جهاد هديب (دبي)- تقدم الفنانة التشكيلية ابتسام عبد العزيز في معرضها المقام حاليا في دبي ويحمل عنوان «سيرة ذاتية» تنويعات مختلفة في الفن التشكيلي المفاهيمي وذلك من خلال رصدها للمحيط والبيئة من حوله، وإعادة اكتشافها. تركزت مجمل أعمال الفنانة ابتسام عبد العزيز في السنوات الأخيرة ضمن الفنون ما بعد الحداثية خاصة ما يُعرف بالفن المفاهيمي الذي يقوم أساسا على فكرة يريد الفنان إيصالها للجمهور، وغالبا ما يستعين الفنان لتحقيق ذلك بفنون مجاورة كفن التصوير الفوتوغرافي والفن الإنشائي والفيديو وسواها من الفنون، وهي جميعا تنتمي إلى ذلك النوع الذي لا يحظى بخطاب نقدي تشكيلي في الثقافة العربية حتى الآن. في معرض ابتسام عبد العزيز المقام في صالة عرض الخط الثالث في منطقة القوز ويستمر حتى منتصف الشهر المقبل، لا يدرك المرء عبر البصر ما الذي يراه أمامه أحيانا، فهل هو صورة فوتوغرافية بالمعنى الفني للكلمة أم أمام صورة لعمل فني، ربما لأن الفنانة تستخدم لتحقيق "مفاهيميتها" أو فكرتها الفنية شخوصا في أوضاع متعددة تقول أشياء كثيرة للناظر إليها، كذلك تضيف أعمالا عديدة من رسومات ولوحات وحتى زجاج وخزف، وكأنها لا تريد أن تخاطب عين الناظر بل مخيلته وطريقة فهمه للمحيط والبيئة من حوله. تبدو هذه الأعمال جميعا وكأنها يوميات تخص كل واحد منّا إنما مكتوبة بأدوات الفن ومخيلته. هنا يمكن وصف المعرض "سيرة ذاتية" بأنه استعارة لما تراه عين ابتسام عبد العزيز في المشهد من حولها، أي أنه إعادة اكتشاف للأشياء عبر تدوير الفكرة الراسخة والسائدة لدينا عنها، خاصة وعينا البيئي، إنما بأدوات فهم شديد الخصوصية من ذلك النوع الذي يعيد المرء اكتشاف ذاته من خلاله. ما يعني أن إعادة الاكتشاف هذه هي ما تحققه ابتسام عبد العزيز في المعرض من إدهاش للعين وما تسببه من جاذبية حتى عندما تصنع مشهدها صناعة لتتوصل إلى فكرتها. أيضا، إن ما يلفت الانتباه للوهلة الأولى هو أن ابتسام عبد العزيز تقدم أطروحتها الجمالية والفكرية في "سيرة ذاتية" بعيدا عن الشعار والإيديولوجية سواء أكانت مبنية على أفكار مسبقة أم غير ذلك، بل إنها بلا موقف "ثوري" أو "تثويري" أو حتى تنويري ربما، إنما تطرح مشروعها وفقا لمعنيين: الاول منهما هو التشكيلي المحض مثلما هو متعارف عليه في فن التصوير الفوتوغرافي الذي تجري فيه صناعة الصورة بتقصّد يخلو من أية عفوية، وهي مدرسة قائمة بحد ذاتها في التصوير الفوتوغرافي فلا مانع لديها أن تقول فكرتها عبر شخصية تبدو كما لو أنها تؤدي دورا في فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني، والأخير هو إعادة تشكيل وعينا السائد بالأشياء من خلال ما هو مهمل وعادي من الأشياء في بيئتنا ومحيطنا، وما يخلص إليه المرء أن الفنانة تقدم هذا المعنى بتوازن بين الخامة وإمكانياتها من جهة وطواعيتها على إيصال رسالة العمل من جهة أخرى.