| محبوب اليوسفي : التوسع في زراعة القات وتعدد وتنوع أضراره على مستوى حياة الأفراد والأسر، بالإضافة إلى الخطر المتزايد على موارد المياه بسبب هذه الشجرة جعل خطرها ماثلاً في واقع الأمن الغذائي في البلاد.. ويرتسم السؤال حول البداية لتنفيذ معالجات حقيقية علمية ومستوعبة لظروف المزارعين المعتمدين التوسع في زراعة شجرة.. وأشارت استراتيجية وزارة الزراعة إلى بعض المبررات لانتشار القات على حساب الغذاء منذ عقد السبعينيات، الأمر الذي يوضح وجود وعي حقيقي بمشكلة القات فكان إنشاء المركز الوطني للحد من أضرار القات خطوة جيدة إلى الأمام فرضتها طبيعة المشكلة. الحد من التوسع م. محمد عبدالباري العريقي مدير عام المركز الوطني للحد من أضرار القات تحدث عن المشكلة انطلاقاً من الهدف العام للمركز قلائلاً: الهدف العام هو الحد من التوسع في زراعة القات، وأضراره الزراعية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والنفسية، والبيئية، والمائية. وأضاف: ويتجلى الوضع الراهن لمشكلة القات وانعكاساتها السلبية على الأمن الغذائي من خلال الزيادة المستمرة في زراعته على حساب المحاصيل الغذائية "الحبوب والبقوليات" بما يشكل خطراً حقيقياً لواقع الأمن الغذائي في بلادنا.. حيث أصبح القات يحوز المرتبة الأولى بين تصنيف المحاصيل الزراعية الأخرى، إذ صار يمثل أكثر من "50"% من مساحة المحاصيل الزراعية، كما أنه يستنزف حوالي "81"% من مياه الري من المخزون المائي في الأراضي المزروعة بشجرة القات وهو ما يعادل "1.200" ملياراً ومائتي مليون لتر مكعب في السنة بنسبة "49"% من إجمالي الموارد المائية الغير متجددة، ناهيك عن الاستخدام غير السليم للمبيدات ما يسبب أضراراً صحية للمستهلك، وعلى هذا الأساس أصبح من الضروري بأن يقوم الجانب الحكومي بدوره في مواجهة هذه المخاطر، وتمخض عن ذلك إنشاء المركز الوطني للحد من أضرار القات والذي يتبع وزارة الزراعة والري مباشرة، ورغم أن المركز قيد الإنشاء إلا أن لديه رؤية مستقبلية ستوصله إلى الهدف العام الذي أنشئ من أجله، وأهداف وأولويات على رأسها قيام المركز بإعداد استراتيجية وطنية للحد من زراعة القات، والحد من أضراره بحيث تكون واضحة الأهداف من كافة النواحي البيئية، والاقتصادية، والصحية، بما يكفل الحفاظ على الثروة المائية في بلادنا بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة. قاعدة بيانات وعن مدى الاستعداد لما تفرضه تعقيدات مشكلة القات من إمكانيات المركز قال العريقي: المركز نشأ في أكتوبر 2010م وتجمد نشاطه بسبب عدم توفر الإمكانيات، وفي أغسطس 2013م عينت مديراً عاماً للمركز، وبدأ النشاط وأصبح لدينا مقر ووضعنا لائحة بمهام المركز، ولأن الأهداف "قصيرة متوسطة بعيدة المدى"، فكان الجانب التدريبي أولوية في الوضع الراهن والعمل على تأسيس قاعدة معلومات تشمل كل ما يتعلق بشجرة القات، وبما يخدم الهدف الأساسي، وهو الحد من أضرار القات والهدف القريب الحد من أضراره الاقتصادية، والاجتماعية، والنفسية والصحية