للمرة الرابعة ..اليمن يستهدف عمق الكيان مجددا    بن بريك والملفات العاجلة    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    الجوع يفتك بغزة وجيش الاحتلال يستدعي الاحتياط    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    النائب العليمي يبارك لرئيس الحكومة الجديد ويؤكد وقوف مجلس القيادة إلى جانبه    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    حكومة بن بريك غير شرعية لمخالفة تكليفها المادة 130 من الدستور    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    3 عمليات خلال ساعات.. لا مكان آمن للصهاينة    - اعلامية يمنية تكشف عن قصة رجل تزوج باختين خلال شهرين ولم يطلق احدهما    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    بدعم كويتي وتنفيذ "التواصل للتنمية الإنسانية".. تدشين توزيع 100 حراثة يدوية لصغار المزارعين في سقطرى    قرار جمهوري بتعيين سالم بن بريك رئيساً لمجلس الوزراء خلفا لبن مبارك    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    إنتر ميلان يعلن طبيعة إصابة مارتينيز قبل موقعة برشلونة    اجتماع برئاسة الرباعي يناقش الإجراءات التنفيذية لمقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية    وزير الخارجية يلتقي رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    تدشين التنسيق والقبول بكليات المجتمع والمعاهد الفنية والتقنية الحكومية والأهلية للعام الجامعي 1447ه    أزمة جديدة تواجه ريال مدريد في ضم أرنولد وليفربول يضع شرطين لانتقاله مبكرا    الحقيقة لا غير    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    سيراليون تسجل أكثر من ألف حالة إصابة بجدري القردة    - رئيسةأطباء بلاحدود الفرنسية تصل صنعاء وتلتقي بوزيري الخارجية والصحة واتفاق على ازالة العوائق لها!،    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    الجنوب يُنهش حتى العظم.. وعدن تلفظ أنفاسها الأخيرة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 3 مايو/آيار2025    صنعاء تصدر قرار بحظر تصدير وإعادة تصدير النفط الخام الأمريكي    إصلاح الحديدة ينعى قائد المقاومة التهامية الشيخ الحجري ويشيد بأدواره الوطنية    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    غارات اسرائيلية تستهدف بنى تحتية عسكرية في 4 محافظات سورية    احباط محاولة تهريب 2 كيلو حشيش وكمية من الشبو في عتق    سنتكوم تنشر تسجيلات من على متن فينسون وترومان للتزود بالامدادات والاقلاع لقصف مناطق في اليمن    الفريق السامعي يكشف حجم الاضرار التي تعرض لها ميناء رأس عيسى بعد تجدد القصف الامريكي ويدين استمرار الاستهداف    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة السورية غارقة في تنافس غير منضبط لا تخفيه وحدة الأهداف - إيلاف - إيلاف
نشر في الجنوب ميديا يوم 30 - 12 - 2012

ثمة من يقول إن الديموقراطية في سوريا لن تستقيم في ظل تنافس القيادات الميدانية غير المنضبط، الذي يمكن أن ينقلب إلى فوضى، مثلما هي حال المعارضة السياسية السورية، التي تغرق في بحر من الخلافات بالرغم مما تدّعيه أطرافها من وحدة في المنطلقات والأهداف.
على نفس الصعيد يرى غسان المفلح ان المعارضة السورية مهمتها صياغة الخطوط العريضة وتأمين الدعم لتسليمه لمنظمات المجتمع المدني وليس للتقاتل عليه في الاجتماعات السياسية من أجل تحقيق مكاسب حزبوية أو شخصية, وهذه امور لاتهم الغرب كثيرا, اقصد موضوع تسهيلات دعم اغاثي,ما يهم الغرب هو الحقل السياسي، وكل هذا ادى إلى ما وصلنا إليه من سورنة, كبداية لتعفين الوضعية السورية وتزمينها.
