بقلم/سالم عمر مسهور مقدمة الاستطاعة والإرادة والمعرفة.....ثلاث كلماتٍ تقود العالم فيكتور هوجو فيما كان الجيش اليمني يفتعل معركته المجنونة بعد أن مرت مليونية 27 ابريل 2014م لتحرق مشروعات الوهم وتكتب حقيقة الإرادة الجنوبية وتحدد الهوية ، كان على العالم ان ينصت لحديث الشيخ صالح بن فريد العولقي عندما كانت قناة العربية تنقله قائلا : " نحن لسنا مع القاعدة ولسنا مع الحكومة ولكننا ضد ان يتم تحويل أرضنا إلى ساحة لتصفية الحسابات وممارسة الأعمال العدوانية ضد أهلنا .. فالحكومة تقوم بإرسال طيارين لا يفقهون شيء ليقومون بقصف مناطق آهلة بالسكان" .. أبا الأمة الجنوبية.. تحتاج الأمم والشعوب إلى رجالات يحملون الأوطان على ظهورهم ويتجاوزن بها الملمات والكوارث .. ففي حياة الأمم والشعوب والأوطان حكايات وروايات تبقى لتسردها الأجيال وتتفاخر بها كلما استعادة سرد تاريخها .. شيخ مجيب الرحمن مؤسس دولة بنغلادش تزعم "حزب عوامي" في العام 1966م وحدد ست نقاط كانت خارطة طريق استقلال بلاد البنغال , فعمل مجيب الرحمن من خلال الانتخابات الباكستانية وثابر فيها وحصل على الأغلبية في 1970م ونجح في تمرير مشروعه الحلم على سكة الفعل السياسي والذي انتهى باستقلال دولة بنغلادش لتظهر دولة بين دولتين كبيرتين هما الهندوباكستان .. وهكذا سمي ( أبا الأمّه ) فهو الذي دعا الشعب إلى إضراب عام رضخت بموجبه باكستان وتحقق التحرير والاستقلال لوطنه .. معاناة الجنوب العربي بدأت في واقعها منذ الثلاثين من نوفمبر 1967م فهذا التاريخ حمل في مضمونه الخطأ الكبير والمفصل الحاد الذي تجاوز الجنوب العربي إلى عموم شبة الجزيرة العربية عندما قامت الدولة الخطأ .. في المكان الخطأ .. في التوقيت الخاطىء ، وما حملته تلك الدولة من الخطايا هي طامة لا يمكننا ونحن على مسافة نصف قرن منها تقريباً إلا أن نجتهد طوعاً وكُرهاً في تجاوزها وإلا فأننا سنبقى مكبلين بتلك الخطايا نلوكها بألسنتنا .. ونمررها لأجيالنا من بعدنا .. في 18 يونيو 2012م تم إشهار ( تيار مثقفون من أجل جنوب جديد ) وكان السؤال العريض منذ ذلك اليوم كيف يمكن للنخب الثقافية الوطنية أن تتناغم مع التشكيل المتداخل في وطن محموم موجوع مصاب بكل الأسقام معاً ، سياسياً وقبلياً ومناطقياً واجتماعياً لدرجة أن العراك وصل إلى النخب الثقافية الجنوبية ، فلم يسلم أحد في الداخل والمهجر من كوارث بدأت ولم تنتهي ، ففي سلسلة التاريخ الذي يتجاوز العام 1967م هنالك معضلة لابد أن نعترف بها وهي أننا نعيش الماضي ولا نعرف كيف نعيش اللحظة السياسية الراهنة التي هي منّ تشكل المستقبل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي ، في هذه المعضلة نحتاج حقيقة إلى قوة خاصة في هذا التوقيت لنراهن على المستقبل ، لقد سئمنا من جرجرة التواريخ المجروحة والمقتولة والمنحورة ، تواريخ لم تنتج يوماً غير البؤس والشقاء ، صراعاتنا القبلية كصراعاتنا المذهبية كصراعاتنا على قطعة أرض في أقصى الصحراء لا تنتج غير مزيد من العبوس والنكد والبغض لأنفسنا ونورثها لأولادنا من بعدنا .. قدم تيار مثقفون من أجل جنوب جديد مبادرته السياسية وبقي التحدي في الشخصية القادرة على تحقيق المبادرة لتخرج للواقع خلال الشخصية التي تملك موهبة تفكيك العقد الجنوبية كلها ، وكان أن اهتدت النخب الوطنية إلى شخصية متفردة في فسيفساء الجنوب العربي ، تم اختيار الشيخ صالح بن فريد العولقي رئيساً للجنة التحضيرية التي كان عليها أن تقدم للجنوبيين خارطة طريق لأجل الوطن الجديد ، وعليها أن تتجاوز مرحلة التيه ، وعليها أن تضع حداً للوجع ، وعليها هموم كل الوطن ، وكان على أبا الأمة الجنوبية ان يكون في هذا المقام ، وأن يبدأ مشوار طويل ، فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم .. بن فريد .. أباً لجنوب جديد كتب نجيب محمد يابلي لصحيفة الأيام العدنية : " تلقى