الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    صواريخ الحوثي تُبحِر نحو المجهول: ماذا تخفي طموحات زعيم الحوثيين؟...صحفي يجيب    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    انهيار حوثي جديد: 5 من كبار الضباط يسقطون في ميدان المعركة    نائب رئيس نادي الطليعة يوضح الملصق الدعائي بباص النادي تم باتفاق مع الادارة    نتائج قرعة أندية الدرجة الثالثة بساحل حضرموت    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    وزير الشباب والرياضة يبحث مع المعهد الديمقراطي الأمريكي (NDI) تعزيز العلاقة بين الجانبين    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معركة المواقع وحرب المناصب
نشر في الخبر يوم 10 - 02 - 2014

إنها حربٌ في كل مكان، وفي كل زمان، وهي مرضٌ ووباء، ومصيبةٌ وابتلاء، وهي ظاهرةٌ سيئةٌ لا يكاد يخلو مجتمعٌ أو دولةٌ منها، مهما إدَّعى الناسُ الصدق والإخلاص، والتجرد والتفاني والولاء، وحب الوطن والتضحية من أجله، والفناء في سبيله، ومهما علا شعار "الله، الوطن، الشعب"، فإنهم يكذبون فيه، وينافقون برفعه، ويتظاهرون بالدعوة إليه، ويخدعون الناس بترداده، لأنهم في الحقيقة يعملون لأنفسهم، ويسعون لمصالحهم، ولا يهمهم الشأن العام، ولا مصالح العباد، إنما الذي يعنيهم من الأمر كله أن يكونوا هم في المواقع المتقدمة، ويتصدرون المناصب الرئيسة، والمراكز الأولى، ولو كان ذلك على حساب الكفاءات والطاقات، وأهل الفضل وأصحاب الحق، ممن يستحقون المنصب أكثر منهم، الذين ثبت إخلاصهم، وتحقق ولاءهم، وظهرت أمارات تجردهم، وصدق زهدهم وعفافهم.
في العراق صراعٌ على المكاسب والمناصب والمواقع، واختلافٌ بين الفرقاء على إدارة البلاد، وتسيير الحياة، والتحكم في مرافق الدولة، وثروات البلاد، لا من أجل خدمةٍ أفضل للمواطنين، ونهوضٍ بشأنهم، وتحسينٍ لظروف معيشهم، بل من أجل حيازة أعلى المناصب، وأفضل المواقع، حمايةً للمصالح الشخصية، أو المنافع المذهبية والطائفية، وهم على استعداد لتدمير البلاد، وقتل العباد، إذا شعروا أن مناصبهم في خطر، أو أن سلطانهم قد يتزعزع ويضعف، وأن ملكهم قد يزول.
وفي ليبيا يرفعون السلاح في وجه بعضهم، ويقاتلون أنفسهم، ويخطفون قادتهم ورموزهم، ويهددون بتقسيم البلاد، والعودة بها إلى عصور الظلام، وأزمنة الغاب، فتحكمها العصابات المسلحة، والجماعات والقبائل المتعصبة، بحجة عدم الأهلية، وفقدان الصلاحية، في الوقت الذي يحمل فيه السلاح، كلُ من يبحث عن منصبٍ، أو يسعى لموقعٍ ومكانة، أو يرغب في إزاحة غيره، وعدم تمكين منافسه، رغم أن الذي يدفع ثمن هذا التنافس، وضريبة هذا التدافع المقيت، هو الشعب وحده، الذي يفقد أمنه وسلامته، ويخسر استقراره وطمأنينة باله على نفسه وبيته وأهله.
أما في اليمن، بلاد الحكمة والعقل، وأرض العرب القديمة، وبلاد عدنان وقحطان التي إليها ننتمي، ولنا فيها جميعاً أصلٌ ونسب، فتأبى إلا أن تمزق بلادها شر ممزق، وأن تعيث فيها كأشد مما يعيث فيها عدو، وما ذلك إلا لاختلاف القبائل، وتنازع الأحزاب، وعدم صدق القادة والزعماء، الذين يبحثون عما يعزز سلطانهم، ويقوي وجودهم، ويحصن مواقعهم، ولا يبالون في سبيل ذلك بخرق هدنةٍ، أو نكث إتفاق، أو الغدر بالأهل والجيران، والإغارة على الآمنين المسالمين، من السكان الأبرياء، الذين لا يفكرون في المناصب، ولا يتطلعون إلى المراكز، وكل همهم في الحياة، مأكلٌ ومشربٌ وعملٌ كريم، وبيتٌ ودراسةٌ وتعليم، وصحةٌ وجيرةٌ وحجٌ وحسن ختام.
وفي سوريا احتراب واقتتالٌ وحرقٌ وسفكٌ وقتلٌ وذبحٌ وإبادة، وتدميرٌ للبلاد، وتهجيرٌ للشعب، وتخريبٌ لبلاد الحضارة، وأرض الإنسانية، وحواضر الإسلام الأصيلة، فالنظامُ يحرص على البقاء، ويرفض الرحيل أو منطق الاستبدال، ويصر على البقاء أو الفناء، وفي سبيل ذلك تهون كل الخسائر والتضحيات، ولا يهمهم ما يصيب البلاد من دمارٍ وخرابٍ، ولو عادت إلى الوراء عشرات السنين، وتطلب عمرانها أضعاف ذلك من السنوات، فلا شئ يهم، طالما أنهم سيبقون، وغيرهم لن يكون مكانهم، ولن يحل في الحكم محلهم.