ميشيل كيلو في السفير اللبنانية: فوضى القيادات في المعارضة السورية
ليس هناك ما هو أفضل للحياة الديموقراطية من تنوع التنظيمات والقيادات. ولا تقوم الديموقراطية أصلا على التنظيم الواحد والقائد الواحد والفكرة الواحدة، ولا تعيش إلا في أجواء مفتوحة على التعدد ضمن فضاء يتيح الحركة الحرة لجميع مكوناته الجماعية والفردية، من دون ان تصطدم بعنف او تكون علاقتها عدائية، او أن تسوي خلافاتها بوسائل غير سلمية: حوارية ومتوازنة، على أن ينظم تعاملها داخل هذا الفضاء على أسس وقيم جامعة تلزم الأطراف المشاركة فيها، بما يجعل خططها السياسية قراءات مختلفة لهذه الأسس لا تقوم على إبطال ما هو مشترك فيها، ولا تمنع في الوقت نفسه قراءتها بأوسع قدر ممكن من التفرد والتميز.
لا حياة حرة وديموقراطية من دون تنظيمات متنوعة، تلتزم بالعام والمشترك والمتوافق عليه، وتعرف كيف تقدم قراءات متنوعة ومختلفة لهذا العام والجامع كناظم للعمل العام في المجالات التي تمس بوحدة الوطن: دولة وجماعات مجتمعية. هل تنتفي الديموقراطية بانتفاء الانتخابات الحرة؟ اعتقد أنها لا تنتفي إلا إذا انتفى هذا الفضاء المجتمعي والسياسي المفتوح على التنوع والاختلاف والتفاعل، المنضبط بالسلمية والحوار، برغم انها تبلغ أقصى مداها بفضل الانتخابات الحرة، التي تعبر عن الإرادة العامة وتركيبها في لحظة تاريخية معينة من حياة الجماعة الوطنية، وتشير إلى خياراتها ومواقفها من القضايا المطروحة عليها.
لا تستقيم الديموقراطية في ظل قيادات تعيش حالة تنافس غير منضبط يمكن ان ينقلب في أي وقت إلى فوضى، مثلما هي حال ساحة المعارضة السياسية اليوم، التي تغرق في بحر من الخلافات رغم ما تدّعيه جميع أطرافها من وحدة في المنطلقات والأهداف، وتؤكده حول وجود خلافات محدودة في أساليبها، لكن الغريب انها لا تجد ما يكفي من مشتركات تدفعها إلى اعتماد السلمية والحوار في علاقاتها، والإقرار المتبادل بحق كل منها في تقديم قراءة مختلفة حول ما هو مطروح في الساحة السياسية من قضايا ومسائل ومشكلات، وبضرورة التعامل معه انطلاقا من الإقرار بشرعية وجوده، لأن وجوده ضروري لتشكيل الفضاء المفتوح الذي لا توجد حرية او ديموقراطية بانفتائه.
ما الذي يمكن قوله عن معارضة موحدة الأهداف والمنطلقات والوسائل، لكنها لم تجد بعد ما تتفق عليه رغم مرور قرابة عامين على صراع قاتل يخوضه النظام الحاكم ضد شعبها وضدها؟ وإلى ماذا يجب ان نعزو هذه الظاهرة الغريبة وغير المفهومة او المقبولة، التي تتلخص في عجز قياداتها عن إبداء الاستعداد الضروري للتغلب على خلافاتها او تجاوز ما بينها من خصام وشقاق، مع انه تسبب بكوارث حلت بشعب سوريا، الذي يقدم يومياً نهراً من دمائه، من أجل تصحيح أخطائها وتخطى ما تضعه في طريقه من عقبات ومصاعب، مع أنها لا تقوده إلا من مصيبة إلى أخرى ومن المآسي إلى الكوارث؟
عرفت المعارضة السورية خلافات على مستوى قياداتها لم تتجاوزها حتى في الحالات التي شهدت تحالفات مديدة بين تنظيماتها. هذه الخلافات، جرتها إلى فوضى ضاربة مزقت ما كان بينها من إرادة موحدة، وفرقت صفوفها، التي بقيت متصلة برابط واه وضعيف، مثلما وقع في «التجمع الوطني الديموقراطي السوري»، الذي اعتقلت السلطة ولاحقت أطرافاً منه من دون غيرها، لكن من لم تلاحقهم أحجموا عن إبداء أي قدر جدي من التضامن مع حليفهم الملاحق والمعتقل، كأن إضعاف أحد أطراف التجمع وقمعه لم يكن يضر بهم، او كأنه لا شأن له بشريكهم. وإذا كان من الممكن إعادة هذا الوضع المثير للاستغراب إلى تباين طبيعة التنظيمات، فإن دور فوضى وخلافات القيادات فيه لم يقل أهمية عن دور هذا التباين، إن لم يكن أكثر أهمية منه، فقد تعددت القيادات وتضاربت اراؤها، وشرعت تدين بعضها بعضاً، مع أنها لم تتوقف عن عقد اجتماعات «أخوية» سادها التوجس وغلبت عليها الشكوك المتبادلة، فأي عمل يمكن ان ينجح في ظل قيادات تعمل في أجواء كهذه.