عموماً، والبيئية، والمائية، فالانعكاسات السلبية لإهدار موارد المياه في ري القات مشكلة أساسية، ولدينا الآن قاعدة بيانات ستكون مصدراً رئيسياً للمعلومات عن القات وأضراره، يحتاجها صناع القرار والباحثون والمهتمون، ونسعى إلى التوسع في المهام المناطة بالمركز متى توفرت الإمكانيات المطلوبة، ونأمل من قيادة الوزارة الاستجابة لتحديد الإمكانيات لضمان قيام المركز بمهامه على الوجه المتفق عليه. صعوبات وبخصوص الصعوبات المعيقة قال مدير عام المركز الوطني للحد من أضرار القات: الصعوبات لا تزال، وهي من سمات البدايات في عمل كبير، فمشكلة القات، مشكلة أساسية وفي الظروف الراهنة التنسيق مهم مع منظمات المجتمع المدني من أجل ممارسة ضغوط من أسفل إلى أعلى بهدف تفعيل إرادة في اتجاه الحد من أضرار القات، وهو ما يتطلب توعية حقيقة، فبدون ممارسة ضغوط على صناع القرار فيما يخص أضرار القات نكون كمن يحرث في البحر. مستهدفون بالتوعية وبشأن المستهدفين بالتوعية قال العريفي: المجموعات المستهدفة هي الجمعيات الزراعية، وجمعيات مستخدمي المياه في الريف، ولابد أن يعي هؤلاء حقيقة المشكلة، كما أن أعضاء المجالس المحلية سواء الآن أو في إطار الأقاليم لاحقاً مستهدفون، إلى جانب التنسيق والتعاون مع الجهات ذات العلاقة من أجل تفعيل القوانين النافذة وما سيستجد من تشريعات. وعن منع القات في الدوائر الحكومية عبر مدير عام المركز الوطني عن ارتياحه للإجراءات التي اتخذها وزير الداخلية بمنع تناول القات أثناء الدوام الرسمي.. معتبراً إياها بادرة طيبة سبق الأخذ بها أثر المؤتمر الأول للقات الذي منع القات في الأجهزة الحكومية، ومعسكرات الجيش، والأمن.. مؤملاً أن يأتي المؤتمر الثاني وقد تطور. من ناحيته د. محمد المروني مدير عام الإرشاد الزراعي والمتخصص في شجرة القات والذي نفذ دراسة ميدانية شملت ست محافظات مشهورة بزراعة القات توصل من خلالها إلى قناعات دافع عنها في إطار الوزارة انطلاقاً من أن المزارعين يزرعون القات متعمدين وهم لا يحتاجون نصحاً وإرشاداً بشأن آثار المشكلة بقدر ما يحتاج مستهلكي القات إلى توعية مستمرة حول محصول القات، بحيث يعرفون حقيقة ما يستهلكون بما ينطوي عليه تعاطي القات من أسباب التعرض لأمراض بسبب سوء استخدام المبيدات لزيادة محصول القات، إلى جانب التوعية بالآثار النفسية لمحدودي الدخل جراء تعاطي القات. والأمر الثاني أن الحفاظ على موارد المياه وترشيد الاستهلاك يهم الناس جميعاً وجذر المشكلة مرتبط باستنزاف المياه لري القات. إرشاد وعن دور إدارة الإرشاد قال: د. محمد المروني: لدينا عمل مهم هو عبارة عن فلم وثائقي إرشادي يستهدف المستهلك برسائل تعرفه عن ماهية الأمراض والمخاطر الصحية التي ينبغي الحذر منها كمستهلك.. فالمستهلك هو الأهم ويحتاج للتوعية ليكون له الخيار في العزوف عن تعاطي القات والاستمرار، وتحمل النبهات، إلا إذا وجد قرار سياسي على أرضية يسودها الاعتراف بحجم مشكلة القات كنبتة تحتل المساحة الزراعية على حساب المحاصيل الغذائية منافساً