أفق آخر فوبياستالينية ابحث في اسم الكاتب تاريخ النشر: 10/05/2014 لو كان مُتاحاً للبشر أن يحذفوا ما يشاؤون من التاريخ أو من ذاكرتهم لاستراحوا وأراحوا، لكن ذلك غير مُتاح لأحد لأن ما قد حدث . . حدث وماء النهر لا يعبر مرتين كمال قال هراقليطس، كما أن الأنهار لا تعود إلى منابعها حتى لو لم تجد المصب المناسب . آخر محاولات الحذف، يجري في جورجيامسقط رأس ستالين أو الرجل الحديدي الذي اقترن اسمه بالطغيان والنظام التوتالي، إضافة إلى الرقابة المتعسفة التي عهد بها إلى "جدانوف" الذي أمر شاعراً روسياً بأن يطبع نسختين فقط من ديوانه لأنه مكرس للحب، نسخة له والأخرى للمرأة التي كتب عنها . لكن ستالين لا يختزل إلى هذا البُعد فقط فهو سيرة معقدة وشخصية إشكالية كُتبَ عنه الكثير، لكن أشهر ما كتب عنه هو المجلد الضخم لإسحق دوتيشر . فثمة من يرون فيه محارباً ومدافعاً عن بلاده ضد التمدد النازي، وهناك من يضيفون إلى صفاته فقه اللغة الذي كتب فيه إضافة إلى آخرين يرون أنه رفض مقايضة قراره الوطني بابنه الذي كان أسيراً . وأخطر ما في محاكمات التاريخ لشخصيات من هذا الطراز هو إخضاعها للرغائب والإسقاطات السياسية والإيديولوجية، لكن الحصيلة أخيراً هي نمذجة الشخصية أو تنميطها مقابل إقصائها والنفور من مجرد التفكير بأنها قابلة للتكرار . في جيورجيا الآن هناك توجه لنتف ريش الطاووس، وإعادته إلى حجمه كما يقول بعض الرسميين، لكن هذا لم يمنع مواطناً عادياً من إقامة متحف صغير لستالين في منزله تخليداً لذكراه، تماماً كما فعلت فنانة "سلويت" روسية كانت تبحث في شارع أرباط بموسكو عمن يشبهون ستالين وترسمهم مجاناً . إن أمثال هؤلاء متعددون، تبعاً لمؤرخيهم ومن يقرأون حياتهم من مقتربات متباينة تصل أحياناً حد التناقض . فالمسافة ليست ثابتة بين الديكتاتور والبطل القومي لأنه ما من إجماع حول إحدى الصفتين خصوصاً بالنسبة لزعماء من طراز ستالين . وما يفعله الجورجيون الآن كمحاولة لحذف ستالين من الذاكرة ليس المرة الأولى، فبعد رحيله طالب بعض الروس الراديكاليين بتدمير كل منجزات ستالين ومنهم من حاول خلع السكك الحديدية . إنها ردود أفعال: قد تتسم بالمبالغة والعنف، وقد تكون تعبيراً عن رفض تكرار التجارب المريرة في حياة الشعوب . لكن التاريخ لا يعبأ بالرغائب ولا يقبل بأن تجرى له جراحات تستأصل غير المرغوب فيهم، ولو كان كذلك لما تذكرنا كاليغولا ونيرون وبقية السلالة!! خيري منصور الخليج الامارتية