الدخول إلى عالم الجريمة ليس بالأمر الصعب لكن الخروج من هذا الوحل قد يكون صعبا جدا. وكثير من الأحيان يكون مكلفا للغاية لدرجة انك قد تدفع حياتك ثمنا لذلك.. هذا ما حدث مع الشاب فاروق الذي انخرط مع عصابة مخدرات عبر صديقه المقرب إليه فكانت نهايته على يد هذا الصديق..تفاصيل المأساة ترويها باختصار الأسطر التالية: ينتمي فاروق إلى أسرة صغيرة لا يزيد عدد أفرادها على أربعة أشخاص الأب والأم وفتاة صغيرة وهذا الشاب.. لم تكن العلاقة بين الأب والأم على انسجام تام فحصل ابغض الحلال بعد زفافهما ببضع سنوات فانفصل الأب والأم عن بعضهما ولا يزال فاروق في التاسعة من العمر وأخته الوحيدة في سنتها السابعة. عاش فاروق وشقيقته مع والدتهما بعد أن ترك الأب المنزل كون المنزل كان ملكا للزوجة وتولت الأم توفير متطلبات المعيشة لأبنائها من خلال إيجارات بقية شقق المنزل الذي يتكون من ثلاثة طوابق ويحتوي على ثماني شقق سكنية مؤجرة والشقة التاسعة تسكن فيها هذه الأسرة الصغيرة. حرصت الأم أن يعيش أبناءها على مستوى عال من الدلال من خلال تلبية جميع طلباتهم بداية الأمر عندما كان فاروق وشقيقته صغيرا السن ولكن حين بلغ كلا منهما سن الشباب وارتادا الجامعة زادت طلباتهما وأصبحت مكلفة للغاية وما تحصل عليه الأم من إيجارات الشقق السكنية لا يكفي لتغطية كل طلبات فاروق وشقيقته.. في قاعات الجامعة تعرف فاروق على احد الشباب الأغنياء وأصبح الاثنان صديقين في وقت سريع فعرف الشاب الأخر نقطة ضعف فاروق والمتمثلة في حبه ل» الفشخرة « والظهور على انه من الشباب الأثرياء من خلال صرفياته الكثيرة وملابسه الباهظة و..و.. الخ..ولكنه – أي فاروق- لم يكن شيئا أمام ثراء صديقه الجديد خصوصا وان ما يأتي من إيجارات المنزل لم يعد يغطي نفقاته هو وأخته.. ومع مرور الأيام اقترب فاروق أكثر من صديقه رغبة منه أن يعرف مصدر الأموال التي ينفقها بشكل يومي وفي كل مرة يسأل صديقه عن هذا الأمر يكتفي الصديق بابتسامة ماكرة مع جملة واحدة هي (هذه الأمور كبيرة عليك)..وهو ما زاد من إصرار فاروق على معرفة العمل الذي يمارسه صديقه ويكسب منه كل هذه الأموال ومع هذا الإصرار وعندما تأكد الصديق أن الولد أصبح مستعدا للدخول إلى العالم القذر الذي يعيش فيه هذا الصديق اخبره انه يعمل ضمن عصابة لبيع الحبوب المخدرة لأشخاص مدمنين بينهم طلاب في نفس الجامعة التي يدرسون فيها وعرض على فاروق الدخول معهم في هذه الأعمال. بسهولة وفي وقت وجيز تمكن هذا الصديق من أقناع فاروق بممارسة نفس العمل ولم تمض سوى بضعة أيام حتى كان فاروق واحدا من موزعي الحبوب المخدرة ولكنه لم يكن من مدمنيها. وكون أول شرط لممارسة هذا العمل هو الإهمال المتعمد في الدراسة بغرض الرسوب والاستمرار في الدراسة الجامعية لسنوات أخرى غير المدة المحددة للشهادة الجامعية كي يستمروا في استقطاب الشباب الدارسين وبيع المخدرات لهم.. فقد طالت سنوات فاروق الجامعية ولم يتخرج من