ريال مدريد يقدم عرضا رمزيا لضم نجم ليفربول    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    الإعلان عن حصيلة ضحايا العدوان على الحديدة وباجل    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    أكسيوس: ترامب غير مهتم بغزة خلال زيارته الخليجية    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    الامارات العربية تضمّد جراح عدن وتنير ظلامها    تغيير رئيس الحكومة دون تغيير الوزراء: هل هو حل أم استمرارية للفشل؟    ودافة يا بن بريك    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    إيران تكشف عن حجم الخسائر الأولية لانفجار ميناء رجائي    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    إسرائيل لا تخفي أهدافها: تفكيك سوريا شرط لنهاية الحرب    طيران العدوان الأمريكي يجدد استهداف صنعاء ورأس عيسى    أعنف هجوم إسرائيلي على اليمن يدمر ميناء الحديدة    قرار رقم 1 للعولقي بإيقاف فروع مصلحة الأراضي (وثيقة)    الحذر من استغلال العليمي مبررات (إصلاح الخدمات) في ضرب خصومه وأبرزهم الانتقالي    بعد فشل إطلاقه.. صاروخ حوثي يسقط بالقرب من مناطق سكنية في إب    "مسام" ينتزع أكثر من 1800 لغم حوثي خلال أسبوع    وسائل اعلام اسرائيلية: هجوم اسرائيلي أمريكي شاركت فيه عشرات المقاتلات ضد اهداف في اليمن    شركة النفط توضح حول تفعيل خطة الطوارئ وطريقة توزيع البنزين    عشرات الغارات استهدفت ثلاث محافظات    وقفة نسائية في حجة بذكرى الصرخة    برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    مرض الفشل الكلوي (3)    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فساد الشيخ حميد الأحمر ومبررات الحجز على ممتلكاته
نشر في الخبر يوم 08 - 03 - 2015

يقول حلفاء الثورة، بأن هذا الرجل فساده من النوع الذي لا يجب السكوت عليه، ومنذ أن تمكنت الثورة المضادة بقيادة (الحوثي، وصالح، والداعمين الإقليميين، والدوليين) من دخول صنعاء، سارع كل أنصارها، جماعاة وأفرادا، إلى القضاء على ذلك الفساد الذي لا يطيقونه، المتمثل في أنشطة رجل الأعمال الشيخ/ حميد بن عبدالله الأحمر.
الأسبوع الماضي أصدرت النيابة الأموال العامة، أصدرت أمراً بالحجز على ممتلكاته، حسب ما نشرته قناة الجزيرة ؟!
فما هو الفساد الذي مارسه الشيخ/ حميد الأحمر؟! ولماذا يتم متابعته بتلك الصورة الحثيثة ؟!
هذا الرجل لم يتسلم أي منصب في الدولة، يؤكد بأنه يعمل في المجال التجاري بالطرق القانونية والإدارية، وأعلن أكثر من مرة بأنه في حالة وجود قضاء عادل ونزيه، فإنه مستعد لعرض نشاطه التجاري لخبراء متخصصين يقومون بفحصها، والتأكد من سلامة حركتها المحاسبية والقانونية، في حقيقة الأمر هذا الكلام لم يقله صالح ولا أحد من أفراد أسرته، ولا أحد من أركان نظامه، لم يقله أحد من قيادات جماعة الحوثي، و لا أحد من حلفاء الثورة المضادة، ولو من باب الاستهلاك الإعلامي، لأنهم جميعاً يعرفون كيف جمعوا أموالهم، ومن أين حصلوا عليها.
فور دخول صنعاء، توجهوا جميعاً نحو ممتلكات وشركات الشيخ/ حميد الأحمر، وهي شركات بلغ عمر بعضها التجاري أكثر من عشرين عاماً، فاستولوا عليها جميعاً مثل: شركة الأغذية، وشركة الزيوت، ومطابع الآفاق، التي استولوا عليها وخصصوها لطباعة ملصقاتهم وشعاراتهم، محلات كنتاكي، أخرجوا منها أكثر من120عامل، وقاموا بتشغيلها لصالحهم الخاص، طبعاً هذا ليس فساداً، ولا سرقة ولا سطوا همجي مقيت، إنه نوع جديد من أنواع مكافحة الفساد .