الشخ صالح بن فريد العولقي كل مراحل دراسته في عدن بدءا بدراسته الابتدائية التي انتهت عام 1957م والمتوسطة التي انتهت عام 1960م والثانوية التي انتهت عام 1964م، وليس كما يزعم بعض السفهاء أن لاعلاقة له بعدن " وواصل الأستاذ يابلي " كانت بريطانيا قد قررت انسحابها من اتحاد الجنوب العربي fedration of south arabia في مطلع العام 1968م وقررت حكومة الاتحاد ضم 4 كتائب تابعة للحرس الوطني الاتحادي FNG إلى الجيش النظامي الاتحادي FRA ليكون قوام الجيش الجديد، وكان لابد من تأهيل القوى الأمنية لتصبح قوة عسكرية من حيث الوظيفة والتدريب والتسليح فتم استقدام 35 ضابطا وصف ضباط من مختلف كتائب جيش الملكة أو حرس الملكة الخاص بقيادة النقيب بول كوردل CAPTAION PAUL DORLE .. ويواصل يابلي: تم تكليف الشيخ صالح بن فريد مع زملاء آخرين منهم محمد عبدالله سالم بن فريد (ابن عم عبدالله صالح سبعة) وأحمد بن دحة للعمل تحت قيادة القائد البريطاني لاختيار المنطقة المناسبة لتدريب كتائب الحرس الاتحادي بواقع كتيبة واحدة لمدة شهرين ونصف. أمام خيارات عدة تم استطلاعها جوا وبرا، تم اختيار منطقة العند لأنها تحمل التنوع في طبيعتها (أودية وصحراء وجبال عالية) ونصب الشيخ صالح بن فريد مع زملائه المذكورين أول خيمة في منطقة العند وتم إنشاء المعسكر من درجة الصفر " تنتهى. وصل النقيب صالح بن فريد العولقي إلى وطنه بعد أن علم بسقوط العديد من المناطق بيد الجبهة القومية في يوليو 1967م ، وحلت بالجنوب العربي كارثة سياسية تمثلت لاحقاً بإعلان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والتي ادخلت الجنوب العربي في أزمة عاصفة من الانتهاكات ، كل هذا يعني تدميراً لمستقبل أمثال صالح بن فريد العولقي ، ومع ذلك فأن المرحلة الحاضرة هي التي تكشف معادن الرجال الذين عليهم أن يقودوا وطنهم من واقع بؤس خمسة عقود ، فالرجل الذي عليه أن يتجاوز جراح السنين بكل ما فيها من المرارة والعذاب حدد طريقه الواضح بجلاء تام عندما التقى المخلوع علي عبدالله صالح بعد انشقاق اللواء علي محسن الأحمر فقال له : سنعيد براميل الشريجة إلى مكانها وسنعلن آنذاك دولتنا الجنوبية المخطوفة منذ أكثر من عقدين . ذلك لم يكن إلا تأكيداً أن الرجل هو أباً حقيقياً للوطن القادم ، فقد ذهب مسافراً إلى السيد علي سالم البيض في مكان إقامته بالعاصمة اللبنانية بيروت في نوفمبر 2013م كرئيساً للجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع متجاوزاً كل التاريخ الذي عجز عن تجاوزه حلفاء البيض ك حيدر أبوبكر العطاس رئيس وزرائه .. هذه هي الشخصية الوطنية الجامعة التي ترغب بوطن جديد فلا تنظر إلى الماضي بل تنظر إلى مسئوليته تجاه مستقبل أجيال ستأتي ، فالرجل بكل ما في القبلية والعسكرة والسياسة من مضامين تجعله يحجم عن لقاء كهذا اللقاء إلا أنه نجح في اختبار وطني صعب لا يتجاوزه سوى قليل من الرجال الذين يصنعون التاريخ .. وطن .. جديد المهمة التاريخية ليست في وثائق المؤتمر الجنوبي الجامع ، وليست في التنظيرات السياسية الكثيرة ، وليست في كل ما يعتمل من هذا أو من تلك الجهات ، المهمة التاريخية هي في رجال يتجاوزن ما بهم من الألم ، وما يشعرون به من الغضب ، اؤلئك الرجال هم المعنيين دوماً بصناعة الوطن ، وبكتابة التاريخ الجديد لأجيال ستأتي وستكتب عنهم أنهم كانوا في مرحلة الاحتلال صادقين مع أنفسهم ومع شعبهم وهم يتقدمون ناحية المشروع الوطني اليوم يحملون أكفانهم بأيديهم .. ما على الشيخ صالح بن فريد العولقي إلا ان يدرك اللحظة الآنية أن الشعب الجنوبي يدرك ما يُحتمل ويُقدر ما يُعمل من أجل الوطن ، بن فريد الذي ترك من وراءه الذين يفتعلون المشكلات ، والذين يضعون العقبات ، هو ذاته الرجل الذي مازال يصارع من أجل وطن يستحق أن يجيء طاهراً ولن يجيء طاهراً إلا بأمثال الشيخ صالح بن فريد العولقي .. الجنوبية نت