إذا ما انتقلنا إلى الواقع الحالي، وجدنا فوضى القيادات أشد وخلافاتها أسخف مما كانت عليه في أي زمن مضى. بعد ان تحولت علاقات القيادات إلى مجموعة مكائد محكمة، مفعمة بروح الغدر والأقصاء والطعن في الظهر، نتجت اولا عن حسابات متضاربة أشد التضارب، حجبتها عن الأنظار خطابات وحدة، لا قصد منها غير منع الشعب من رؤية الخلافات والاحتجاج عليها او المطالبة بوضع حد لها، ونتجت ثانياً عن تعارض أهداف القادة، الذين تصارعوا بجميع الوسائل والأساليب ونصبوا الأفخاخ بعضهم البعض، وعقدوا تحالفات ضد خصومهم من خارج التحالف القائم بينهم، الذي انقلب بالضرورة الى تحالف صوري لا قيمة له، وقاموا بخطوات ملموسة تحط من مكانة منافسيهم المفترضين وتقيد دورهم باسم الحفاظ على خط سياسي وهمي مشترك، وزاحموا خصومهم داخل المجلس بالاكتاف والمناكب على كل كبيرة وصغيرة، حتى ان اتفاقاً وقعه رئيس المجلس جوبه باحتجاج مكتوب وقعه مئة وستة عشر عضوا من أعضائه ونشروه خلال ست ساعات من التوقيع، فكأنهم كانوا يتربصون به وباتفاقه الدوائر، او كأنهم رتبوا بإتقان للأمر قبل وقوعه، ضاربين عرض الحائط بما كان سلوكهم يعنيه من انتهاك لحقه في احترام توقيعه بصفته رمزا وطنياً لا يجوز لإخوانه في المجلس إهانته، لما يلحقه ذلك من ضرر بالقضية الوطنية برمتها. في هذه الاثناء، كان أعضاء المجلس من الكتلة الإسلامية يحرصون على إصدار بيانات تخالف أقوال الرئيس ومواقفه، في مختلف المسائل التافهة والمهمة، مع ما أحدثه سلوكهم من فوضى في القيادة.
ترجع فوضى قيادات المجلس الى اختيار معظمها من قبل الخارج، وتبعيتها لمؤسسات وهيئات عابرة للوطنية، ذات ارتباط واه بالوطن الذي غابت عنه لفترة طويلة جداً لم تفعل خلالها أي شيء من أجله. كما ترجع الى تدني، وبالأصح انعدام، مستواها الثقافي وتهافت مستواها السياسي، الذي جعلها تعتبر السياسة فاعلية تآمرية ترى الوطن بدلالة المصالح الشخصية ومصالح التنظيم، وتتنكر لأي التزام وطني جامع او طويل المدى تجاه أي طرف او قضية. وترجع، أخيرا، الى تعلقها بالسلطة بوصفها مركز وغاية أي جهد عام، وبالسياسة مفهومة كصراع على السلطة لا يعرف التهاون ولا يقر بوجود صداقات دائمة، لحمته وسداه التمييز بين المواطنين، وإجازة جميع أنواع الأساليب والوسائل التي تتيح تحقيق الهدف الخاص، مهما كانت فاسدة.