هذه الجماعة وصل بهم الأمر حد الوقاحة عند محاولتهم إخراج زوجته السابقة التي لم يعد يربطها به إلا أنها كانت زوجه سابقة، فكان مبرراً دامغاً لمحاولة إخراجها من منزلها، وهكذا واصلوا نهب كل شيء، شركات، ممتلكات، منازل، كل ما له علاقة بالشيخ/ حميد الأحمر أمموه، أما معرض أبو لو (صالة معارض دولية) فقد استولوا عليه، وحولوه إلى معرض خاص لصور قتلى الحوثي، الذين قضوا في ثورته، التي يبدو أن أبرز مهامها تمثلت في نهب ممتلكات الشيخ/ حميد الأحمر.
ترى هل كانت ثورة الحوثي المزعومة، ومسيرته القرآنية، التي لا علاقة لها بالقرآن وتعاليمه، تلك الثورة التي دعمها صالح وبعض دول الإقليم والمجتمع الدولي، هل كانت من أجل نهب ممتلكات الشيخ/ حميد الأحمر، وجامعة الإيمان ؟! لم يشاهد الشعب سوى هذه الإنجازات.
هل تعرفون سر هذه العلاقة بين الشيخ/ حميد الأحمر، وجامعة الإيمان على وجه الخصوص؟! الأول يفعل الخير، والثاني يُعلم الخير، هذه العلاقة والأفعال لا يحبها حلفاء الثورة المضادة، ولا يرغبون فيها، لذلك فهي بالنسبة إليهم تمثل أعمال فساد هم يحاربونه، ويكافحونه بقوة وحزم، هل تتذكرون الشيخ/ محمد المؤيد، صاحب أشهر فرن خيري في اليمن؟! كيف تمت محاربته وخطفه بتعاون نظام صالح؟!.
ما يقوم به صالح والحوثي اليوم بدعم دولي وتغاظي أممي عن كل تلك الممارسات التي تتنافى وحقوق الإنسان، والقيم الإنسانية والأخلاقية، ليس سوى نوع من أنواع محاربة فساد.
أنا لست مخولاً للدفاع عن الشيخ/حميد الأحمر، ولو كان فاسداً حقيقياً، لقلت فيه ما أقوله عن فساد الحوثي وصالح، أنا لا أعرف الكثير عن أنشطته الخيرية، التي يحاربها حلفاء الثورة المضادة بقيادة الحوثي وصالح، ويعتبرونها من الفساد الذي يجب محاربته، لكني في فترة من الفترات عرفت شيئاً منها، سنشهد بما علمنا، نريد أن يعرف الجميع، لماذا يُحارب هذا الرجل وأمثاله بتلك الصورة.
-الشيخ/ حميد الأحمر، يكفل أكثر من1000يتيم .
-يصرف مالا يقل عن عشرة ملايين ريال شهرياً كفالات ثابتة، وهو ما يساوي أكثر من120مليون ريال في العام، يصرفها لدور القرآن، والجمعيات الخيرية، والأسر الفقيرة، وطلاب العلم، والأيتام.
-مصروفاته للأنشطة الخيرية المختلفة، في شهر رمضان من كل عام، أكثر من مائتين وخمسين مليون ريال لمشاريع (إفطار الصائم، والأسر الفقيرة، وكسوة العيد، ودعم أنشطة جمعيات مختلفة).
-يصرف ما يقرب من خمسين مليون ريال، في عيد عرفة ( كسوة عيد، وأضاحي ).
-لديه مشاريع خيرية موسمية، يتم دعمها، بشكل دائم مثل مشاريع البطانيات الشتوية، والقوافل الطبية المجانية، والأعمال الإغاثيه المختلفة.
-أذكر أحد تقاريرهم الرسمية التي رأيتها شخصياً عن المصروفات الخيرية، كان المبلغ الإجمالي فيها يزيد عن 800مليون ريال يمني، أي ما يقرب من مليار ريال، صرفت في كافة مجالات العمل الخيري، ومع ذلك يؤكد العاملين معه في المجال الخيري، بأن هناك مساعدات وصرفيات خيرية أخرى كثيرة جداً، لم تدخل ضمن ذلك التقرير فليس لديهم أولياتها، وهي مبالغ صرفت عن طريق شركاته، أو بشكل شخصي، وبطريقة بعيدة عن العاملين معه في المجال الخيري.
