كان وسيظل رفع الدعم عن المشتقات النفطية هو الخيار الأصعب والأكثر إلحاحا من أي قرار آخر أمام الحكومة الحالية كما كان كذلك أمام الحكومة التي سبقتها و سيظل أمام أية حكومة قد تجيء إن لم يتم حسمه فحجم هذا الدعم للمشتقات النفطية تجاوز في عام 2008 ثمانمائة مليار ريال أي أكثر من أربعة مليارات دولار ويقترب في هذا العام كماهو متوقع أي ستمائة مليار ريال أو نحو ثلاثة مليارات دولار .. وهذا المبلغ المهيل ظل يتكرر ذكره في كل تقارير المهتمين بالشأن الاقتصادي اليمني محليا وخارجيا ويكفي أن البنك الدولي يقول أن أكثر من 80% من هذا الدعم لاينتفع به عامة الناس .. وبالتالي فالمنتفع الوحيد منه هم المتنفذون **** الدعم للمشتقات النفطية وراء كل الانهيار الحاصل في العملة لأنه ووفق آخر تصريح للأخ وزير المالية الأستاذ نعمان الصهيبي أمام اللجنة المالية في مجلس النواب فإن متوسط قيمة ما يصدر من نفط يمني خام هو212مليون دولار شهريا بينما متوسط مايتم استيراده من مشتقات نفطية لتغطية الحاجة المزعومة للبلاد من المشتقات النفطية هو 166مليون دولار هذا عدا ما يكرر ويستهلك في الداخل ولقد قال رئيس الوزراء السابق الأستاذ عبد القادر با جمال ذات مرة أن الديزل المستورد يتم بيعه في عرض البحر . هذا يعني أن خير النفط كله يذهب إلى الخارج ليواجه تكلفة مايسمى بالنفط باستثناء مبلغ الفارق الزهيد وهو 46مليون دولار الذي نستخدمه لتغطية فاتورة استيرادنا أو مدفوعاتنا الخارجية الأخرى لبقية السلع والخدمات . **** هذا النزيف للعملات الصعبة الذي هو وراء انهيار العملة الحقيقي لبلادنا يتحول إلى أرصدة في الخارج للصوص المال العام من المتنفذين في البلاد وتتم من خلاله عملية استنزاف يومي وشهري وسنوي للعملات الصعبة إلى خارج البلاد تحت هذه الدعوى .. بالإضافة إلى مايحدثه من نهب للثروة وعجز في الميزانية العامة ولكن البروفيسور العسلي الوزير السابق للمالية يقول شيئا آخر معاكسا لهذه الحقيقة إنه يقول .. "ما يقف وراء إصرار الحكومة على رفع الدعم في هذا الوقت و بهذه الطريقة ما هو الا استجابة لضغوط المتنفذين على الرغم من معرفتها ان ذلك غير مفيد و غير قابل للاستمرار" **** هذا الكلام الغريب اقتصاديا!! العجيب سياسيا!! دافعه الحقيقي غير اقتصادي بالمطلق ولا منطقي ..فمن ذا الذي يجهل مردودات رفع الدعم وجدواه الاقتصادية عاجلا وآجلا على البلاد والعباد إن تم بالكامل ؟ إن دافع البروفيسور في هذه الدعوى المعكوسة هو تلك الحرب السجال بين الحكومة و بينه كوزير آبق منها !!أو بتعبير أوضح هو انتصار متأخر لنفسه من موقف صدر عن الحكومة في نهاية العام 2008م ردا على تشكيك مماثل له بإجراءاتها حيث عبر مصدر مسئول بمكتب رئاسة مجلس الوزراء حينها عن أسفه لما نشره العسلي..حول الاعتماد الإضافي والموازنة العامة للدولة للعام 2009م. ونقل عن المصدر: إن ما تم نشره في هذا الاتجاه كذب وافتراء على الحقيقة، وهو تضليل وترويج لما نشرته صحيفة " الصحوة " الناطقة باسم التجمع اليمني للإصلاح من ادعاءات باطلة بأن الاعتماد الإضافي إنما هو من أجل تغطية تكاليف الانتخابات النيابية القادمة . **** ووصف المصدر البروفيسور بأنه لا يفقه شيئا في أبجديات الأمور المالية والاقتصادية وشكك بما يحمله من شهادة دكتوراه.. مشيراً إلى أنه يخوض في الجوانب المالية والاقتصادية بجهل ودون علم أو دراية،بل بدافع "تلك الثقافة الحزبية المتخلفة التي تربى عليها وترعرع في كنفها والتي تستند على مبدأ الجهل والكذب وتزييف الحقائق " إلى هنا تصريح الناطق الحكومي " وفي الواقع فإن ما كان يصدق في السابق على تصريحات البروفيسور يصدق حاليا فلو كان صحيحا مايقوله عن أن رفع الدعم هو مطلب المتنفذين لقضي الأمر ولأصبح المتنفذون هم قادة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في بلادنا !!! ولحملهم الشعب على الأكتاف .. **** ولكن الحقيقة والواقع يقولان غير ذلك فتوجه الحكومة الحالية نحو رفع دعم المشتقات النفطية هو أصدق توجه وأقوى قرار اقتصادي من شانه ضرب هؤلاء المتنفذين ومن شأنه ان يجفف منابع الفساد والمفسدين ويعيد هذه الثروة المهدرة منهم ليتم إعادة توزيعها على أيناء الشعب على شكل دخول ومشاريع كما أنه سيوقف هذا النزيف الهائل للعملات الصعبة التي تذهب الى جيوب المتنفذين وتذهب إلى الخارج ولا تنتفع بها البلاد بل تتضرر منها .. وإن كل النتائج السيئة المتوقعة من رفع الدعم عن المشتقات النفطية ستزول إذا أحسنت الحكومة التعامل مع طريقة الرفع وصحبتها عملية رفع للمرتبات والأجور بنسب معقولة يمكن من خلالها مواجهة أية آثار سلبية متوقعة سواء كانت اقتصادية او سياسية او اجتماعية . فهل ستستمر الحكومة بتوجهها الصارم في هذا الاتجاه الصادق و الخارق للعادة بعزم لا يلين وهل ستسارع في تحسين دخول العاملين معها كخطوة أولى لإصلاح حال الناس آم سترتكس مع حملات التشكيك هذه كما ارتكس من قبلها وينتصر الآبقون على غيرهم .؟