محمد سالم سعيد شاءت الأقدار أن نتعرف على بعض في العام 1993م ,حينها كنا نواصل دراسة الدبلوم التمهيدي للماجستير بكلية التربية قسم اللغة الانجليزية بجامعة صنعاء , ارتبطنا ببعض وكنا إخوة ..زملاء ...أصدقاء .... وطيلة السنة والنصف وهي مدة الدراسة لا نفترق عن بعض إلا وقت النوم ... عرفته إنسان صادق ووفي , يبهرك بتصرفاته مما يجعلك تعتقد انه ليس من أبناء صنعاء , أو لنقل بكل وضوح انه ليس من أبناء المحافظات الشمالية . افترقنا بعد انتهاء الدراسة لمدة حولين كاملين وشاءت الأقدار مرة أخرى أن نلتقي ببعض وفي غرفة المحاضرات أيضا , ولكن هذه المرة في كلية الإعلام بجامعة صنعاء حيث التحقت بدراسة الدبلوم في هذه الكلية ( كلية الإعلام ) قسم العلاقات العامة , ومن حسن الصدف كان هو أيضا , لقد كان نفس الشخص الذي عرفته أول مرة , نفس الأخلاق .... الرقي في معاملة الآخرين وبنفس الروح الطيبة الخالية من الحقد والحسد والتسلط وفرض منطق القوه . أكملنا دراستنا وافترقنا ولكن هذه المرة كان فراق دام ما يقارب 16 ستة عشر عاما بالتمام والكمال . شاءت الأقدار مرة ثالثة أن نلتقي ولكن ليس في قاعة المحاضرات وإنما في مكتبة الفاخر بأحد الوزارات في العاصمة صنعاء حيث يعمل بمنصب كبير والدخول إليه ليس بكل بساطة أو سهوله وإنما عبر مكتب السكرتيرة الخاصة ,والحقيقة إنني تفاجئت بما وصل إليه زميل دراستي هذا !!! باختصار قدمت نفسي للسكرتيرة وسرعان ما أخبرته وأخذت الإذن بالسماح لي بالدخول , ما أن دخلت حتى نهض من مقعده واستقبلني مرحبا بي فبادلته نفس الترحيب ... فاجئني بالقول ايش أخبار الحراك الجنوبي , فقلت له انه فصيل من الفصائل التي تطالب بفك الارتباط عنكم ... فنظر إلي قائلا بكل سخرية وهل تعتقد إننا سوف نفرط في الجنوب بكل سهوله ؟ وأردف قائلا نحن من انتشلناكم من اضطهاد الحزب الاشتراكي .... نحن من أدخلنا في محافظاتكم الطرق المعبدة ... نحن من جعلناكم تستخدمون الهواتف المحمولة .... نحن من جعلنا لكم قيمه .... والآن تطالبوا بالانفصال ؟ نجوم السماء اقرب إليكم من حبل الوريد , لن نفرط في الجنوب ولو على جثثنا ... الحقيقة أصابتني الصدمة لما سمعت , هذا الشخص الذي كان في يوم من الأيام يقول لي ويرددها دائما ( لماذا وافقتكم على دخول الوحدة , إنكم تحفرون قبوركم بأيديكم , هذا شعب أحمد من الصعب أن تتأقلموا معه , شعب مكون من مجموعة قبائل همها الأول والأخير الزلط ) ..... لا اخفي عليكم لقد أصبت بذهول وقلت له سبحانه مغير الأحوال بالأمس تقول كلام واليوم اسمع منك كلام غير , فرد علي قائلا لقد عمدنا الوحدة بالدم في عام 1994م ولدينا المزيد من الدماء لكي نبقيكم معنا هذا أولا , أما ثانيا فنحن أعدنا الفرع للأصل وكل شيء انتهى . ما أن أكمل كلامه حتى نهضت من على الكرسي وقلت له إنكم لن تستطيعون مع شعب الجنوب صبرا , إنها إرادة شعب اضطهدتموه ونهبتم أمواله وموارده وجعلتم شبابه على ارصفه الطرقات فأما أمساك بمعروف أو تسريح بإحسان أيها الزميل العزيز والأيام بيننا , عندها غادرت مكتبه وأنا اردد قول الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَدَر وَلا بُدَّ لِلَّيْلِ أنْ يَنْجَلِي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِر وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَاةِ تَبَخَّرَ في جَوِّهَا وَانْدَثَر فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْهُ الْحَيَاةُ مِنْ صَفْعَةِ العَدَم المُنْتَصِر كَذلِكَ قَالَتْ لِيَ الكَائِنَاتُ وَحَدّثَني رُوحُهَا المُسْتَتِر وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر إذَا مَا طَمَحْتُ إلِى غَايَةٍ رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُورَ الشِّعَابِ وَلا كُبَّةَ اللَّهَبِ المُسْتَعِر وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَالِ يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَر فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَابِ وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر وَأَطْرَقْتُ ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَر الحضرمي اليوم الحضرمي اليوم