أما المعارضة السورية بتشيكلاتها السياسية والعسكرية، فقد اهترأت اختلافاً، وتمزقت تبايناً، وأصابها عرض الدنيا، وزيف المناصب الغائبة، وبريق الوظائف التي يظنون أنها آتية، فاختلفوا على تقسم المواقع، وتبادل المناصب، وتوزيع الغنائم قبل أن يتحقق لهم منها شئ، بينما الشعب يقتل، والمدن تدك وتقصف، والحصار يشتد، والجوع قد أنهك الأجساد، والمرض قد نال من حياة الكثير، بينما اختلاف القادة يشتد، وصراخهم يرتفع، وضجيجهم يزداد، وكلهم يطالب بحصةٍ أكبر، ومناصبٍ أفضل، وبعددٍ من المقاعد يناسبهم، ويتساوى مع قدرهم، على أن يكون منهم الرئيس والوزير والحاجب والسفير، يختلفون ولا شئ بين أيديهم، وتتصارع أجنحتهم العسكرية قبل أن يحققوا انتصاراً، أو ينجزوا أهدافاً، والشعب المعنى المجروح الشارد الهائم الضائع اللاجئ، هو وحده من يدفع الثمن.
أما مصر الكنانة، فلا شئ مزقها وذهب بقوتها، وشتت أهلها وشعبها الطيب، سوى التنافس على المناصب، والسعي للمواقع، والحرص على إقصاء البعض والاستئثار بالكل، والتفرد في الحكم والقرار، رغم ادَّعاءات الصدق والصلاح، والإخلاص والوفاء للثورة ومفاهيمها، وللشهداء وأهدافهم، وفي خضم التنافس البشع المقيت، يقتل الشعب ويسحق، ويغتال المستقبل ويصادر، ويجوع الناس ويحرمون، ويقاسي الأحرارُ والصادقون، ويكافئ الكذابون والمرجفون، ولا يهم الحالمون بالسلطة، والساعون لها، لو كان ثمن ذلك آلاف القتلى، وخراب البلاد، وفقدان ثقة المواطنين بمستقبلهم.
أما فلسطين وهي قبلة العرب، وهمهم القديم، وجرحهم المفتوح من سنين، فقد اختلف أبناؤها وانقسموا، وتحاربوا واقتتلوا، وبنوا في بلادهم لبعضهم سجوناً، وبينهم سدوداً، وأصبح لهم في أرضهم المحتلة المغتصبة، المستباحة المدنسة برجس الإحتلال، حكومتان ورئيسان وسلطتان، وفيهما سجونٌ ومعتقلات، ومحرومون ومعذبون، ومطلوبون ومعاقبون، وهم وإن اختلفت أسباب انقسامهم، وظروف اختلافهم، فإن السلطة أساس الفرقة، والمناصب ومراكز القوة هي لب الاختلاف، ومناط الوفاق واللقاء إن قررا ذلك، إذ اختلافهم على عددٍ وحصة، وخوفٍ من فوزٍ وغلبة، أو إقصاءٍ وخسارة، كلهم خائفٌ من إتفاقٍ ومصالحة، لا يبقي لهم على سلطة، أو يذهب ويفتت ما بقي لهم من قوة، ولا يهم الأطراف كلها، معاناة الناس وضيق عيشهم، وكرب ظروفهم، والجوع الذي قرصهم بنابه، وعضهم بألمه.
لا نستثني لبنان أبداً ولا ننساه، إذ هو في مقدمة الدول التي تقتلها المناصب، وتمزقها المواقع، فكل شئٍ فيه مقسمٌ ومعلوم، وكل طائفةٍ تعرف حصتها، وتتمسك بمنصبها، وترفض التنازل عنه، أو القبول بمبادلته أو مداورته، ولو كانت النتيجة جمود البلد، وتعطل الحياة، وانكماش الاقتصاد، وتدهور أحوال الناس المعيشية، وانشغالهم جميعاً بلقمة العيش ونفقات الحياة، ولكنهم يتمسكون بقسمتهم الضيزى رغم أنهم يعرفون أن لبعض المناصب من هو أكفأ وأكثر صدقاً وإخلاصاً، ولكن الحرص على مكاسب الطائفة، ومكتسبات الحزب، تفوق مصالح الوطن، وتدوس في طريقها كرامة وحاجة المواطن.
كيف يريد هؤلاء من شعوبهم أن يكونوا مخلصين لهم، وصادقين معهم، ويضحون بحياتهم في سبيلهم، وهم يعلمون أن همهم في الحياة منصبٌ ومكانة، وقيادة وريادة.
أيظن هؤلاء أن الشعوب سوقةٌ ودهماء، وجهلةٌ وغوغاء، لا يفهمون ولا يعقلون، وكالبهائم يساقون، يقودونهم بعصا كالقطيع، ويغرونهم بالعشب والكلأ ظناً منهم أنهم جياعٌ فقط، يبحثون عما يملأ بطونهم، ويروي ضمأهم.
وتناسوا أن هذه الشعوب حرة أبية، لا تقبل الضيم، ولا تنام على الظلم، وتهمها كرامتها، وتسعى لتحقيق عزتها، ونيل استقلالها عن كلِ مستبدٍ جبار، وتبذل حياتها لتكون حرة طليقة، لا يستعبدها بعد الله أحد، ولا يصادر قرارها إنسانٌ مهما عظم شأنه، وسما نجمه، وعلا ذكره، فالبشر غير الأنبياء والرسول خطاؤون، وهم غير معصومين من الإنحراف والزلل، ومن الضلال والخطأ، خاصةً إذا توفرت عندهم السلطة، وتحققت لهم القوة، وأصبحوا يتحكمون في أرزاق الناس وأعمالهم، ظانين أن شعوبهم غبية لا تفهم، وسادرة لا تعي، وعبدةً مسلوبة الإرادة لا تثور ولا تغضب.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.