الحرارة عادت إلى العلاقات حزب الله مع مصر مع وصول الاخوان الى الحكم * مصر ما بعد مبارك لا ترى في حزب الله عدواً مواضيع ذات صلة وصلت العلاقات بين مصر وحزب الله حدود العداء الميداني عشية ثورة 25 يناير، ثم عادت الحرارة إليها مع وصول الاخوان المسلمين إلى الحكم، لكنها تبقى ضمن حدود العلاقات الطبيعية عبر القنوات الدبلوماسية اللبنانية، لعدم تهديد علاقة مصر بدول الخليج. القاهرة: تقول المؤشرات إن مصر، في ظل سلطة جماعة الإخوان المسلمين، قررت فتح صفحة جديدة في العلاقات مع حزب الله اللبناني، لا سيما وأن مصر في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كانت ترى في هذا الحزب عدوًا، ولطالما أعتقلت أعضاءً ينتمون إليه بتهم تتعلق بالإرهاب، ولطالما رد أمينه العام حسن نصرالله بمهاجمة مبارك ونظامه، داعيًا الجيش للإنقلاب عليه. وفي تطور مفاجئ في شكل العلاقة بين السلطات المصرية وحزب الله، أعلن السفير المصري في لبنان أشرف حمدي أن مصر ستسعى لاستئناف العلاقات مع الحزب، "كونه قوة قائمة على الأرض تتمتع بنفوذ سياسي وعسكري كبير". وشدد حمدي في مقابلة صحفية على أهمية حزب الله كمكون أساسي في تركيبة لبنان السياسية، حاثًا على ضرورة بقاء الحزب كقوة سياسية في لبنان، وذلك خلال اجتماعه مع أعضاء المكتب السياسي لحزب الله. علاقة متوترة.. فعدائية شهدت العلاقات بين مصر وحزب الله انتكاسات كثيرة، تحولت إلى درجة العداء الحاد خلال السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك، فمع شن إسرائيل حربًا شرسة على لبنان في العام 2006، أتهمت مصر حزب الله بافتعال حرب غير مبررة وغير محسوبة العواقب. وشهدت الأزمة السياسية بين الطرفين تصعيدًا وصل إلى ذروته في العام 2008، أثناء هجوم إسرائيل على غزة، حين دعا أمين عام حزب الله حسن نصر الله مصر للتدخل عسكريًا لصالح القطاع، ما اعتبرته القاهرة تدخلًا سافرًا في شؤونها الداخلية. ووصل سوء العلاقات إلى منعطف خطير عقب القبض على خلية تابعة لحزب الله في مصر في العام 2010، بتهمة التخابر والتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية وتهريب الأسلحة إلى حركة حماس عبر الحدود المصرية، وتلا ذلك دعوة نصر الله الجيش المصري للإنقلاب على مبارك. عودة طبيعية ظلت العلاقات متوترة وتتخذ شكلًا عدائيًا حتى إندلعت ثورة 25 يناير، التي أطاحت بمبارك. وبحسب السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، فإن سياسة مصر الخارجية تغيرت بعد الثورة وتحديدًا مع وصول الرئيس الإسلامي محمد مرسي للحكم، مشيرًا إلى أن السياسة الجديدة قائمة على حسن العلاقات مع الجميع من دون استثناء، طالما يصب ذلك في صالح مصر بالداخل والخارج. وقال الأشعل ل"إيلاف": "جاءت تصريحات السفير المصري متماشية مع السياسة الجديدة لمصر، لا سيما وأن حزب الله قوة كبرى سياسيًا وعسكريًا، ومن غير المعقول تجاهل الحوار معه لأنه ورقة ضغط قوية في يد الخارجية المصرية ضد إسرائيل". وأضاف: "يربك الإعلان عن علاقات بين مصر وحزب الله إسرائيل كثيرًا، ومن بعدها الولاياتالمتحدة الأميركية، ما يعيد لمصر بعض الامتيازات السياسية بالضغط على إسرائيل لاستناف السلام مع الفلسطينيين، أو الالتزام باتفاق الهدنة بين تل أبيب وحماس". ولفت الأشعل إلى أن أسباب انقطاع