على الإقبال على المعهد والاستفادة من الإمكانات البحثية العالية لتنفيذ أبحاثهم بدلاً من التوجه لتحقيق ذلك في الخارج، فالتقنيات والخبرات موجودة في المعهد وتتمتع بقدرة عالية على دعم البحوث المتقدمة. البيان الاماراتية