لقد تقلب وضع حزب تجمع الاصلاح في بلادنا فمن شبه انفراد بالقرار إلى عامل مؤثر فيه ومن مؤتلف داخل السلطة إلى معارض خارجها، ورغم هذا التقلب الذي تناقلت فيه أوضاعه إلا انه كان في كل أوضاعه معارضاً سواء كان داخل السلطة أو خارجها.. وتاريخ حركة الاخوان المسلمين منذ نشأتها مروراً بالستينات وما بعدها وحتى يومنا هذا تاريخ مليء بالأحزان والنكبات، وهو ما اجبرهم على ان يأخذوا خط السرية في فعالياتهم، وعلى مدار عقدين حتى الآن لم تساعدهم الظروف السياسية والاجتماعية والدينية ان يكونوا جماعة طبيعية متمتعة بحق العمل السياسي ذي المرجعية الدينية، كما كان الحال في العصور الوسطى وحتى بداية عصر النهضة التي استطاع فيها الكرادلة والمرجعيات ان يمسكوا بالسلطة الدينية والسياسية معا.. فلقد كان أمام الاخوان تجربة عملية في القرون الوسطى يسيرون على منوالها ويعملون بمقتضاها ولا يحتاج ذلك منهم إلى تفكير أو اجتهاد في التنظير والتصعيد، وانما يكفيهم ان ينقلوها اليهم ويطبقوها بحذافيرها بلا تحوير ولا تشذيب. وما عليهم تبعا لذلك الا نصب المشانق وبناء المحارق وتشييد الزنازين لكل مفكر وباحث ومبدع وعالم في أي مجال كان ثم التوسع والايغال في اطلاق صفة الكفر وتعميمها على كل مخالفيهم وان كان مخالفوهم من احب خلق الله إلى الله وأعظمهم تقوى. فالحلال في تصورهم هو ما قدروا على فعله أو تناوله وان كان قتل النفس المحرمة أو الخروج عن طاعة ولاة الأمر أو السطو على ممتلكات الناس وانتهاك الاعراض، والحرام عندهم هو كل ما يصدر من الآخر وان كان فيه صدقة جارية أو عمل صالح أو حج مبرور.. ها هم إلى اليوم وعلى مدار السنوات الست الماضية لم يهتدوا إلى حقيقة التمرد والتخريب الذي يجري في صعدة من قبل حلفائهم الحوثيين، وكثيرا ما سمعنا بياناتهم وتصريحاتهم على السنة اقطابهم على انهم محايدون حسبما يقولون فلا هم مع الحوثي في الظاهر ولا هم مع الوطن، اجل هم يقولون انهم ليسوا مع الوطن ولا مع المجتمع اليمني في التصدي لاخطار التخريب والفساد الذي تقوم به عناصر الحوثيين، وإلا لماذا لا يدينون تلك الأعمال البشعة التي يحرمها الدين والشرائع كافة والقوانين البشرية بل والفطرة الانسانية السوية؟!!..، بل ان هؤلاء المأزومين يعملون بكل دأب على ممارسة الضغط والتهديد ضد صناع الكلمة لئلا يقولوا رأيهم حول تلك الأعمال التي لا يستفيد منها إلا اعداء العروبة والاسلام.. كم هؤلاء الجهلة تعساء ومأزومين وهم لا يعلمون. كما كانوا يرددون مقاطع في تلك الكتب دلالاتها تشكيك الدراسين بثبات وديمومة ثورة سبتمبر والايحاء اليهم باقتراب عودة العهد الامامي البائد وذلك مثل قولهم وهم يخاطبون الدارسين "منكم اليوم الامام المرتجى لحماه والزعيم المنتظر" ثم التعرض لاهداف الثورة فمرة اوردوها اثني عشر هدفا واخرى اعتبروها ثمانية عشر هدفا وثالثة اوردوها ستة اهداف ولكنها مختزلة، والغريب في الأمر ان اسمع واقرأ الكثير من المقالات والكتابات العاتبة على المشترك وحزب الاصلاح بصورة خاصة لعدم تحديد موقفه من عصابة التمرد، بينما موقف الاصلاح واضح وجلي لمن يريد ان يعرف ويفهم فلقد كانوا في خندق واحد أيام المعاهد العلمية، فلقد بدأ التحالف والتنسيق بين حركة التمرد والاصلاح منذ تلك الاثناء ودليل ذلك طباعتهم لما يسمى بالاطلس الخاص باليمن والذي استبعدوا منه محافظة صعدة، وكذلك فعلوا في كل الخرائط التي اورودها في الكتب الدراسية، ومن كل هذا فانني غير مهتم باي موقف لهذا الحزب، لأنني لا ارى الفرق كبيرا بينه وبين عصابة التخريب الحوثية والحراكية، وانما المعتمد عليه هو موقف الشعب بكل شرائحه واطيافه الداعم والمساند للموقف الوطني في القضاء على هذه الفتنة. إن اليمن بثورتها السبتمبرية قد اقتلعت جذور الامامة الكهنوتية والاستعمار معا، وأزالت مخلفاتها وآثارها والى الابد، وما يقوم به جيشنا الأبي من عمليات تطهيرية لبعض تلك المخلفات، انما هو تجسيد للشق الأول من الهدف الاول من اهداف الثورة السبتمبرية، وهذا يعني ان هذا الوطن قد حدد موقفه وبشكل واضح من الحكم الإمامي الاستعماري ومن مخلفاتهما سواء أولئك الذين ينادون بولاية الفقيه أو بولاية المرشد العام الطالبانية.\