الخدمة المدنية تعلن غداً الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة العيد الوطني 22 مايو    إصابة امرأه وطفلين بانفجار لغم زرعته المليشيات غرب تعز    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    سياسيون ونشطاء: تراخي الأمم المتحدة شجع المليشيا لاستغلال ملف قحطان للابتزاز    المنتخب الوطني للشباب يواجه نظيره السعودي وديا منتصف يونيو استعدادا لبطولة غرب آسيا    أكاديمي اقتصادي: فكرة البنك المركزي للحد من تدهور الريال اليمني لن تنجح!    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    ناشط إيراني بارز يكشف معلومات صادمة عن الرئيس الراحل "إبراهيم رئيسي"    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة خلف القضبان «4» : بلاغ لمفتش عام الداخلية .. «5» لترات ماء للسجين في سجن المعلمي بصنعاء
نشر في الخبر يوم 29 - 04 - 2014

السجن الاحتياطي هو المكان الذي يتم فيه إيداع النزلاء بعد أخذ أقوالهم والتحقيق معهم من قبل الجهات الأمنية كالبحث الجنائي وأقسام الشرطة وغيرها، وإحالة ملفاتهم إلى النيابات المختصة، بحيث تجري محاكمتهم وهم داخل السجن الاحتياطي قبل أن تصدر بحقهم أحكام قضائية باتة.
وهو مرحلة وسطية بين السجون التابعة للبحث والشرطة وبين السجن المركزي، ومن داخله يتم إحالة السجين للسجن المركزي، أو الخروج منه بصدور حكم قضائي او بضمانة حتى يتم تبرئته، ولذلك سمى بالاحتياطي.
وهذا النوع من السجون هو أسلوب مصري تعمل به الأجهزة الأمنية المصرية، وأول من بدأ العمل به في اليمن، واستنسخ تجربته وزير الداخلية الأسبق اللواء حسين عرب عندما كان وزيراً للداخلية خلال الفترة (1997- 2001م).
وجرى حينها إنشاء أربعة سجون احتياطية في العاصمة صنعاء موزعة حسب التوزيع الجغرافي للنيابات والمحاكم، وهي سجن المعلمي التابع لمحكمة ونيابة غرب الأمانة، ويختص أيضاً بقضايا الفساد والأموال العامة والصحافة، وسجن علاية في الصافية ويتبع نيابة جنوب الأمانة، وسجن هبرة ويتبع شمال الامانة، وسجن الثورة ويتبع شرق الأمانة.
تلك أربعة سجون مختصة بعملية ايواء السجناء الذين لازالت قضاياهم في طور الاتهام ويتم إيداعهم داخلها بتقارير وتوصيات من الجهات المختصة، ولا يتم الإفراج عنهم إلا بأوامر من النيابة المختصة على ضوء ضمانة حضورية حتى انتهاء القضية، أو بعد صدور أحكام قضائية بالإدانة أو البراءة.
احتياطي المعلمي
شيد سجن المعلمي منذ أكثر من 25 سنة، وهو عبارة عن مبنى مكون من طابقين وبدروم أرضي، ويحوي (14) عنبراً بمقاسات مختلفة، ومزود بطاقم أمني لإدارة السجن، وما يتعلق بشؤون النزلاء، ويرأس إدارته حالياً العميد ناجي محمد الذي تخرج من كلية الشرطة ضمن الدفعة الرابعة والعشرين ويعد وزير الداخلية الحالي اللواء عبده الترب أحد زملاء دفعته العسكرية الذين تخرجوا معاً، ويحظى بالاحترام والتقدير من قبل النزلاء والعاملين بالسجن، واستطاع أن يرتقي بالإدارة داخله، ويوفر الكثير من الخدمات الإنسانية للنزلاء، ويرمم تلك الصورة الوحشية التي لحقت بالسجن عندما كان تحت إدارة المدير السابق.
يقع السجن في حي سكني مأهول ومكتظ بالسكان، وهذا ينعكس سلباً على نفسية النزلاء داخله الذين يستمعون لجميع الأنشطة الاجتماعية في المنازل المجاورة كالأعراس وغيرها، فيزدادوا حسرة وألماً، كما يؤثر على أجواء السكينة للسكان المجاورين بفعل حالات الشغب التي قد تحدث وما تثيره سيارات الشرطة من ضجيج صباح كل يوم، ومع هذا فوجود السجن داخل الحي وفر له حماية أمنية من أي أعمال قد تستهدف مبنى السجن.
