مواضيع ذات صلة داود البصري مع نهاية العام الحالي ودخول الثورة الشعبية السورية عامها الثالث وسط انتصارات ميدانية يسجلها الثوار وإندحارات مخزية لجيش الزمرة الإرهابية في دمشق، وفي خضم التضحيات الدموية الرهيبة التي يقدمها الشعب السوري الثائر في ثورته المقدسة من أجل الحرية والعزة والكرامة والتخلص من الفاشية العائلية يبدو أن لرئيس النظام السوري بشار الأسد خيار وحيد لا محيص عنه وهو يقود إدارة سلطوية وقمعية بشعة تمثلت في إصرار سيادته اللامتناهي على كسب معركة تحطيم رؤوس السوريين حتى النهاية! ففي تصريحات سابقة له أكد أن لاخيار لنظامه سوى الإنتصار! وقد أفرط في التفاؤل حتى أنه أعلن نهاية الأحداث وسيطرة جماعته!، وترجمة هذا التصريح لاتحتاج الى عبقرية فذة ولا لتجليات كهنوتية غامضة، بل أن سيادة الرئيس المتفائل جدا بحكمته الدموية ونبوغه الستراتيجي كان واضحا وشفافا ومعبرا عن آيديولوجية نظامه العائلي المغلق وهي القمع المفرط حتى إنقطاع النفس !، والدم حتى الركاب ! والموت الزؤام بكل أصناف الأسلحة حتى غير التقليدية لكل من يشذ عن القطيع ويرفض الإستعباد والهيمنة، أي أن سيادته قد أعلنها حربا ساخنة وصريحة وبما يعني بأن جهود المنتظم الدولي وجامعة العرب مجرد مضيعة للوقت وللجهود ولمزيد من الأرواح البريئة الطاهرة التي تشكو ظلامتها لرب العباد، فنظام القتلة في الشام كسابقية من أنظمة القمع والموت لا يتعظ وليس على إستعداد للإتعاظ أبدا، كما أنه ليس قابلا للإصلاح أو التعديل أوحتى الإعتذار! فضلا عن اللصق وإعادة التأهيل ? ويبدو أن رفض الاتعاظ من مصائر الفاشيين السابقين هو لعنة مسلطة على رؤوس الأنظمة الفاشية التي لا تنتهي إلا وفق سيناريوهات تراجيدية ومأساوية كان يمكن تجنبها بكل تكاليفها وتداعياتها مبكرا فيما لو إتعظ الطغاة، ولكن هيهات أن يفعلون! فالنظام السوري وهو يمعن في قتل الأبرياء ويحاول تخليد وحماية عرش سلطوي إنتهت أيامه ودالت دولته لا يقرأ التاريخ ولا يحسب حساب المتغيرات وهو بالتالي لايقيم وزنا ولا إحتراما لدماء الشعب الذي يحكمه ولا حرمة لأرواحه وهو يبحث عن إنتصار تاريخي مزيف على شعبه، لقد بات واضحا أن الجهود الدولية والعربية لإحتواء الأزمة السورية والوصول الى حل توافقي قد باءت بالفشل الكامل والمريع والمعروف والمشخص مسبقا، وإن النظام السوري الذي أدمن الإرهاب والقمع الشامل عبر تاريخه الإجرامي الطويل لايمكن أن يبدل سيرته وأسلوب تعامله في إدارة الأزمة الداخلية لأن ذلك معناه نهايته الحتمية المقرفة وهي نهاية ستحل في خاتمة المطاف ولن تختلف أبدا عن نهايات الطغاة العرب منهم والأجانب كالقذافي أو صدام أو تشاوشيسكو أو غيرهم من العتاة والمجرمين، وإصرار النظام السوري على تجاهل النداءات العربية والدولية ومحاولته كسر إرادة الثوار عبر الحل العسكري والقمعي أدى في النهاية الى إغلاق جميع طرق الحلول السلمية أو المعالجات الحوارية لأن لامعنى لأي حوار مع من يحاول فرض واقع عسكري وأمني قسري ثبت فشله ولم يعد صالحا لإدارة الأزمة في العصر الراهن، فسورية تحولت ساحة خراب مطلق ومنطقة عسكرية صرف وباتت كل خيارات التدمير الشامل متجسدة في ظل حالة غير مسبوقة من التخبط الدولي. من الواضح إن الجامعة العربية قد اعلنت الفشل التام وبالتالي فإن الكرة في ملعب الدول الكبرى لتتخذ اجراءاتها لحماية الشعب السوري وهو مطلب القطاع الأكبر من السوريين بدءا من الإئتلاف الوطني وليس إنتهاء بمواقف أطراف قيادية وشخصيات أخرى في المعارضة السورية أو المجالس العسكرية التي ظهرت لقيادة الثورة ميدانيا وتوجيهها وفقا لنهاياتها وخططها المرسومة. الأمر المؤكد هو أن العرب لا يمتلكون حلولا سحرية لأزمات الواقع السوري ولكنهم أيضا لايمكن لهم أن يصمتوا وهم يرون توسع مساحات الموت المجاني في سورية وإصرار النظام على أسلوب الإبادة الشاملة ووفقا لأساليب عام 1982 في حماة والذي بات يعتبر لعبة أطفال مقارنة بالجرائم الشنيعة لنظام بشار رغم تغير العالم وجميع المعادلات الدولية، وهو اليوم يواجه إستحقاقات وعواصف التغيير بأدوات قديمة ومستهلكة وبائسة ستؤدي في النظام الى الحضيض. قد ينجح النظام في قتل آلاف مؤلفة جديدة من أحرار الشام، وقد ينجح في جمع عصابات "حزب الله" اللبناني والحرس الثوري الإرهابي وحزب الدعوة الإرهابي العراقي تحت إبطه، ولكنه لن يقلت أبدا في النهاية من عقاب الشعب السوري ومن إرادة ومشيئة الثوار في الشام الذين قلبوا كل المعادلات الدولية والإقليمية بأرادتهم الجبارة وعزمهم الثابت وشجاعتهم الأسطورية، والإنتصار الذي يبحث عنه بشار ليس على الصهيونية الدولية وليس على محتلي الأرض وإنما على أبطال الشام الذين يصنعون اليوم تاريخا جديدا للمجد والحرية والكرامة في الشرق القديم بأسره، نعم من حق الرئيس بشار أن يحدد خياراته وقراراته ومصيره أيضا ولكن ليس من حقه أبدا تحديد خيارات ملايين السوريين الأحرار التي أجمعت على تغيير الواقع الفاسد وملاحقة المجرمين، وإنهاء الفاشية العائلية بشكلها الثوري الرث والمزيف، من حق أحرار الشام إمتلاك زمام المبادرة وكسر التحالف البعثي الصفوي الطائفي المهلك والذي سيكون رد السوريين عليه ردا تاريخيا مزلزلا سيلحق الهزيمة الشاملة به وبرموزه، لقد حدد شعب سورية الحرة خياراته النهائية وهو لاينتظر رأي الجامعة العربية ولا الدول الكبرى، فأحرار الشام أدرى بشعابها، وهم بالتالي من سيطرز وجه المنطقة بنصر أغر إقتربت بوادره ولاحت بشائره، وماعلى الفاشيين إلا تدبير خطة للهروب أو مواجهة الخيار الشعبي وهو لو تعلمون خيار عظيم، والعاقبة للأحرار. * كاتب عراقي [email protected]