اجتماع رئيس الجمهورية المشير/ عبد ربه منصور هادي صباح يوم 10/4/2013م بسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وسفراء الدول الداعمة للمبادرة الخليجية، كان مقدمة لإصدار جملة من القرارات الجمهورية التي وصفت بالجريئة، أهمها تلك التي استهدفت استكمال هيكلة الجيش، فبعد أن تم تقسيمه إلى أربعة مكونات رئيسية برية وبحرية وجوية وحرس حدود، تم تقسيم مسرح العمليات فيه وأعيدت تسمية المناطق السبع وتعيين قياداتها. لكن ما يحز في النفس أن يتم تقاسم المواقع العسكرية بعد الهيكلة بالمحاصصة وتعيين قياداتها حسب الولاءات الضيقة الموزعة بين الرئيس هادي واللواء علي محسن والتجمع اليمني للإصلاح، مما أفقد إعادة الهيكلة أهميتها وكأن الغرض كان تفكيك الحرس الجمهوري وتسريح بعض القيادات من صفوف القوات المسلحة. فالصوملي قائد المنطقة الأولى على سبيل المثال وعلي محسن مثنى قائد المنطقة السابعة ومحمد المقدشي قائد المنطقة السادسة و13 آخرين ممن تم تعيينهم كقادة عسكريين ولاؤهم- باعتقادي- لمحسن وحزب الإصلاح، وبالمقابل نجد محمد راجح لبوزة قائد المنطقة العسكرية الخامسة وأبو بكر فرج قائد اللواء 31 مدرع ومحمد الكازمي رئيس أركان اللواء 111 مشاة وغيرهم محسوبون على الرئيس هادي وهكذا!!، إذن أين الجيش المحايد الذي ولاؤه لله والوطن فقط؟!!.. أما بقية القرارات الرئاسية فلم تكن في اعتقادي متوازنة على الإطلاق، إذ لا يعقل أن يعين أفراداً محسوبين على طرف سياسي بعينه بما يمكنهم من التأثير الفاعل على المسرح السياسي، واستمرارهم في التحكم بمصدر القرار في الداخل والخارج خصوصاً حين يكون تعيينهم في رئاسة الجمهورية أو كملحقين عسكريين في السعودية وقطر، ونحن نعلم مدى توغل ونفوذ هاتين الدولتين في الوطن الحبيب، بينما الطرف الآخر المشارك في السلطة يتم استبعاد قياداته عن المسرح السياسي- عن عمد- إلى ألمانيا وأثيوبيا والإمارات.. وكم كنت أتمنى لو أن قرارات هادي الأخيرة المنحازة بشكل واضح لطرف ضد الآخر، قد رحلت كل أقطاب الصراع في مهمة "برتكولية" إلى الدول الثلجية مثل كندا وأوربا لتجميدهم بعض الوقت وإتاحة الفرصة للشباب الفاهمين الواعين المسلحين بالعلم والمعرفة وليس البردقان، كي يبنوا دولة حديثة بعيدا عن هيمنة القبيلة والمحاصصة والمصالح الضيقة ومراكز القوى التقليدية التي نهبت البلاد والعباد 50 عاماً، لكن مع الأسف كل المؤشرات توحي بأن النظام سيعيد إنتاج عيوبه مجدداً بدليل توزيع القيادات العسكرية على المعسكرات والمبنية كما أسلفنا على الولاءات، حيث ضمن علي محسن وحده أكثر من 30% منها وصار يتحكم في المداخل البحرية لضمان مصالحه التجارية، خصوصاً إذا ما عرفنا أن عبدالعزيز الشميري الذي كان قائد عمليات الفرقة الأولى مدرع قد تم تعيينه قائداً للواء 27 ميكا في المنطقة الشرقية، حيث تقع المناطق البرية والبحرية في نطاق اختصاصه!. والخلاصة أن سيادة المستشار الجديد قد بات يمسك بكل الخيوط التي تجعله يحكم من وراء ستار ابتداءً من مكتب رئيس الجمهورية واطلاعه على الصادر والوارد للرئيس هادي، مروراً بولاء عدد من القيادات العسكرية في مواقعهم الجديدة وعلى رأسهم قائد أقوى معسكر مرابط بحضرموت، وانتهاء بتحكمه في المنافذ البحرية بما يضمن تهريب المشتقات النفطية وغيرها. أما سيل الترحيب بقرارات هادي الأخيرة فأغلبها- في اعتقادي- كاذبة، فحلفاء المؤتمر ليس أمامهم سوى الترحيب غصباً عنهم كي لا يفسر موقفهم بالمتمرد فيتعرضون لمتاعب هم في غنى عنها، أما الحوثي فمتحفظ كونه الخاسر الأكبر من هذه القسمة، أما المشترك وعلى رأسه الإصلاح فيحق له الفرح كونه انتصر لمخططه الذي سيقود البلاد إلى الهاوية، ولعل الحسنة الوحيدة هي تحويل مقر الفرقة الأولى إلى حديقة عامة للشعب.