ولعدم قدرتي على زيارة بقية السجون الاحتياطية بالعاصمة فلن أستطيع وضع مقارنة بين سجن المعلمي الاحتياطي والسجون الثلاثة الأخرى، ولكن نستطيع أن نقول إجمالاً إن وضع السجن الداخلي في المعلمي يبدو جيداً، من ناحية المظهر والنظافة العامة، وذلك في الأماكن التي استطعت الوصول إليها، فالجدران خالية من الكتابة العشوائية قياساً ببعض السجون، ويقال إنه جرى إعادة تحديث المبنى مؤخراً ب 14 مليون ريال.
وبحكم طبيعته كسجن احتياطي يكاد يخلو من انتهاكات تمارس ضد النزلاء لإرغامهم على الاعتراف أو إلحاق الأذى الجسدي والمعنوي بهم، مثلما يحصل في سجون البحث الجنائي، أو أقسام الشرطة، إذ تنحصر مسؤولية القائمين عليه في الحفاظ على السجين من الهروب أو الانتحار، ولكن يبقى السجن سجناً مهما كانت درجة التعامل مع النزلاء، وكل هذا لا يبرئه من وجود كثير من السلبيات الحاصلة هناك، أو مظاهر القصور الواضحة داخل زوايا السجن الكئيبة.
عن أجواء السجن
بحسب معلومات مؤكدة هناك 214 سجينا في مختلف غرف السجن حالياً، وقد تناقص العدد إلى النصف، بعد الإفراج عن عدد كبير من النزلاء، قبل إضراب القضاة، وغالبية التهم الموجهة إليهم تتمحور حول قضايا جنائية وأموال عامة وخاصة وخلافات مع شركات في القطاع الخاص وغيرها.
من خلال تركيبة مبنى السجن، فالسجن ليس مؤهلاً لاحتضان كل ذلك العدد من النزلاء، فهو عبارة عن طابقين فوق بعض، وتنعدم فيه أية أماكن مفتوحة للتنفس والتهوية والتشمس كحوش مفتوح أو ميدان رياضي أو أي مساحة يستطيع السجناء التحرك فيها، وقضاء أوقات الفراغ الطويلة داخل تلك الغرف المغلقة، خصوصا انهم يظلون لفترات طويلة خلف القضبان، تصل عند البعض إلى سنوات، فكيف يصبح وضعهم الصحي في ظل تلك الأجواء بعيداً عن الشمس والهواء الطلق.
السجن يعاني بدرجة أساسية من ضيق المكان، وارتفاع عدد النزلاء بما يضطر إدارته إلى حشرهم وتكديسهم داخل الغرف بشكل مزعج ولا إنساني، وفي هذا الجانب بالذات لا تملك إدارة السجن إلا أن تبدي أسفها فالأمر ليس بيدها فهي تستوعب يومياً حالات جديدة، وترى أن المسؤولية تقع على عاتق وزارة الداخلية لتضع حلولاً للازدحام وأزمة السجون القائمة، وكذلك أمام النيابة العامة لتفعيل أداء النيابات وسرعة إنجاز القضايا الماثلة أمامها، حتى يتم تخفيف العدد داخل السجن بشكل آلي، فالنيابات بالفعل تبدو بطيئة بإنجاز القضايا التي بين يديها، وأحد السجناء تم تأجيل قضيته 40 يوماً لتحضير الشهود، وهي فترة طويلة جداً تنعكس سلباً على حياة السجين الذي سيقضي تلك الفترة داخل السجن بانتظار الموعد الجديد.
هناك مظاهر إيجابية داخل السجن لن أتطرق لها حفاظاً على بقائها قائمة، وعدم حرمان النزلاء منها، وهي مظاهر إنسانية بحتة لا تُقدم مجاناً، غير أن بقاءها واستمرارها يصب في صالح النزلاء وحرمانهم منها سيضاعف معاناتهم داخل السجن.