لا عجب ان قيادات المجلس عززت فوضى التنظيمات بدل ان تحد منها او تقيدها، واتفقت على ما كانت مختلفة عليه واختلفت على ما اتفقت عليه في آن معاً، وسط علاقات كان من مصلحتها ان تسيطر عليها فوضى البرامج والخطط والأهداف، الموحدة شكلا المتباينة ممارسة ومضموناً إلى درجة التناقض، وتغرق في بحر من التكاذب المتبادل، الذي تمارسه عادة تنظيمات لا تعرف اصول الصراع الديموقراطي، فتتصارع مع «حلفائها» في المعارضة أكثر مما تصارع السلطة، من دون ان تمتنع عن إصدار اعلانات تمويهية تتعهد فيها باحترام الرأي الآخر والموقف المختلف!
تبرز فوضى القيادات من خلال الخطوات التي تصدر عن جهات إسلامية متطرفة، تظن أنها تناضل ضد النظام، مع ان خطها يخدمه تماماً، ويقنع بقية العالم بأنه كان على حق عندما رأى في الثورة السورية مؤامرة إسلامية تهدد دول المنطقة اكثر مما تهدده هو، وزعم انه يدافع عنها اكثر مما يدافع عن نفسه. الغريب، ان هذه الحماقات المتطرفة والتمزيقية لم تلق أي رد فعل جدي من منظمات تدّعي الاعتدال وتطالب بأن تكون مرجعية الشعب، التابع لها، لمجرد انه شعب مسلم، فهل كان سلوكها تعبيراً عن فوضى ضربت أطنابها في المعسكر الإسلامي، ام كان هو الفوضى القيادية التي مزقت صفوف المعارضة، لا لشيء إلا لأن هذه كانت طريقتها في تذكير الشعب بوجودها، ولأنها لم تجد مخططاً أفضل تتبعه غير تمزيق صفوف الشعب وحرق قياداته ورموزه التاريخية، في شهادة جديدة وقاطعة على العجز عن القبول بالآخر والمختلف، رغم «العهدات الوطنية»، التي تشبه المنهاج المرحلي لحزب البعث الأسدي، الذي باسمه قمع السوريون واحتجزت حياتهم السياسية طيلة قرابة نصف قرن، رغم حديثه المتكرر عن «الديموقراطية الشعبية».
لن تخرج المعارضة السورية، ومعها حياة سوريا السياسية، من مأزقها الراهن، ما لم تضع حداً لفوضى قياداتها، التي تلعب دوراً خطيراً في إطالة عمر النظام، وزيادة أعداد الشهداء، وحجب القضية السورية وراء جدران سميكة من الغموض المقلق للسوريين. ولن تبني سوريا نظاماً جديداً في ظل فوضى القيادات الحالية، التي تنتمي إلى ماضي بلادنا السياسي اكثر مما تنتسب إلى حاضرنا القائم، الذي تخطاها وتجاوز احزابها إلى غير رجعة. متى تفهم المعارضة وقيادتها هذه الحقيقة، وتقرر الانسحاب من الشأن العام؟
أخيراً: هل يعقل ان تبقى قيادات المعارضة على ما هي عليه من تمزق وتصارع أحمق، وأن يكون هناك هذا العدد الهائل من قيادات لا عمل لها إلا الشغل ببعضها وبقضية الحرية المقدسة، بينما لا توجد اية قيادة حقيقية على مستوى المجتمع ذاته، رغم ما ضحى الشعب به من بناته وأبنائه على درب حريته، الذي تفرشه بالأشواك قيادات تدّعي بأصوات صاخبة تمثيله والنطق باسمه؟
غسان المفلح في السياسةالكويتية: السورنة وتعفين الثورة
بعد أقل من سنتين على انطلاق الثورة السورية التي غيرت المشهد الدولي والاقليمي برمته, كما سترتب عليها أيضا نتائج تثبت هذه التغيرات التي لاتزال جارية على الارض. عدد شهداء الثورة الذين استشهدوا دفاعا عن كرامة هذا الشعب والموثقين 46767 شهيداً في 648 يوماً حتى تاريخ 24/12/2012 إضافة إلى عدد المعتقلين خلال الثورة البالغ 194 ألف مواطن سوري, بينهم 9 آلاف معتقل دون سن الثامنة عشر, كما بلغ عدد المختفين قسريا في سورية نحو 60 ألف شخص, وتقول الشبكة السورية لحقوق الإنسان إنها تمكنت من توثيق قوائم بأسماء نحو 32 ألفا منهم, كما تم تدمير البنى التحتية في كل المدن السورية ما عدا مدن وقرى الساحل السوري وجباله, كما قصفت بالطيران والمدفعية احياء بكاملها وعلى رؤوس ساكنيها, مما أدى أيضا إلى نزوح ملايين السوريين عن بيوتهم وقراهم.
