أعطى وزير الخارجية الأميركي جون كيري أولوية قصوى للأمن، كما أعلن عن بدء حوار استراتيجي مع تونس، بلد اول انتفاضة في الربيع العربي. هنأ وزير الخارجية الأميركي الشعب التونسي باسم حكومة الولاياتالمتحدة على انجاز الدستور، و"الانتقال البالغ الصعوبة، ولكنه انتقال بالغ الأهمية للحكم الديمقراطي". وقال كيري خلال مؤتمره الصحافي الثلاثاء في تونس حيث شارك في الاحتفال بإعلان الدستور: لقد بدأ التحول الذي حدث هنا، وفي الواقع، سلسلة الانتفاضات التي أصبحت تعرف باسم الربيع العربي- والكثير منكم يعرفون ذلك أكثر مني- على بعد 200 ميل- أو حتى أقل من 200 ميل من هنا بدأت بعمل شجاع وعمل مستميت ويائس قام به شاب تونسي رفض أن يعيش يومًا واحدًا آخر في بلد مبتلٍ بالفساد وانعدام الفرص. وبعد ذلك بثلاث سنوات، صادق الشعب التونسي على دستور جديد... دستور متجذّر في المبادئ الديمقراطية : المساواة، الحرية، الأمن، الفرص الاقتصادية وسيادة القانون. وأشار إلى أنّ الدستور الجديد يؤكد تراث تونس العريق من احترام حقوق النساء والأقليات. إنه دستور يتيح للشعب التونسي أن يحقق تطلعات محمد بوعزيزي والملايين الآخرين؛ وهو دستور يتجلّى نموذجًا يحتذيه الآخرون في المنطقة وحول العالم. وأضاف أنه لم يكن الوصول إلى هذه المرحلة بالأمر السهل، فقد كانت هناك مناظرات ومناقشات وخلافات لا تحصى، ولكن هذه الأمور هي بالضبط أساسية ومركزية للحكم الديمقراطي. ويصح هذا القول على الديمقراطية الوليدة مثلما يصح على الديمقراطية العريقة. وأكد الوزير الاميركي أن الحقيقة الماثلة التي تظل هي أن الطريق إلى الديمقراطية الكاملة طريق طويل وصعب، وطريق لا ينتهي فعلاً إطلاقًا من أوجه عديدة، كما نشهد في الديمقراطيات المعمّرة مثل نظامنا: إننا نعمل على الدوام ونواظب العمل دومًا للوصول به إلى مرتبة الكمال. واعرب كيري عن التزام الولاياتالمتحدة نحو مستقبل تونس، وسوف نقوم غدًا، وكجزء من تعاوننا الأمني المشترك – وهناك العديد من الأشياء الأخرى التي نقوم بها بالإضافة إلى ذلك – ولكن الولاياتالمتحدة ستقوم غدًا بتسليم مفاتيح عربة القيادة المتنقلة المتطورة جداً لإجراء التحقيقات المتعلقة بالإرهاب، والمختبر الجنائي المتنقل للاستخدام من قبل شرطة الطب الشرعي من أجل جمع الأدلة بفعالية للملاحقة القضائية. الأمن وأشار وزير الخارجية الاميركي الى أن الرئيس ورئيس الوزراء (التونسيين) أكدا له على أهمية الأمن في هذه اللحظة الحاسمة من الزمن. إنه لا يمكن لأي ديمقراطية أن تدوم أو تزدهر في غياب الأمن، ونأمل أننا بتقديم هذه المعدات الجديدة، ولكن أيضًا بوجود غيرها من المبادرات التي نحن على استعداد للانخراط فيها، نأمل أن يكون التونسيون أفضل استعدادًا وجهوزية للتصدي للعنف والإرهاب الذي يهدد الجميع في أجزاء عديدة من العالم. وقال انني أزور تونس من أجل أن أوضح للشعب التونسي أن هناك الكثير من البلدان والعديد من الشعوب في العالم يعربون عن اعجابهم بالعملية التي انخرط فيها الناس هنا، وددت أن آتي إلى هنا بالنيابة عن الرئيس أوباما للإعراب عن دعمنا لهذا المسار الشجاع الذي تسير عليه تونس. وتابع كيري: إن مهمة بناء الديمقراطية هي مهمة شاقة. ومهمة التأكد من أن الناس يتمتعون بسيادة القانون والأمن والحماية للجميع – جميع الأقليات، وجميع الأديان، وجميع مناحي الحياة – وهذا أمر حيوي لتحديد أي بلد حديث. وأضاف: إنني أعلم أن تونس هي بلد أهله مثقفون ومتعلمون، يحترمون سيادة القانون، ويحترمون حقوق الآخرين، وأعلم أن هذا هو