شباب الغضب يحمل العسكرية الأولى مسؤولية القمع في تريم    أسوأ يوم في تاريخ المسجد الأقصى !    وقفتان مسلحتان في مديرية الصافية استمراراً لنُصرة الشعب الفلسطيني    تعاون الأصابح يخطف فوزاً مثيراً أمام الشروق في بطولة بيسان الكروية 2025    إيران تفوز على غوام في مستهل مشوارها في كأس آسيا لكرة السلة    المجلس الانتقالي الجنوبي يصدر بيانًا هامًا    مجلس القضاء: المطالبة بتحسين الأوضاع ليس مبررا لتعطيل العمل بالمحاكم    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية النهوض بقطاع الاتصالات وفق رؤية استراتيجية حديثة    وزير التجارة يكشف في حوار مع "الصحوة" إجراءات إنعاش الريال ويعلن عن حدث اقتصادي مرتقب    القوائم النهائية للمرشحين لجائزة الكرة الذهبية 2025    قبيل مشاركته بكأس الخليج.. التعديلات الجديدة في قانون التحكيم الرياضي بمحاضرة توعوية لمنتخب الشباب    ترتيبات لاقامة مهرجان زراعي في اب    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    عصابة حوثية تعتدي على موقع أثري في إب    البخيتي يحذر من صراع عربي - عربي .. هذه اولى حلقاته!    رصاص الجعيملاني والعامري في تريم.. اشتعال مواجهة بين المحتجين قوات الاحتلال وسط صمت حكومي    هائل سعيد أنعم.. نفوذ اقتصادي أم وصاية على القرار الجنوبي؟    منتخب اليمن للناشئين في المجموعة الثانية    مجموعة تجارية خاصة جدا يجب أن تكون معاملتها وفقا لأحكام القانون    الصراع في الجهوية اليمانية قديم جدا    عساكر أجلاف جهلة لا يعرفون للثقافة والفنون من قيمة.. يهدمون بلقيس    إصابة 2 متظاهرين في حضرموت وباصرة يدين ويؤكد أن استخدام القوة ليس حلا    حتى لا يحتضر السياسي الاعلى كما احتضر البرلمان    وفاة وإصابة 9 مواطنين بصواعق رعدية في الضالع وذمار    محاضرات قانونية بالعاصمة عدن لتعزيز وعي منتسبي الحزام الأمني    الأرصاد الجوية تحذّر من استمرار الأمطار الرعدية في عدة محافظات    الهيئة التنفيذية المساعدة للانتقالي بحضرموت تُدين اقتحام مدينة تريم وتطالب بتحقيق مستقل في الانتهاكات    سون نجم توتنهام يصبح أغلى صفقة في الدوري الأميركي    خسارة موريتانيا في الوقت القاتل تمنح تنزانيا الصدارة    آسيوية السلة تغيّر مخططات لمى    الاتحاد الأوروبي يقدم منحة لدعم اللاجئين في اليمن    خبير طقس يتوقع أمطار فوق المعدلات الطبيعية غرب اليمن خلال أغسطس الجاري    الفصل في 7329 قضية منها 4258 أسرية    وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة تنعيان الشيخ محسن عطيفة    جامعة لحج ومكتب الصحة يدشنان أول عيادة مجانية بمركز التعليم المستمر    خطر مستقبل التعليم بانعدام وظيفة المعلم    من الصحافة الصفراء إلى الإعلام الأصفر.. من يدوّن تاريخ الجنوب؟    طالت عشرات الدول.. ترامب يعلن دخول الرسوم الجمركية حيز التنفيذ    الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)    صحيفة بريطانية : إجراءات حكومية جريئة وراء التعافي المفاجئ للعملة اليمنية    من هي الجهة المستوردة.. إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثي في ميناء عدن    صنعاء تفرض عقوبات على 64 شركة لانتهاك قرار الحظر البحري على "إسرائيل"    دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!    هيئة الآثار تنشر قائمة جديدة بالآثار اليمنية المنهوبة    موظفة في المواصفات والمقاييس توجه مناشدة لحمايتها من المضايقات على ذمة مناهضتها للفساد    تعز .. ضغوط لرفع إضراب القضاة وعدم محاسبة العسكر    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    لا تليق بها الفاصلة    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرم الرئيس الاسبق علي ناصر محمد تكتب عن: الوجه الآخر للحضارة
نشر في الجمهور يوم 05 - 07 - 2010

راقبتها غير مصدقة، رافضة الاحتمال الوحيد الذي يمكن ان يفسر مشهداً ألفناه للقطط وليس لبني البش.
أخيراً، نجحت في التعلق بحافة الحاوية، فغاص نصفها العلوي داخلها بينما تدلى نصفها الآخر خارجاً، دقائق ثم تخرج وفي يديها كومة صغيرة، تنتحي بها ركناً قصياً، تفترش الأرض قرب سور منزل قريب لتنكب كطائر على صيد اقتنصته، تفتش بعناية بين الفضلات عما يسد رمقها.
غص قلبي بالحزن وأنا أتأملهما.. كومة قماش أسود هزيلة قرب كومة مهملات، بقايا انسان وبقايا طعام، كلاهما مرمي على حافة الطريق.
يدان تقلبان حفنة القاذورات وتعبثان بملامح وجه الدنيا، تهشمان شيئاً ما في داخلي.