الثورة السورية التي اوضحت بما لايقبل مجالا للشك, أن جريمة دولية ومنظمة ترتكب بحقها, على مرأى العالم ومسمعه, وتحت انظار قواه الدولية العظمى والصغرى, المعارضة السورية تتحمل قسطا من المسؤولية عما جرى ويجري وسوف يجري, وأنا لا اتحدث عن المعارضة المسلحة التي اجبرت على حمل السلاح نتيجة لما مارسته العصابة الأسدية من جرائم بحق المدنيين ونتيجة لنذالة الموقف الدولي. المعارضة المسلحة اختلفنا او اتفقنا على طروحاتها إلا أنها هي من تقف سدا منيعا بوجه إعادة البلد لآل الأسد, وليس المعارضة السياسية التي كان أداوها لايزال حملا ثقيلا على هذه الثورة. بالتأكيد هناك قوى في المعارضة المسلحة لا نتفق مع ما تطرحه سياسيا, لكننا في المقابل لا نستطيع ادانتها لكونها تحمل السلاح بوجه هذه العصابة, التي اتضح ايضا حجم استنادها إلى مرتكزات النظام الاقليمي بأجنحته جميعا, الذي تم العمل عليه منذ عام 1973, هذا النظام الاقليمي تأسس بناء على المعطى الاسرائيلي المتفوق عسكريا ودوليا والمعادي للسلام, وبالتالي المعادي لشعوب هذه المنطقة مهما فعلت هذه الشعوب من أجل قيام سلام عادل وشامل.
منذ فترة وأنا لا اتعرض كثيرا للدورين الايراني والروسي, لأن معاداتهما لشعبنا يصرحان بها علنا, ولا يتلطون خلف حجج الادارات الغربية, التي على جدول اولوياتها المعطى الاسرائيلي, لكن طبيعة المؤسسات في الدول الغربية تمنع ان يقفوا جهارا نهارا مع هذه العصابة, حيث لايوجد لديهم مستند قانوني حقوقي أوسياسي من أجل ذلك, كما ان التناقض بين موقف هذه الدول والمعطى الاسرائيلي, لا يصل إلى درجة عدم الاخذ بهذا المعطى الذي لايريد دولا طبيعية على حدوده, ليس لأنه خائف منها, بل لأنه لايستطيع العيش في اجواء السلام العادل, وخير مثال تعاطي النخب الاسرائيلية والادارات الغربية مع اتفاقيات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. الادارات الغربية وعلى رأسها إدارة الرئيس باراك أوباما, لا تريد لهذا التناقض ان يظهر في سوق الاعلام من جهة وهي لاتزال حتى اللحظة تراهن على حل سياسي بعد تدمير البلد, حل سياسي يضمن استمرار المعطى الاسرائيلي, من حق المرء أن يتساءل, لماذا الدول الغربية تدعم الثورة عبر ما يسمى مؤتمرات اصدقاء سورية? لماذا لا تدعم العصابة الأسدية? من أهم الاسباب ان الثورة السورية غيرت رؤية الغرب وأدرك أن العصابة الأسدية لم تعد لديها مقومات الاستمرار كما كانت قبل الثورة, رغم كل الفرص التي اعطيت لهذه العصابة من أجل القضاء على الثورة, وهم رفضوا التدخل الدولي في سورية رغم معرفتهم الأكيدة بتفاصيل ما يجري على الارض, ومعرفتهم الأكثر تأكيدا أنه في حال عدم تدخلهم فان العصابة الأسدية ستدمر البلد.