المسار الذي تريد تونس السير عليه وتريد النجاح فيه. لذا أردت أن آتي إلى هنا اليوم لأؤكد بالنيابة عن الشعب الأميركي وعن الرئيس أوباما التزامنا بالوقوف مع تونس، مع الشعب التونسي، والمساعدة في التحرك في هذا المسار صوب الديمقراطية على أمل أن هذا الدستور الذي أنجزتموه سوف يصبح نموذجاً تقتدي به البلدان الأخرى في أماكن أخرى. ونحن نتطلع قدمًا إلى العمل معكم في هذه السنة الحاسمة المقبلة، وأنتم مقبلون على الانتخابات آملين بأن يتحقق الهدف المنشود. دعم تونس وأشار وزير الخارجية الأميركي الى أنه أبلغ الرئيس ورئيس الوزراء (التونسيين)، أن الرئيس أوباما والولاياتالمتحدة سيواصلان الوقوف إلى جانب تونس طوال فترة انتقالها الديمقراطي. وقال إننا سندعم العملية الانتخابية كي نتيقن من أنه ستتوفر لدى التونسيين الفرصة التي تمكنهم من ممارسة الحقوق التي ناضلوا بجهد من أجلها، وأن يتمكنوا من التصويت لحكومتهم المستقبلية في وقت قريب. واضاف: إن دعمنا ليس مجرد كلمات لأنه منذ اندلاع الثورة التزمت الولاياتالمتحدة بتقديم مساعدات خارجية قيمتها اكثر من 400 مليون دولار للمرحلة الانتقالية. ويشمل هذا المبلغ 24 مليون دولار للمعدات ولتدريب قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية، كما يشمل 100 مليون دولار كدعم مباشر للموازنة ولتخفيف عبء الديون. وهناك ايضاً أكثر من 20 مليون دولار لبرنامج التنافسية الذي ترعاه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من أجل إيجاد فرص عمل في قطاع تكنولوجيا المعلومات، و30 مليون دولار كضمانة قروض دعمًا لتمويل جديد بقيمة 485 مليون دولار للحكومة التونسية. كما اننا في الوقت الذي يسبق ذلك سنستمر في دعم أمن تونس واستقرارها ونموها الاقتصادي والإصلاح السياسي في الوقت الذي ندعّم فيه مشاركتنا على أساس ثنائي. وأنا سأعود إلى واشنطن وفي جعبتي افكار إضافية حول السبل التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها أن تساعد. وقد دعا الرئيس أوباما رئيس الوزراء جمعة إلى واشنطن، ونحن نتطلع قدماً إلى ضرب موعد لتلك الزيارة في وقت قريب. الحوار الاستراتيجي وأعلن كيري أنه اتفق مع رئيس الوزراء علي جمعة على أنه خلال زيارته لعاصمتنا سنفتتح أول اجتماع للحوار الاستراتيجي الأميركي-التونسي، وهو الحوار الذي يرمي إلى تمتين علاقاتنا الثنائية. وقال إن الحوار الاستراتيجي المشترك سيتمحور على التعاون في المسائل الأمنية، وعلى تعزيز الروابط الاقتصادية الوثيقة بين بلدينا. وأشار إلى أن بلاده تتطلع قدمًا كذلك إلى الاجتماعات في الجزائر والمغرب المجاورتين لمباحثات حوارنا الاستراتيجي الهام كذلك، وهذا سيتم في الأشهر القادمة. وقال: ويسرني اليوم أن أعلن أن الولاياتالمتحدةوتونس تتخذان خطوات لتعزيز برامج "من الشعب إلى الشعب". فالمبادلات التربوية هي طريقة بالغة الأهمية لإشاعة التفاهم والصداقة بين شعبي بلدين مختلفين ونحن شاهدنا ذلك يتطور بصورة فعالة حول العالم. وختم وزير الخارجية الاميركي: ولهذا السبب يسعدني أن أؤكد هذا اليوم، ورهنا بموافقة الكونغرس، أن الولاياتالمتحدة تعتزم تقديم مبلغ 10 ملايين دولار إضافي لبرنامج توماس جيفرسون للمنح الدراسية، وهو البرنامج الذي يمنح طلاباً تونسيين الفرصة لقضاء عام للدراسة في كلية أو جامعة في الولاياتالمتحدة. كما أن هناك في الوقت الراهن 65 طالبًا تونسياً برعاية برنامج جيفرسون يتابعون دراساتهم في أحرام جامعاتنا، ونحن نتمنى حقاً أن نرحب بعديد أكثر في السنوات المقبلة. ايلاف