تمر اليمن الآن بمنعطفات سياسية وتاريخية خطيرة قد تؤدي إلى انهيار كلي للدولة والشعب معاً لأن هناك ديناصورات في هذا البلد لا يريدون لهذا البلد أن يخرج من أزماته المتفاقمة والمتراكمة ولو بصورة مؤقتة، فكلما تنفس الشعب اليمني الصعداء وخروجه من الأزمة الأولى كلما دخل في نفق مظلم لا نهاية له وأزمات جديدة مفتعلة القصد منها إلهاء الشعب اليمني عن عملية البناء وإدخاله في صراعات قبلية وحزبية لا ناقة له فيها ولا جمل، فالشعب اليمني لا يريد أكثر من توفير الأمن والأمان والاستقرار وتطبيق الشرع والقانون على الجميع دون استثناء بالإضافة إلى توفير سبل الحياة الكريمة ولقمة العيش وفرص العمل وتحسين الأحوال المعيشية لكل أفراد المجتمع من مدنيين وعسكريين، فالكل في حاجة ماسة إلى تحسين أحواله ومعيشته وإلى الدعم الحكومي والعربي والدولي لهذا الشعب الذي تعرض للكثير من المشكلات والأزمات منذ قيام الثورة اليمنية حتى الوقت الحالي . إن افتعال الأزمات الاقتصادية المتمثلة في أزمة المشتقات النفطية وانعكاساتها على الأمن والاستقرار والسكينة العامة وعلى الأوضاع المعيشية للمواطنين ما هي إلا إحدى الأزمات الكارثية التي تنتظر ظهورها إلى العلن كجرعة قاسية لا مفر منها والتي سوف تترك آثاراً اقتصادية ومعيشية فادحة لأن أسعار السلع الغذائية والخضروات والفواكه ستشهد ارتفاعاً جنونياً غير مسبوق وسوف تتضاعف متطلبات المواطنين اليومية في كل شيء، قِس على ذلك مصاريف المدارس والمواصلات والملابس ومتطلبات المدارس في الوقت الذي تظل فيه المرتبات والأجور ثابتة دون زيادة أو تحسين خاصة وقد قام صاحب السعادة وزير المالية بإيقاف صرف العلاوات السنوية المشروعة والمستحقة لجميع موظفي الدولة بمن فيهم الجيش والأمن , ولم يعد أمام الموظف من مفر إلا الاعتماد على المرتب الشهري الضئيل الذي لا يكاد يمر أسبوع على استلامه إلا وقد طار في الهواء ما بين الديون والسلف . هذا في الوقت الذي تعاني فيه اليمن من مشكلات اقتصادية وتنموية غاية في الصعوبة كتوقف الاستثمار الأجنبي في اليمن وفرار المستثمرين إلى بلدانهم أو بلدان أخرى أكثر أمناً وأماناً من جراء الأعمال الإرهابية والاختطافات الممنهجة للأجانب وفقدان الأمن والأمان وانحسار وانكماش تحويلات المغتربين اليمنيين الذين تضرروا من الإجراءات السعودية الأخيرة وترحيل أكثر من 900 ألف مغترب حيث أدت موجة عودتهم إلى البلاد إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية إلى الأسوأ خاصة في ظل انعدام الموارد الاقتصادية والمشاريع الاستثمارية وانعدام فرص العمال في القطاع الخاص فضلاً عن شحة الأمطار لهذا الموسم ودخول اليمن في سنوات الجفاف والتصحر ونضوب المياه الجوفية من جراء سوء استخدامها , كل هذه كوارث تهدد اليمن واليمنيين بأيام وسنوات عجاف خاصة في ظل استمرار الاقتتال العبثي والاغتيال اليومي الممنهج لأي مواطن يمني دون خوف من الله أو حياء أو خجل أو ضمير حي وبات قتل المواطنين اليمنيين مهما كانت هوياتهم أو انتماءاتهم الحزبية عند البعض عملاً يومياً مستمراً وجهاداً مشروعاً وكأن هؤلاء المواطنين الذين يتعرضون للقتل والاغتيال بقلوب ميتة وقاسية كالحجر كأنهم من عبدة الشيطان والأوثان وليسوا بمسلمين ومؤمنين وموحدين وقد استباحوا دماءهم وجعلوها تسيل في الجبال والوديان والمدن بدلاً من سيول الأمطار . فمتى سنرجع إلى الله ونتضرع إليه ونتوب إليه حتى يرضى عنا ويرحمنا ويغفر لنا ويكفر عنا سيئاتنا فهل إلى خروج من سبيل؟