الجامعة على الإطلاق في الجانب الأخر طالت أيضا خطوبة فاروق لابنة خاله الأمر الذي جعل خاله يصر على أتمام الزفاف في اقرب وقت وان كان فاروق لا يزال طالبا في الجامعة لان شرط الخال لإتمام الزفاف كان بأن يتخرج فاروق من الجامعة ولكن كثرة رسوبه وأطالت فترة الخطوبة جعلت الخال يتراجع عن هذا الشرط ويُصر على الزفاف في اقرب وقت ممكن. من أجل هذا طلب فاروق من صديقه أن يسلفه مبلغا من المال كي يستطيع إكمال تجهيز وتأثيث الشقة التي بناها فوق المنزل بحيث تٌزف العروس إليها..فكان رد الصديق بأنه شخصيا لا يمتلك المبلغ المطلوب ولكنه سوف يعطيه هذا المبلغ من النقود الخاصة بتجارة الحبوب المخدرة التي تعود ملكيتها لشخص أخر يدير عصابة بأكملها على أن يتعهد فاروق بتكثيف العمل في توزيع اكبر قدر من المخدرات خلال الأيام القادمة بما فيها فترة شهر العسل حتى يتمكن من سداد هذا المبلغ الكبير.. وافق فاروق على هذا الشرط واخذ المبلغ وأكمل تشطيب الشقة وتأثيثها وبمجرد الانتهاء من ذلك تم عقد قرانه على ابنة خاله وتحديد موعد الزفاف بعد شهر من كتب الكتاب.. مضت الثلاثون يوما مسرعة وحل اليوم الموعود وكان فاروق في غاية السعادة لأنه لم يعد يفصل بين العزوبية وتكوين الأسرة سوى سويعات قليلة .. وفي صباح ذلك اليوم جاء إليه صديقه العزيز على قلبه وذهبا للاستحمام في احد حمامات البخار «الحمامات التركية» بحسب ما جرت عليه العادة في الإعراس..وبعد عودتهما إلى المنزل فوجئ الصديق بفاروق يٌعيد له كمية الحبوب المخدرة التي أخذها منه أخر مرة ويخبره انه يريد أن يٌكوِّن أسرة سعيدة بعيدة عن الحرام وعن المشاكل وانه لم يعد يرغب بالاستمرار في توزيع المخدرات وسيبحث عن عمل أخر بعيدا عن هذا الوحل.. صعق الصديق بمجرد سماعه لهذا الأمر ولم يستطع التماسك أكثر إمام إصرار فاروق على ترك عمل المخدرات فهدده بأنه سوف يسجنه بالنقود التي عليه وهو مبلغ كبير ولكن فاروق لم يبال بهذا التهديد وأكد انه مستعد لان يسجن ولا يستمر في الحرام .. حينها أصر الصديق على أن يرد له فاروق المبلغ الذي استدانة منه كاملا وفي الحال وبدأ بالتصرف بشكل جنوني من خلال العبث بمقتنيات فاروق من أثاث الغرفة وتكسير التحف والمرايا وارتفع صوت الصديقين بالشجار والصياح الأمر الذي جعل أم فاروق وأخته تصعدان إلى الشقة لمعرفة ما يحدث وبمجرد أن دخلا إلى الشقة اقترب الصديق من شقيقة فاروق وامسك بها وقال لفاروق هذه ستكون رهن لدينا حتى تدفع المال واخرج المسدس الشخصي وصوبه نحوه مهددا إياه بالقتل في حال اقترب لإنقاذ شقيقته .. ثم بدأ الصديق بالانسحاب من الشقة ممسكا بالفتاة وقبل أن يبلغ الباب هجم عليه فاروق وبدأ الاثنان في عراك عنيف لم ينهه سوى صوت رصاصة أطلقت من فوهة المسدس لتستقر في قلب فاروق وتنهي حياته على الفور قبيل سويعات قليلة من زفاف عروسه إليه بينما تمكن الصديق القاتل من الفرار ليتم القبض عليه بعدها بأسبوع في محافظة أخرى ..