كلمات هنا الفكر والثقافة ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 19/03/2014 بعد زمن الغزو الثقافي الذي صوّغ خطط التغريب وسوّق الانبهار الكلي بالآخر، وفي زمن الاختراق الفكري الذي نعيش مجرياته والذي يريد ويتمنى الآخر أن نعيد نحن بأنفسنا تغيير فكرنا وإعادة تشكيل منهجية ثقافتنا حسبما يشتهي هو من دون أن ندرك مغزى هذا الاختراق، بل ومن دون أن نشعر بأننا مستهدفون فكراً وثقافة، ومن دون أن نعلم بأنه يراد منا أن نكون نسخة من ذاك الآخر، فنفكر مثلما يفكر ونحب ما يحب هو . مع كل هذا لا يزال بعض أبناء أمتنا ممن ينسبون أنفسهم إلى فئات النخب الثقافية غير قادرين على النظر إلى ثقافتنا العربية من الداخل، في الوقت الذي ينظرون فيه إلى الثقافة الغربية بعيون قلوبهم المحبة لهذه الثقافة حتى أصبحوا غير قادرين على إخراج حراكنا الثقافي الحديث المصبوغ بهويتنا والمصاغ برؤيتنا العصرية المستمدة من جذورنا العريقة والمتفاعلة مع متطلبات فن إدارة حياتنا الحالية بقيمنا وتطلعاتنا والمتفائلة بغدنا المشرق بإذن الله تعالى من سرداب المعيار الغربي . هم يدركون أنهم بفعلهم هذا يقوضون الثقافة العربية بسبب الاتكاء على المدارس والمذاهب الغربية، فتراهم حينا يبذلون جل جهدهم في سبيل تشظي موروثنا تحت ذريعة تفكيك النص حتى وإن كان هذا النص مقدساً ومحكماً سيفقد بتفكيكه رسالته الخالدة ومعجزة محتواه، وتراهم حيناً يروجون إلى الفلسفة الشمولية الملتصقة بالثقافة الاستهلاكية والاستخفافية والممسوخة المراد منها خلق ثقافة اللاثقافة وفكر اللافكر تحت مظلة الفوضى الخلاقة . مع كل جهود هذا الاختراق الفكري المسلط سيفه على رقبة ثقافة أمتنا العربية العظيمة الخالدة، ورغم وجود من يسوّق لهذا الاختراق، إلا أن الأصيل يبقى أصيلاً والعربي بأصالته يبقى شامخاً ومنبعاً للعز وصاحب رسالة في الحياة وفي الحراك الحضاري عبر الزمن منذ ما قبل إرم التي لم يخلق مثلها في البلاد، ومروراً بكل الحضارات التي علمت البشرية أبجديات الكتابة، وشرّعت القوانين وهندمت القيم وشيدت الصروح وأسست منارات العلم . وإلى الشارقة التي مع بزوغ كل شمس لا تزال تثبت للعالمين بأن الحضارة العربية وأن الثقافة العربية شمس ساطعة بأصالتها وبهويتها وانفتاحها على الآخر غير المصادر لموروثها وفكرها، وأنها بشمولية حراك قطارها الثقافي المخطط بإتقان لخط سيره ستبقى الأروع في نشر الوعي الثقافي والفكري والعلمي على امتداد خارطة العالم، وأنها ببراق اتزان خطابها الفكري المحلق في فضاء شراكة المظلة الإنسانية ستجوب الآفاق، وستبقى عاصمة ليس للثقافتين العربية والإسلامية بل للعالم أجمع، فهي وحدها على مدى أيام كل الأعوام لا تزال تحتضن أعراس الثقافة عرساً بعد عرس وقد هيأت لأعراسها كل المتطلبات التي تذهل الكون وتسلب ألباب مريدي مسيرة التثقيف سواء كانوا من الحاضرين أو المتابعين لمشاهدها . إن أعراس وأعياد الشارقة الثقافية والفكرية والأدبية والمسرحية والتراثية والفنية مختلفة بجمالها وبكل معطياتها الرائعة على مستوى العالم، فهي ذات خلطة عربية إسلامية حلوة المذاق بسحرها الشرقي الممزوج بنكهة العالمية وهي بتعددها وتنوعها اليومي تعطي دلالة واضحة على اهتمامها بتنوع ذائقة المتلقين وبشمولية العطاء، فهنيئاً لنا بشارقة الثقافة وهنيئاً لكل العالم بالشارقة عاصمة للثقافتين العربية والإسلامية . عبدالله الهدية الشحي [email protected] الخليج الامارتية