في السجن ستكون أمام خيارات مُرة، إما الاستسلام لمستوى الحياة اليومية الاعتيادية التي يمضي عليها قانون السجن، خاصة في جوانب التغذية اليومية وطقوس الأكل والشرب والنوم، أو مضاعفة نفقاتك المالية الشخصية كي تتمكن من الحصول على نوعية الغذاء المناسب الذي تعودت عليه في الخارج، وهذا سيحمل أسرتك أعباء مالية كبيرة، إذ سيضطرون للإنفاق عليك في الداخل والانفاق على أنفسهم، ومتابعة قضيتك في الخارج.
الغذاء والنوم والماء
الغذاء المقدم من السجن بصورة يومية، لا يستسيغه إلا من وجد نفسه عاجزاً مضطراً لتناوله، وهم الغالبية ممن لم تتمكن أسرهم من الانفاق عليهم بسبب الفقر أو بسبب عدم وجود أقارب لهم في العاصمة، رغم أن أواصر الترابط بين السجناء في العنبر الواحد تزداد التحاماً كل يوم والجميع يشعرون أنهم أسرة واحده فيتقاسمون ما يصل إلى أحدهم ويأكلونه معاً.
التغذية المقدمة عبارة عن ثلاث وجبات يومية، تُعد داخلياً، وهي عبارة عن فاصوليا أو فول أو عدس عند الإفطار والعشاء مع قليل من الشاهي، أو رز مع طبيخ (مشكل) عند الغداء، ومع كل وجبة أربع كدم لا تكفي لسد الجوع، وكل تلك الوجبات لا تنال الاهتمام الكافي من الإعداد والطهي، أو تتنوع طبيعتها، إلا في حالات نادرة، لكنها في كل الأحوال تبدو طعام المضطر لدى البعض سواء سدت حاجته من الجوع أم لا.
أما الماء فهو مشكلة حقيقية يعاني منها السجن في ظل زيادة أعداد النزلاء، وضعف الميزانية المالية الخاصة بالسجن، ما يضطر بالنزلاء إلى دفع مبلغ مالي من وقت لآخر لشراء كميات إضافية من الماء.
الكمية الحقيقية المخصصة لكل فرد هناك، لا تعكس سوى وضع مأساوي كارثي، لا ينبغي السكوت عليه من منظمات حقوق الإنسان ووزارة الداخلية، فكل فرد تُخصص له ما يصل إلى 5 لتر من الماء يومياً للشراب والوضوء والاغتسال، وهي كمية لا تكفي لكل تلك الحاجات، مما يضطر البعض للمشاركة في قيمة الماء للسجن بشكل عام، أو شراء كميات إضافية له شخصياً، ومن لا يملك المال فعليه أن يتكيف مع الكمية المخصصة له، خاصة أولئك النزلاء القابعين في البدروم.
مستلزمات النوم من الفرش والبطانيات تبدو هي الأخرى في حالة رثة، وتنتقل من سجين لآخر، ويلجأ البعض لاستقدام أغراض شخصية من الخارج بدلاً عن تلك المقدمة في السجن.
سجن بلا جامع وكهرباء
الأمر الأهم هو خلو السجن من وجود جامع يمكن أن يتجمع فيه النزلاء للصلاة بشكل جماعي أو فردي، أو يختلون فيه مع أنفسهم ومراجعة ذواتهم وممارسة العبادة خاصة مع حالات الكرب والضيق التي يشعرون بها داخل السجن، وكل الصلوات يؤديها النزلاء فردياً أو جماعيا داخل غرفهم، ما عدا صلاة الجمعة التي يستضيفها عنبر رقم (9) حيت يقيم الحلالي الذي أصبح لطول فترته في السجن خطيباً ومساهماً في إدارة شؤون النزلاء وخدمتهم، ومع الازدحام وامتلاء الغرف بالأشخاص يصبح أداء الصلاة متعسراً إلى حد ما بسبب بقاء الجميع في أماكنهم، ويضطرون لرفع أمتعتهم عند كل صلاة ثم بسطها مرة أخرى بعد الانتهاء.
في سجن المعلمي لا يوجد مولد كهرباء لإنارة الغرف أثناء انطفاء الكهرباء العمومية –وما أكثر انطفاءها- وإذا ما انطفأت يغرق السجن بكامله في الظلام، ولكم أن تتصوروا حالة الازدحام والتكدس للنزلاء التي تصل إلى ثلاثة أضعاف الاستيعاب الحقيقي، ويغرقون جميعاً في الظلام الدامس، ويقوم البعض باستخدام الخازنات الكهربائية المؤقتة التي لا يزيد وقتها عن ساعة إلى ساعتين، وهم بالطبع الميسورون من النزلاء في بعض العنابر، أما الأغلب فيظلون في الظلام حتى عودة التيار مرة أخرى.
