(ما أصبح في دارك أمسى في جارك أو العكس).. مثل ينطبق على ما أفرزته أحداث ما يسمى ب"الربيع العربي" التي عصفت بعدة أنظمة جمهورية في المنطقة في حين لم تمس الرياح العاتية أيا من أنظمة الحكم الملكية!، رغم توفر الذريعة الأولى لذلك الزلزال وهو القضاء على الديكتاتوريات في العالم العربي!، مما يضع علامة استفهام عن حقيقة تلك الأحداث أو ما تسمى ب"الثورات" وأهدافها، خصوصا حين نعرف أن الملكيات التي تفتقر للدساتير وأبسط هامش للديمقراطية هي التي دعمت التغيير مادياً وسياسياً ولوجستيا بحجة إشاعة الحرية والديمقراطية وبمباركة دول غربية ومنظمات دولية، درجت على إصدار تقارير سنوية عن انتهاكات حقوق الإنسان في العالم، تضع الأنظمة الملكية في المنطقة العربية أسفل القائمة من حيث (قمع وسحل كل من ينادي فيها بهامش بسيط من الحرية)، دون أن تمارس على تلك الممالك أي ضغوط لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان!، مما يؤكد أن العملية كانت تآمرية تخدم بالمقام الأول إسرائيل والصهيونية العالمية، التي دشنت مطلع القرن الحالي استراتيجية "الشرق الأوسط الكبير"، الذي سينعش الدولة العبرية ويجعلها قابلة للحياة عن طريق إشراكها في اقتصاديات المنطقة العربية والإسلامية، وإعطائها حق القيادة والتفوق في شتى المجالات حتى نهاية القرن. وها قد مضى أكثر من عامين على ما يسمى "ثورات الربيع العربي"، فما حجم المضاعفات التي أحدثتها تلك الهزات التي أوصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم، في كل الدول التي اجتاحتها عاصفة التغيير الدامي؟!!.. ففي جمهورية مصر العربية على سبيل المثال والتي يحكمها الإخوان تستوقفنا غرائب تستهدف تفجير الدولة وجرها نحو الصوملة، إذ بلغ العنف أشده في محافظات القتال المصرية (الإسماعيلية، بور سعيد، السويس)، وهي محافظات حدودية كانت دولة قطر قد تقدمت للاستثمار فيها من خلال إقامة مدينة تسمى "قطر"، رحبت بها جماعة الإخوان واستنكرتها المعارضة والشريحة المثقفة والمستنيرة، كون مقر المشروع المقترح يقع في منطقة سيادية لا يمكن الاستثمار فيها لغير الدولة، وفي حالة إقامة المشروع الوافد من الدوحة فإنه سيشكل دولة داخل الدولة!. كما يلاحظ من الأحداث الدامية ببور سعيد أن جثامين القتلى لم تلف بالعلم الوطني كما كان متوقعاً، وأن المسيرات المصاحبة وقد كانت مليونية كما شاهدنا عبر الفضائيات قد خلت من أي علم للدولة، بعدها تبددت الغيوم وتم رفع علم جمهورية بور سعيد، وكأن ما حدث في ليبيا من نعرات الانفصال والفوضى قد يتكرر في أرض الكنانة وفي اليمن وغيرها ما لم نفق.