القاهرة - "الخليج": علاقة القاص المصري "سعيد الكفراوي" بمكتبته هي علاقة بالحياة، بالعمر الذي يمر، حتى إنه أينما ولى وجهه رأى جانباً من عمره على الأرفف، في شكل ديوان شعر أو قصة، وكان كتاب "ألف ليلة وليلة" هو بداية الأسئلة والإدراك والخيال، لا يقرأ نصاً أدبياً عبر شاشة الكمبيوتر ويقول: "نحن أبناء الورق لا تهزنا التكنولوجيا" . * ما الذي تمثله لك المكتبة؟ - المكتبة هي رفيقة العمر، أينما تولي وجهك نحو عمرك تراها أمامك، غلام قروي يأخذ الكتب من الأصدقاء والأقارب، ثم يتغير الوعي والأسئلة، فيبحث في مدينة مجاورة عن كتب فقيرة، ليلتحم في ما بعد بثقافة العاصمة، ويكون همه الأساسي تكوين أرفف يغلب عليها كتب الأدب من قصة وشعر ومجلات وترجمات، طوال الوقت والمكتبة أمامك تلوذ بصفوفها بحثاً عما يشغلك، وعما يعينك على الفهم والإدراك، وتبحث فيها عن روحك وإنسانيتك، وكيفية إيجاد صيغ عن جماعتك التي تنتمي إليها . * من أين كنت تحصل على الكتب؟ - هناك مدن ومناطق جمعت منها هذه المكتبة مثل سور الأزبكية القديم، الذي كان كائنا بجوار دار الأوبرا القديمة التي احترقت، وأنشئ مكانها "جراج سيارات"، وتأتي مرحلة تنتقي فيها الكتب لتصير جزءاً من تكوينك، ومن حياتك، وتسير معك حتى النهاية . * هل من كتاب كان له تأثير في دخولك إلى عالم الأدب؟ - خارج كتب الإنشاء في المدرسة، كان أحد أقاربي مدرساً، وكانت له علاقة بالثقافة، أعطاني ذات يوم ملخصاً لكتاب "ألف ليلة وليلة" فكان الهذيان الأول وارتباك الروح، وإدراك أن الحياة بها أشياء أخرى، من هنا بدأ الوعي يتعرف إلى السحر والخرافة والأسطورة وعشرات الحكايات التي تكون العدة الأولى التي تكتب بها كل كتاباتك، وهذا من غرائب الكتب، أن تقرأ هذا الكتاب ثم يلازمك طول العمر، وهذا يتأتى من أهمية الكتاب وخلوده، فبنية الكتاب مصرية والسرد مصري واللغة عامية مصرية، هو كتاب الخيال العظيم الذي جعل أمثال بورخيس وماركيز وأغلب كتاب أمريكا اللاتينية يتخذون منه منهج حياة، فهو كتاب في التجريب وصناعة النصوص الحداثية، راجع "دون كيخوتة" لترى مدى استفادته من هذا الخيال المجنح الموجود في "ألف ليلة وليلة" . * هل تغيرت ملامح مكتبتك الآن عما كانت عليه؟ - تتغير المكتبة بتغير وعيك، عندما تهتم بالأدب الروسي تجد غوركي وتشيخوف وبوشكين، وعندما تهتم بالأدب الأمريكي تبحث عن شتاينبك وهيمنغواي، إلى أن تعثر على كتب من أمريكا اللاتينية، الآن أنا مشغول بالكتب اليابانية، هم يسهمون بخيال إنساني جديد، رغم أن الخيال اللاتيني مؤسس، لكن اليابانيين ابتكروا خيالاً جديداً، مثل الكاتبة "شيموتي" حيث الاقتراب من حميمية الروح الإنسانية والبحث في ما يكتبونه عن سؤال التوافق مع عصرهم الإنتاجي والإنساني، وإيجاد مساحة للتعاطف، لكن مازال كتّاب أمريكا اللاتينية يغوصون في الأسطورة للإجابة عن أسئلة الإنسان، وهذا في اعتقادي جوهر تألقهم . * هل تميل إلى المكتبة الرقمية؟ - نحن أبناء الورق، لا تهزنا التكنولوجيا، أقرأ على الكمبيوتر الصحف، لكنني لا أقرأ عليه نصاً أدبياً، نحن تربينا على لون الورق، ومشغولون بزماننا، نطرح من خلاله سؤالنا على الدنيا . الخليج الامارتية