الثورة تستفيد فقط من تناقضات الوضع الدولي, كالتناقض بين المعطى التركي والمعطى الاسرائيلي مثلا, او التناقض بين المعطى الايراني والمعطى الخليجي, كما أن الغرب لايستطيع ببساطة ان يتجاوز كليا المعطى الخليجي , لكنها أبدا لم تحظ بميزة دعم دولي موحد كما حدث مع باقي ثورات الربيع العربي. هذه الميزة جعلت الثورة السورية عرضة لتلك التناقضات الكثيرة, وكنت منذ بدء الثورة مع قلة قد نبهنا إلى خطورة السيناريو الاسرائيلي في تعفين الثورة السورية, سواء في اجتماعات المعارضة أو في الكتابة. الثورة السورية الآن تدفع ثمن عدم استفادة المعارضة من زخم الثورة في البداية والمطالبة بتدخل خارجي, وتلاعبت بشكل سيئ مع مطلب الكتلة الثائرة سلميا, وهذا التلاعب جرى توظيفه بشكل قوي من قبل الادارات الغربية التي لاتريد هذا التدخل ولا تريد السماع عنه! واقولها الآن بكل وضوح لو كانت المعارضة تريد التدخل لما تم تشكيل المجلس الوطني ولا تم حتى تشكيل الائتلاف الآن بالطريقة التي تم بها, والدليل بيان الاصدقاء في الاخوان المسلمين قبل اسبوع الذي رفض التدخل الخارجي, وتصريحات قادة الائتلاف الجديد أيضا في رفض وضع سورية تحت البند السابع, كما نلاحظ أن المعارضة اهتمت بالجانب الاغاثي رغم أنها من مهمات منظمات المجتمع المدني.
المعارضة مهمتها صياغة الخطوط العريضة وتأمين الدعم لتسليمه لمنظمات المجتمع المدني وليس للتقاتل عليه في الاجتماعات السياسية من أجل تحقيق مكاسب حزبوية أو شخصية, وهذه امور لاتهم الغرب كثيرا, اقصد موضوع تسهيلات دعم اغاثي,ما يهم الغرب هو الحقل السياسي. كل هذا ادى إلى ما وصلنا إليه من سورنة, كبداية لتعفين الوضعية السورية وتزمينها. الآن يتم تداول صفقة ما او مبادرة الابراهيمي أو الحديث عن خروج آمن للعصابة الأسدية, كل هذا هو عبارة عن مزيد من تعفين الوضع السياسي السوري, العصابة الأسدية لن تترك البلد, ولن تستطيع قوى الثورة حتى اللحظة اجبارها على ذلك, والمجتمع الدولي ليس معنيا كثيرا كما يحاول الاعلام اظهار ذلك, لكن ان تقوم قوى المعارضة هذه باعطاء انطباع وكأن هناك مبادرات وصفقات فهذا اعتبره مزيدا من المساهمة في صوملة البلد. المعارضة بمؤسساتها الموجودة الآن اصبحت جزءاً من استمرار الصوملة الجارية, الادارات الغربية تلتقي بكل صنوف المعارضة الآن, من هيئة تنسيق إلى ائتلاف إلى مجلس إلى ما لانهاية! لأنها مجمعة كلها على تحميل الموقف الروسي المسؤولية ورافضة للتدخل الدولي, وهذا ما تريده ادارة اوباما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.