إياها حتى في مناطق الزراعة المطرية. وأضاف المروني: زمان كان القات يقطف بعد مطرة واحدة ومرة في السنة، الآن أربع قطفات في السنة مع سوء استخدام المبيدات، وفي بعض المناطق أكثر من "4" قطفات اعتماداً على المياه الجوفية. هذه الزيادة والزحف على الأراضي الزراعية يعني نمواً سريعاً للقات، وتراجع في إنتاج الذرة الرفيعة والشامية، ونقص الإعلاف وتخلي عن تربية الماشية واعتماد على المستورد من الخارج. وقال المروني: ومن خصائص شجرة القات تحمل الجفاف مقارنة بالبن أو محاصيل أخرى، وإذا قل الطلب في السوق لا يخسر مزارع القات سوى قطفة واحدة، بينما يخسر مزارعو المانجو أو الطماطم مثلاً موسماً لعدم وجود أسواق مجهزة بوسائل الحفظ، والتعليب، والتعبئة لحفظ الفائض دون خسارة المزارع.. بينما القات نادراً ما يرخص مع زيادة الطلب وظهور عادات غريبة لدى الشباب وحتى الكهول وهي عادة تعاطي القات لساعات أطول بعد الظهر والمساء والليل، هذه قضايا ليست بسيطة وعادات تشجع على انتشار زراعة القات لرواج المحصول، والعائد الكبير لزراعته والسوق المضمون دائماً، وإذا هبط سعر القات يستطيع المزارع أن يؤجل قطف المحصول. د. محمد المروني: يرى أن التركيز على مشكلة وأضرار القات أهم من أي وقت مضى، حيث انتشار تعاطيه وإدمانه على نطاق واسع بين صغار السن، وتأثيره الملحوظ على مستوى طموح المتعاطين وهروبهم من الدراسة إلى العمل ليس إلا لتوفير حق القات، وظهور الآثار لدى هؤلاء، فالشباب في عمر 25سنة يبدو كأنه بسن ال«50» سنة لتعوده التدخين والمشروبات المصاحبة للقات.. لذا ينبغي أن يصحو أبناء هذا الوطن صحوة حقيقية، ولابد من دروس مستفادة من تجارب الماضي القريب على مستوى تنظيم تعاطي القات وأخذ عبرة من تجربة الصين في القضاء على المخدرات بسن عقوبة الإعدام لمن يتاجر أو يتعاطى في ظل الثورة الثقافية التي أدت إلى ثورة خضراء، ثم إلى ثورة صناعية، واليوم تورد لنا كل ما نستطيع استيراده. وأضاف المروني: هذا للتذكير وليس دعوة لحلول وإجراءات متطرفة، فقط التعرف كيف أن الأوروبيين صرخوا محتجين ضد سيادية "ماوتسي توبخ" لأنهم كانوا مستفيدين من تجارة المخدرات وعائداتها. واختتم د. محمد المروني مدير عام الإرشاد الزراعي: نريد قراراً حاسماً، ولكن الحاصل أن القات يحضر في الاجتماعات وجلسات ينتج عنها قرارات، ولا يجب أن نقلل من مشكلة نقص الغذاء، وزيادة حجم الواردات الغذائية، أو نتجاهل حقيقة أن استراتيجية إنتاج الحبوب كماً ونوعاً ضربت لأن المنتج المحلي من القمح مثلاً عالي التكلفة وقيمته في السوق أعلى. أما نتائج زراعة المحاصيل البديلة عن القات كاللوز مثلاً في بني مطر أو حراز وحجة فمبشرة، لأن قيمة الكيلو جرام من اللوز في السوق تتراوح بين "1213" ألف ريال، وإن كان قد امتنع مزارعون عن زراعة بدائل، فالهدف الهام للمزارعين، بل وكل أبناء اليمن ينبغي أن يكون في اتجاه المبادرة للأخذ ببدائل للقات حتى نصل إلى منظومة متكاملة لمكافحته بعد الحد من التوسع في زراعته. الحضرمي اليوم الحضرمي اليوم