كان المشهد مخزياً.. مهيناً للإنسانية، تضاءلتُ.. وبدا الكل صغاراً، أين المجتمع المتحضر؟! أين تراكم جهود وعقول مسيرة ما لا يحصى من البشر قبلنا؟! دماؤهم.. دموعهم.. تضحياتهم في سبيل رقي الإنسان وكرامته ورفاهيته؟! كيف يقبل عقل من جاب آفاق الفضاء وغزا مجاهل الذرّة أن يرزح ثلث معاصريه تحت دائرة الفقر؟!.. ملياران من أصل ستة مليارات انسان يعانون.. ينامون جائعين، معظمهم محروم نعمة المعرفة، وغالبيتهم يحلمون بمياه شرب لا تسبح فيها الأوساخ والأمراض.
امتزج الخجل بالغضب وأنا أفكر بما تشرّبناه من قيم تعاون وتكافل، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم) تناقلناه ألفاً وخمسمائة سنة.. ألا نطبق ما حفظناه عن ظهر قلب؟!
ترجلتُ باتجاهها...
منكبة على ما ظفرت به، لم تلمحني في البداية، ولكنها – وقد دنوت- رفعت إليَّ نظرة خوف، تكومت أكثر ملتصقة بالجدار خلفها، تململت بقلق من يود الهرب، من هذا القرب كان بوسعي تبين تفاصيل وجه حفرته أخاديد القهر وكساه الجوع بالشحوب.
حاولت رسم ابتسامة مطمئنة فوق شفتي وأنا أدس في يدها ما أرسله الله لها عبري، خُيّل إليَّ لوهلة بريق من الفرح وعدم التصديق يعبر قسماتها، لكنها سرعان ما استعادت قناعاً خالياً من التعابير.. توقف الزمن وكل منا يحدق بالآخر، تبادلنا حديثاً طويلاً ذا شجون دون أن ينبس أي منا بكلمة.. بعدها، لم أدر من منا الذي بقي متسمراً خلف كومة نفايات صغيرة يتابع آخر أدار ظهره وغادر بتثاقل..
أدرت المحرك لأنطلق ببطء وسط حنق أبواق سيارات السائقين المنتظرين.
إلى أين وعيناها اليائستان تملآن كل الطرقات أمامي؟! ما إن ابتعدتُ قليلاً حتى انهرتُ بالبكاء.. ما أقسى الحياة بل ما أقسى البشر.. حقاً "لو كان الفقر رجلاً لقتلته".
ذلك كان قبيل المغرب.. منذ بضعة أيام وبما ان الموقف ما فتئ يتفاعل داخلي مذ ذاك، كان لا بد ان أكتب عنه كي ارتاح.
شغلني بعدها بشدة هاجس عالم خالٍ من الجوع والذل، فكرت في أهمية ان يمنح كل منا ولو شيئاً يسيراً لتخفيف معاناة هؤلاء الذين يتألمون.. "ما نقص مال قط من صدقة" وبضعة سنتات قد لا تعني لكم شيئاً لكنها الحياة بالنسبة لأكثر من مليار شخص يعيشون على أقل من دولار يومياً.
أدرك انه ليس حلاً شافياً لمشكلة الفقر، لكن الإمام علي كرم الله وجهه يقول: "عجبت لمن يرجو فضل من فوقه كيف يحرم من دونه"، وأبو ذر الغفاري يقول: "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه؟"، إذاً من لا يفعل شيئا ضد الفقر من باب الرحمة فليفعله من باب الحكمة، كي يستمر توازن المجتمع ويتجنب الهزات العنيفة، أليس الفقر أبا المصائب ومفجر الثورات؟ ألا تدفع الحاجة كثيرين إلى الحقد والتمرد على مجتمع لا يؤمنون بعدالته؟.
مقاومة الفقر ضرورة ملحة.. تتطلب جهود الدول والهيئات والمؤسسات، وسن القوانين التي تحرص على التوزيع العادل للثروة.. من قبل سلطة تنظر إلى الحياة من زاوية الحق والمساواة في الحق.. وهل هناك حق اهم من حق الحياة؟ الحياة – لا المال- أولاً.. صيحة من يعلن تمرده على الفقر وأسبابه.
هي مسؤولية الجميع وجريمة جشع قلة لا تهتم إلا بالربح ولو فوق أشلاء غالبية مطحونة.. ولا ترى العالم إلا من زاوية تراكم المال، لا يكفي ان نعلن 17 أكتوبر أو غيره "يوماً دولياً للقضاء على الفقر"، فلنعتبر كل يوم يوم قضاء على فقر بات يستشري في كل مكان.. حتى في بلاد الأغنياء، بعض الناس لا يبصره لأن من يكابرون "يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف" وبعضهم لا يشعر به لأنه يعيش في عالمه لا يدري أو ربما لا يريد ان يدري بما يجري في الطرف الآخر من المدينة، منطقة منطق الملكة ماري انطوانيت تجاه شعبها الذي لا يجد الرغيف "فليأكلوا البسكويت" ولمن لا يعرف آخرتها، فالشعب الذي لم "يأكل البسكويت" دق عنقها الجميل في ثورة ما زال صدى شعاراتها العظيمة يتردد بعد مضي أكثر من مائتي عام.
أيها السادة – قبل فوات الأوان- تصدوا للفقر، وارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.