نحن ولله الحمد لا ينقصنا -في الوقت الحاضر- المزيد من الأجهزة والإدارات الرقابية، بل نملك الكثير، فلدينا هيئة مكافحة الفساد «نزاهة»، وديوان المراقبة العامة، والمباحث الإدارية، وهيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام، ومركز كشف التزوير، بالإضافة إلى الأجهزة الرقابية في كل مصلحة حكومية. وعلى ضوء ذلك يصبح كل شيء يخدم الوطن والمواطن موجودًا. ولكن الذي ينقص بعضنا «الضمير»، ونحن نُحسن الظن بالجميع لأن إحسان الظن من سمات المسلم، ولكن مقالتي هذه للنفوس الضعيفة، فأقول مُذكِّرا وليس بمحدث: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عن رعيتها، وعبد الرجل راع على مال سيّده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. عندما تصرف الدولة ملايين وأحيانا كثيرة المليارات لإنجاز مشروعات عملاقة لمصلحة الدولة والمواطن في مختلف المجالات والقطاعات، لأجل بناء نهضة تنموية شاملة، ثم نرى من يُخرّب بعض هذه المشروعات، ويَعبث بها، حتى تُصبح غير صالحة للاستعمال، فأين الضمير؟! إن من يفعلون ذلك يحتاجون إلى إعادة النظر في مفهوم الوطنية لديهم، إننا جميعًا مسؤولون أمام الله عز وجل عن حق هذا الوطن الجميل علينا، وأعتقد أننا نستطيع فعل الكثير تجاه وطننا لو أدرك كل منّا دوره الوطني وعمل على تحقيقه من موقعه الذي هو فيه، كمسؤول أو موظف، أو كمواطن عادي، سواء في الداخل أو حتى المغترب في الخارج، فإنه يُمثِّل وطنه بتصرفاته الفردية، ويعكس الصورة عن الوطن الذي ينتمي إليه. فأنت أيُّها الموظف والمسؤول كن نزيهًا في عملك، وأدِّ الأمانة التي تحمَّلتها، واحذر من كلِّ ما يخدشها، أو يطعن فيها، فما وُضعت في هذا المكان إلا لخدمة غيرك، فإيَّاك أنْ تستغلَّ وظيفتك في عملٍ تبوءُ بإثمه، وغدًا تندم بفعله... إلخ. يجب على كل واحد منّا ألا يجعل للفساد الإداري وجودا في وظيفته أو عمله من خلال إساءة استخدام وضعه الوظيفي، أو اللامبالاة أو السماح بانتشار الرشوة أو التزوير، أو عملية توظيف أشخاص غير مؤهلين. نعم أقولها بصراحة: إننا بحاجة إلى الكثير من القيم والأخلاقيات التي تُربِّي أنفسنا، وتحملها لمراتب السمو، بدلًا من الانحطاط في متاهات الغي والفساد. ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه، وألا يلبس علينا فعل أو قول أو فكر ضال، ونسأله التوفيق. عبدالرحمن عبدالحفيظ منشي - رابغ صحيفة المدينة