بالطبع هذه الأعمال الخيرية وأمثالها، تمثل أساس الفساد الذي يسعى حلفاء الثورة المضادة بكل قوتهم إلى محاربته، تماماً كما تم محاربة فساد جامعة الإيمان، وفساد الكثير من المساجد ودور القرآن، التي قاموا بهدمها وتسويتها بالأرض، أما التي سلمت من الهدم فقد حولوها إلى مجالس للمقيل والرقص، تلك المساجد هي الأخرى تمثل فسادها في أنها تفتح أبوابها للمصلين يؤدون فيها الصلوات الخمس، فكان لابد من هدمها وتسويتها بالأرض، هذه الأعمال التي يقومون بها ليست فساداً، كل ما يقوم به حلفاء الثورة المضادة مهما يكن ليس فساداً البتة، فقط لأنهم يسمونها محاربة للفساد !!!
تلك الأعمال والممارسات الإجرامية، يقوم بها حلفاء الثورة المضادة، بقيادة كل من الحوثي وحليفه الاستراتيجي صالح، غير أن أجندة كل طرف وتصوره للفساد الذي يمارسه الشيخ/ حميد الأحمر، على وجه الخصوص وهو محور حديثنا هنا، يختلف من حليف إلى آخر، فإذا كان فساد الشيخ/ حميد لدى الحوثي، يتمثل فيما تم الإشارة إليه سابقاً، من أعمال خيرية متنوعة.
فإن فساده بالنسبة لصالح يختلف تماماً، يبدو أن حقد صالح على حميد الأحمر، له سببين اثنين، ينبعان من الطبيعة النفسية له (لدي مقال تحليلي مفصل عن نفسية الرجل، تم نشره في وقت سابق بعنوان:- ثمن الانتقام صالح وجماعة الحوثي المثال الحي- مكون من ثلاثة أجزاء، يمكن الرجوع إليه عن طريق البحث بواسطة العنوان في جو جل) صالح لديه اعتقاد بأنه لن يتمكن من تحقيق رغباته إلا عن طريق الأموال، (وهذا أمر طبيعي) لكن لأن عقليته ونفسيته، غير قادرة على أن تبدع وتبتكر، ما يمكن أن يعود عليه بالمال الحلال، فقد لجأ للنهب بتلك الطريقة التي تحدث عنها تقرير الأمم المتحدة، في الأسبوع الفائت .
صالح لا يُجيد إلا تلك الطريقة لجمع الأموال، أو التسول في المحافل الدولية، لعله يعتقد بأنه لا يجيد غيرها، هو يؤمن بأن هذه الطريقة هي الطريقة الوحيدة لجمع الأموال، لذلك فهذا ما علمه أولاده وأفراد أسرته، وعلى طريقته سار أركان نظام حكمه.
لذلك فإن صالح يشعر بالغيرة، من كل شخص يتمكن من تحقيق، مالم يتمكن هو من تحقيقه، لعله يتسائل بحقد كيف تمكن هذا الرجل(حميد الأحمر) من جمع هذه الثروة والنجاح التجاري، على مستوى الداخل والخارج، دون أن يسرق، وبطريقة لا تقلقه نفسياً ؟!
لو ثبت أن هناك عمليات فساد قام بها حميد الأحمر، لقام نظام صالح بنشر وثائقها للرأي العام وجماهير الشعب، منذ ثورة فبراير2011م لكن ذلك لم يحدث، وهو ما يدل على أن كل ما يُقال عن فساد حميد الأحمر، هو كلام شفهي لا يستند إلى أي مستندات أو وثائق، ولعل هذا ما يزيد من حيرة صالح، ويؤجج حفيظته عليه.