بوفية وبقالة السجن هي أيضاً صورة للمأساة المتجسدة هناك، فالأسعار داخلها أضعاف الأسعار في الخارج، وقد يدفع أحدهم ألف ريال ورقة واحدة مقابل علبة ماء بمائة ريال ولا يعود إليه بقية المبلغ.
وأمام هذا الوضع المتدهور في مستوى الخدمات المقدمة للسجناء وهم يقضون فترة السجن الاحتياطي تتضاعف نفقاتهم واحتياجاتهم المالية يومياً لسد النقص القائم في السجن.
فئات عمرية مختلطة
لا يوجد طريقة تتبعها إدارة السجن في توزيع النزلاء على الغرف، عندما يفدون إليها للمرة الأولى، وبالتالي يتم وضع الاشخاص مع بعضهم داخل العنبر الواحد، بغض النظر عن التهم الموجهة إليهم، أو الجرائم التي ارتكبوها، فتجد العنبر الواحد خليطا من أشخاص بتهم مختلفة وفئات عمرية متفاوتة، -باستثناء الأحداث الذين خُصصت لهم عنابر خاصة بهم- وهو ما قد يؤثر على سلوكيات البعض ويتأثر بها، خاصة أولئك الذين يدخلون السجن لأول مرة، وتعرضوا للظلم واهتضام الحقوق، عندما يحتكون بأفراد عصابات أو ما شابه ذلك، فيخرجون إلى الواقع بأفكار أخرى خصوصاً إذا قضوا فترات طويلة داخل السجن، وتزداد احتمالية حدوث ذلك مع عدم سرعة البت في القضايا أمام النيابات والمحاكم، وغياب أي مظاهر تأهيلية وإصلاحية للنزلاء داخل السجن.
الأمر المحزن والمخجل هو غياب الدور الكامل لوزارة حقوق الإنسان، والمنظمات الحقوقية، والإدارة العامة لحقوق الإنسان المستحدثة مؤخراً في هيكل وزارة الداخلية الجديدة، من النزول الميداني إلى السجن والاطلاع على وضع النزلاء، وتقديم العون القانوني لهم، وأجزم مؤكداً أن المختصين في الإدارة العامة لحقوق الإنسان بوزارة الداخلية لم تصل أقدامهم أو عيونهم إلى مثل تلك السجون، وإن كانوا قد وصولها، فهم لم يفعلوا شيئاً يذكر، وهي مناشدة وبلاغ نضعها بين يدي المفتش العام بوزارة الداخلية، ونحن على ثقة أنه لا يرضى بحدوث هذا، ولديه نشاط واستعداد لمعالجة كل هذه الظواهر والسلبيات ويسعى جاداً لحلها.
وثمة أمر محزن ومؤسف داخل سجن المعلمي الاحتياطي، فهناك عدد كبير من السجناء لديهم أوامر بالإفراج عنهم وبأحكام قضائية، لكن لم يستطيعوا الخروج بسبب عجزهم عن تقديم ضمانات تجارية كما تشترط النيابات، وهو شرط لا ندري مدى صحته قانونياً، وهم حالات كثيرة سنتحدث عنها لاحقا.
وهناك ملاحظات أخرى يتحدث عنها السجناء عن السجن، وهي الغرف الأرضية أو ما يعرف بالبدروم، وما يعانيه القابعون هناك من معاناة، وأوضاع سيئة، يتعرضون لها بحكم طول الفترة التي يقضونها داخل السجن، ويعتبرون الفئة الأكثر ظلماً وفقراً وبؤساً، وأصبح وضعهم رعباً يتم تخويف السجناء الآخرين من معاقبتهم بإنزالهم الى البدروم، في حال عدم التزامهم بالتعليمات الموجهة إليهم.
فهد السقطري.. قصة غربة تنتظر الإفراج
منذ أكثر من خمسة أشهر والمواطن فهد سالم صالح السقطري محتجز في سجن المعلمي الاحتياطي على ذمة خلاف إداري بينه وبين بنك التسليف التعاوني الزراعي الذي كان يعمل موظفا في فرعه بجزيرة سقطرى.
