ليس ثمة ما هو مبهم في سيطرة الحوثيين على الحكم في اليمن، فكل التداعيات التي سبقت كانت تفضي إلى هذه النهاية، والغريب والمريب أن أحدا لم يحرك ساكناً قبل الطوفان الحوثي، وتُرك اليمنيون ليواجهوا مصيرهم، وابتسامة شماتة تعلو بعض الشفاه.. في تقديري. والحوثيون، دون كثير تأصيل، وهم أقلية شيعية يمنية، بدأوا تحركهم منذ سنوات بدعوى المطالبة بحقوق ضائعة والسعي لتحقيق إصلاحات، وهم نموذج عن «المخفي الاعظم» الذي اختفى خلف تلك الشعارات، وصولا إلى تحقيق دولتهم على حساب الغالبية. ولم يكن هدف الحوثيين طيلة مسيرتهم الحصول على حقوق أو إصلاح وإنما السيطرة أو إقامة كيان سياسي مواز ومؤثر في السياسة اليمنية، على غرار حزب الله اللبناني، يخدم أهدافا ايرانية. وايران هي الداعم الاساس لهم. وليس بعيدا عن الاذهان قول مسؤول ايراني عشية دخول الحوثيين الى صنعاء، ان عاصمة عربية رابعة سقطت تحت سيطرتهم. ولهذا السبب بالتحديد، قفز الحوثيون على كل اشكال التفاهمات والحوار وأطلقوا العنان للسلاح ليقول كلمته.. ولسان حالهم «القوة تتحدث.. والقوة توصلنا الى اهدافنا». لا شك ان هذا الاندفاع الحوثي كان معروفاً للدولة اليمنية، مثلما هو معروف لقوى اقليمية، ورغم ذلك لم تطلق مبادرات أو تتخذ اجراءات للحيلولة دون وقوع اليمن في قبضتهم، بعد ان تكشف ما تكشف منهم. قد يبرر محللون السيطرة الحوثية بأن اليمن كان يعاني من الفوضى اصلا، وان الطريق لهم كان ممهداً، مع ما يتردد من دعم حزب علي صالح لهم، ولكن لماذا غابت الدول العربية عما يجري هناك؟ حتى بعد تصاعد المخاوف من السيطرة على مضيق باب المندب، وتأثيرات ذلك على أمنها القومي؟ أم ان فكرة الأمن القومي باتت ارثا من الماضي دون ان نعرف؟ ليس صحيحا ان المسائل حسمت في اليمن، لكن استخدام الحوثيين السلاح ورفضهم الالتزام بأي مخرجات حوار، وتعالي اصوات انفصال الجنوب، وبقاء حالة الفراغ الدستوري بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي قد يدفع اليمن الى نتائج لا يحمد عقباها.. وحرب لا تبقي ولا تذر.