العلاقات بين مصر وحزب الله انتهت بعد سقوط النظام السابق، الذي كان ينفذ تعليمات الولاياتالمتحدة الأميركية لصالح تحقيق أمن تل أبيب، "لذلك كان هناك خطوط حمراء لمصر بشأن العلاقات مع حزب الله وحماس وإيران، والأمر اختلف تمامًا بعد الثورة، وتحررت مصر من التبعية للولايات المتحدة، ما يشير إلى أن الدعوة للحوار مع حزب الله متوقعة ومنطقية في هذا الوقت". تخويف وتوتير يرى الخبراء السياسيون أن الانفتاح المصري على حزب الله يصب في استراتيجية تكاتف الأحزاب الدينية الحاكمة في المنطقة، من أجل رصّ الصفوف لمواجهة أي خطر يهدد بقاءها واستمراريتها في السلطة. وقال الدكتور عبد السلام النويري، أستاذ العلوم السياسية، ل"إيلاف" إن مصر لا تستطع إقامة علاقات مباشرة ومفتوحة مع حزب الله خلال الفترة القادمة، مشيرًا إلى أن تصريحات السفير المصري مجرد مناورة سياسية، الغرض منها إرسال رسائل عدة إلى تل أبيب وواشنطن، وهي نفس الرسالة التي حققها الرئيس مرسي بزيارته لإيران والدعوة لإقامة علاقات معها، ما تسبب في ذعر أميركي وإسرائيلي. فالرئيس أراد تحقيق نفس الغرض من استعداد مصر لإقامة علاقات مع حزب الله. أضاف النويري: "تعلم الخارجية المصرية جيدًا أن ثمة أزمات سياسية ستعاني منها مصر في حالة إقامة علاقات سياسية مع حزب الله، لا سيما وأن ذلك يعني الترحيب بالتعاون مع إيران، ما سيوتّر العلاقات بين مصر ودول الخليج، وتحديدًا السعودية". إلى ذلك، يلفت النويري إلى أن مصر لم تتحرر نهائيًا من التبعية للولايات المتحدة، لتكون حرة في تحديد سياستها الخارجية وعلاقاتها مع الدول الأخرى، "فالإدارة الأميركية لن تسمح بعلاقات بين مصر وحزب الله على حساب أمن إسرائيل". ونبه إلى أن مصر تسعى إلى استخدام كافة الوسائل للضغط على إسرائيل سياسيًا من أجل وقف أي تهديدات على الحدود المصرية. ورقة ضغط من جانبه، أوضح الدكتور جمال حشمت، عضو لجنة العلاقات العربية بمجلس الشورى والقيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أن مصر منفتحة على الجميع، ولا محاذير على القرار المصري في شكل علاقاتها مع الدول، وهذا ما أكده الرئيس محمد مرسي منذ وصوله للحكم. وقال حشمت ل"إيلاف": "تصريحات السفير المصري بلبنان ليست غريبة، وحزب الله قوة سياسية مؤثرة في المنطقة، لكن العلاقات معها لن تكون بشكل فردي بل ستكون عبر الخارجية اللبنانية وبموافقة الحكومة هناك، ومصر تتحاور مع الحزب على أساس التحاور مع جميع الأحزاب والقوى المؤثرة في العالم، من دون إقامة علاقات سرية تهدد وحدة لبنان أو أمن منطقة الشرق الأوسط ودول الجوار". ويجزم حشمت أن مصر تحررت من التبعية لأميركا، وعادت من جديد لقيادة الشرق الأوسط، بعد الجهود الكبيرة لوقف الاعتداءات من جانب اسرائيل على قطاع غزة. ولفت إلى أن اللعبة السياسية تعترف باستخدام كافة الوسائل من أجل تحقيق بعض المزايا السياسية، "ونحن بحاجة إلى الضغط على إسرائيل لوقف غطرستها بالمنطقة، والعودة للحوار مع السلطة الفلسطينية، ووقف أي اعتداء على الحدود المصرية، ومن هنا لجأت الخارجية المصرية إلى استخدام ورقة العلاقات بين حزب الله ومصر". غير أن حشمت يرى أنه يجب دراسة مدى تأثير ذلك على العلاقات المصرية مع دول الخليج، حتى لا تكون تلك العلاقات على حساب دول الخليج مع القاهرة.