مع تقديرنا للشباب النقي غير المتحزب الذي جاء إلى ساحة الاعتصام حاملاً قضاياه ومعبراً عن ذاته وتطلعاته، رافعاً شعار التغيير الذي اقترن بالحرص على أمن الوطن وصيانة استقراره ومكتسباته وثوابته، فإن من المفارقات العجيبة والغريبة ان يتم اختطاف منصة الاعتصامات أمام بوابة جامعة صنعاء من هؤلاء الشباب، وجعلها منبراً للمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وهي أصناف لا وجود لأي أهداف مشتركة بينها، وإذا كان هناك ما يجمع بينها فليس سوى رغبة لانتقام والثأر وأوهام القفز إلى السلطة والانقلاب على الديمقراطية والشرعية الدستورية والفساد القيمي، الذي تختلف مقاييسه بين طرف وآخر. ومن خلال رصد متتبع لمن يعتلون هذه المنصة سنجد أن الأمر يتوقف عند مثل هذه النماذج: - مسؤول تم عزله لفساده بأدلة قاطعة ووقائع تدينه وتظهره متلبساً بأخطائه في حق الوظيفة العامة والوطن والدين والواجب. - موظف منحرف غير أمين ترك الوظيفة التي يتقاضى عليها المرتب والمكافآت والأجور الإضافية ويعرقل معاملات المواطنين واحتجزها في درجه بغية إثارة الناس على المؤسسة أو المنشأة التي عمل فيها، ونتيجة إهماله لم يحصل على الترقية فخرج يعبر عن غلة في تلك المنصة. - ضابط عسكري أو أمني حانق أوقف من عمله لقيامه بخيانة الأمانة أو اغتصاب حقوق المواطنين أو تحوله إلى سمسار لنهب الأراضي والممتلكات العامة والخاصة، فوجد في المنصة متنفساً للتعبير عن أمراضه التي تعشعش في عقله وقلبه، ومثله يفعل آخر إحيل إلى التقاعد لتجازوه أحد الأجلين ولكنه لم يقتنع من نهب ما كان ينهبه من الجنود المتغيبين أو الذين يحصلون على أعمال أخرى، فيتركون نصف مرتباتهم كجنود لمثل هؤلاء ويكتفون بالنصف الباقي. - سياسي انتهازي فاشل لا همّ له سوى التمصلح والتكسب من قاذورات من يدفع ثمن مواقفه الانتهازية، فهو في الصباح مؤتمري وفي العصر إصلاحي، وفي المساء قومي واشتراكي. - متفيقه لا يعلم عن الدين شيئاً سوى ذلك المسار الجاهلي الطائفي الظلامي الذي لا علاقة له بعلم الشريعة ولا علم السياسة ولا علم الإدارة، ويوظف الدين لأهوائه الشخصية والحزبية. - طبل أجوف يزين شخصيته بارتداء البدلات الفاخرة ليبدو كشخصية تتمتع بشأن عظيم مع انه نكرة لا قيمة له ولا موقف ولا شأن!!. - مدع للطهارة الأخلاقية مع انه كالجرح الذي تتجمع حوله الذباب لفرط ما هو واقع فيها من مثالب وأخطاء وخطايا يندى له الجبين. - مرتزق تحلل من كل القيم لا يتورع عن المتاجرة بكل شيء. - لص غرق في الرشوة والابتزاز حتى أذنيه وبمجرد علمه بانه سيسقط في يد العدالة سارع ينضم إلى اقرأنه من اللصوص. - وصولي اعتاد القفز على الحبال يتقلب على كل وجه وعلى كل مائدة وعلى كل إناء. - واهم بأنه مثقف فيما هو أمي وجهله مركب. - مرابٍ ومتاجر بالسياسة يبيع الكلام بالريال والدولار لكل من يشتري في الداخل والخارج متدثر برداء العمالة والخيانة لكل من يدفع. ورداً على كل ذلك فإن أولئك الشباب الذين لا يريدون الانحراف بمطالبهم وتطلعاتهم الى تدمير الوطن وتجزئته، عبروا عن غضبهم بالانسحاب ولم يبق منهم سوى من أصروا على تفويت الفرصة على هؤلاء الانتهازيين من تجار السياسة، ولكنهم ظلوا منكفئين في خيامهم مغلوبين على أمرهم يتملكهم اليأس، وهم يرون تلك المنصة قد اختطفت منهم واحتشدت فيها كل المتناقضات والأضداد من الشيوعي المتحجر إلى الإمامي الكهنوتي إلى القاعدي المتطرف إلى القومي الانتهازي، وقد شحذ كل منهم خنجره لينهش في جسد الوطن ويقطع أوصاله!!!. إن هؤلاء الشباب الذين تركوا الساحات محبطين وغاضبين من اولئك الذين اختطفوا منهم أحلامهم وتاجروا بغضبهم واستثمروا تلك العناوين التي أطلقوها عبر صفحات "الفيس بوك" ومواقع التواصل الاجتماعي، قد تعززت لديهم القناعة بأن من سرقوا طهارة ونقاء اعتصاماتهم وأحلامهم هم وجوه متلونة وكالحة لا يرف لها جفن ولا تستحي مما تصنع، لينطبق عليها المثل القائل "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"!!.