قصة فهد تبعث على الأسى، وتحرك كوامن المشاعر الإنسانية للتعاطف معه، جراء الظلم الذي لحق به، وهو الرجل الذي يدخل السجن لأول مرة في حياته، وعاش بين قومه كريماً خدوماً لهم، ويقوم على قضاياهم ويحظى باحترامهم، وله مكانه اجتماعية عالية في قلوب وسكان الجزيرة، الذين أحبوه لدماثة أخلاقه وحسن معاملته لهم.
يفتقده الآن قومه في حارة 21 فبراير بالجزيرة، وأهله وأبناؤه أكثر من افتقدوه، اما هو فيصارع مرارة السجن، وقهر الظالم، وغربة المكان النائي، البعيد عن موطنه وموطئ قدمه، فليس له أقارب في صنعاء كي يزوروه في السجن، وليس لديه نفوذ كي يتمكن من متابعة قضيته لدى الجهات القضائية.
تتلخص قضية فهد في اكتشاف عجوزات رقمية بفرع البنك بالجزيرة لا تتطابق مع الرصيد الفعلي المخصص للفرع، وسافر وفد من إدارة البنك في صنعاء للجزيرة لمعالجة المشكلة، وتم الاتفاق مع بعض المقاولين في الجزيرة لتغطية العجز البالغ 160 مليون ريال وذلك بدفع 44 مليون ريال، لكن إدارة البنك تراجعت لاحقا عن الاتفاق، وطلبت من فهد السفر إلى صنعاء لمقابلة رئيس مجلس إدارة البنك وشرح المشكلة وعرضها عليه، وعندما وصل إلى صنعاء بتاريخ 27 نوفمبر الماضي، وتم الإتفاق على نزول لجنة مالية لمراجعة النظام، وقبل أن يسافر إلى الجزيرة طلب منه المختصون في البنك مقابلة إدارة الشؤون القانونية، وعندما حضر فوجئ بعدها بمجموعة من العساكر أخذوه غدراً واقتادوه إلى سجن البحث الجنائي بتهمة الاستحواذ على المبلغ، تعرض فيها للإذلال والشتائم، ومكث هناك 21 يوما، بعدها أحيل الى سجن المعلمي الاحتياطي.
فهد متمسك بمطلبه، وهو عرض المشكلة على خبير في تقنية البرامج المالية التي يعمل عليها البنك، وستتضح الحقيقة، ويؤكد أن القضية لا تخلو عن كونها برمجية بحتة، وأن إدارة البنك ترفض هذا المقترح وتطالبه بسداد المبلغ، بينما هي حسب كلامه، تعمل على عدم إظهار الحقيقة وطمسها كونه وزميله يمتلكون خيوطاً قد تدين بعض المسئولين في الإدارة.
كلف فهد محامية لتترافع عن قضيته وتتابعها أمام الجهات المختصة لكن بعد الجزيرة وارتفاع كلفة أجور المحامية في صنعاء يجعل من الصعب تواجدها في صنعاء ومتابعتها في القضية، ويرى أن الجهات المعنية في قضيته تتعامل معه بدونية واضحة كونه من سقطرى.
وما يزيد قضيته تعقيداً هو النفوذ العبثي للبنك في النيابات لإلصاق التهمة به وتحميله المبلغ، ويقول إن أحد الأشخاص كان قد تدخل لمساعدته، لكنه تعرض للتهديد من شخص عبر الجوال طالبه بعدم الاقتراب من فهد وصديقه.
الآن فهد يطالب بالإفراج عنه بالضمانة الأكيدة للدفاع عن نفسه، بعد حبسه لأربعة أشهر، وتعرضه للظلم وابتعاده عن أهله، وعدم وجود من يسانده في صنعاء قانونياً أو مالياً.
فهد يبدو إنساناً بسيطاً كبساطة أبناء سقطرى، لكنه الآن يدفع ثمناً باهضاً في قضية نزلت عليه من حيث لا يشعر، ومنذ دخوله السجن تعرض منزله للسرقة لمرتين متتاليتين، وتغير وجه الجزيرة السياسي بعد اعلانها محافظة مستقلة بذاتها، وما يأمله فهد من المسؤولين الجدد في الجزيرة هو تدخلهم في قضيته ومساندتهم له ومتابعتها لدى الأطراف الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.