بالنسبة إلى صالح فإن حميد الأحمر ارتكب خطأ فادحاً، وهو أنه خالف قاعدة هامة في نفسية صالح، وهي أنه أصبح رجل أعمال، دون أن يسلك الطريق، الذي يعتقد صالح بأنه الطريق الوحيد، ليكون الإنسان تاجراً وثريا، الوسيلة التي يعرفها صالح للثروة، هي أن يكون أولاً: مسؤولاً في الدولة، ثانياً: أن يسرق من أموال الشعب قدراً كافياً يجعله تاجراً كبيراً.
هذا الطريق لم يسلكه الشيخ/ حميد الأحمر، فاعتبره صالح مُخالفاً لقواعده ونظمه، ولعل هذا هو السبب الأول لعدائه لحميد الأحمر .
السبب الثاني: لا يقل أهمية عن السبب الأول، وهو حرية الرجل، جرأته، وضوحه، شجاعته، ثقته بنفسه، هذه العوامل يفتقدها صالح، لذلك فهي تثير غيرته، حقده، حسده، ليس على الشيخ/ حميد الأحمر فقط، لكنها غيرة ضد كل من يتحلى بمثل هذه الصفات.
مشكلة الشيخ/ حميد الأحمر، أنه استخدم هذه المميزات، لمواجهة صالح، لمراجعته، لنصحه، منذ وقت مبكر، وهو مالم يفعله أحدٌ قبله، والده الشيخ/ عبدالله الأحمر، عليه رحمة الله، عُرف بحكيم اليمن، يبدو أنه كان يتعامل مع صالح، تعامل الحكيم مع مريضه، الذي يعرف داء مريضه، ويدرك بأنه لا دواء له، فكان يتعامل معه مرة ومرة، شدة ولين، لاعتبارات في نفس الشيخ لا علم لي بها.
كان صالح بدوره يُصغي إليه، رغبة ورهبة، ينصاع له أحياناً، ويتمرد عليه حيناً آخر، ويقايضه في حين آخر، لذلك لم يكن الخلاف ظاهراً.
الشيخ/ حميد الأحمر، الذي أثبت نجاحاً باهراً في العمل التجاري، أثبت نجاحاً آخر في حسن اختيار شركائه، يبدو أن ذكائه المتقد، ونظرته الثاقبة، يجعلانه مُصيباً في الحكم على الأشخاص بدقة، لعله أدرك منذ وقت مبكر، بأن في نفسية صالح مرضاً لا شفاء منه، وأن الأمر بدأ يتوجه نحو التوريث لإسرة قد توارثت تلك الطباع المريضة، وهي طباع لا تؤهلهم جميعاً من إدارة دولة وحكم الشعب، الأمر الذي لا يُجدي معه إلا التغيير.
شجاعته وجرأته، جعلته يطالب صالح بالرحيل منذ وقت مبكر، فكان هو أول شخص يطالب صالح بالرحيل، عبر قناة الجزيرة في العام 2008م هذا الموقف الثوري المبكر الذي سبق ثورات الربيع بسنوات، أكده الشيخ في ثورة فبراير2011م بمواقفه الوطنية، والثورية، والإنسانية، تجاه الثورة والثوار، من جهة، وتجاه ما اقترفه صالح في فترة الثورة، من جهة أخرى، وتجاه وطنه وشعبه من جهة ثالثة، وقد ظهر ذلك جلياً من خلال تعاطيه مع الحلول المقترحة أيام الثورة.
هذه المواقف لن ينساها صالح، الذي يحتفظ بذاكرة حاقدة من الفولاذ على خصومه، وقد تجلى ذلك في الممارسات التي يقوم بها اليوم ضد خصومه، صالح يُدرك بأنها ممارسات غير قانونية، ولا إنسانية، ولا أخلاقية، لذلك فهو يقوم بها باسم الحوثي، الذي يعتبره قفازأً لممارساته السيئة تلك.
الحوثي الذي يفتقر تماماً إلى ما يفتقر إليه صالح، ويعاني مما يعانيه صالح، قَبِلَ أن يكون قفازاً، وعصاة غليظة بيد صالح، ليؤدب بها خصومه، الحوثي لم يُفكر بنتائج تلك الممارسات عليه في المستقبل، وتبعاتها الأخلاقية والقانونية، وهكذا تمكن صالح من الانتقام من خصومه باسم الحوثي، العجيب أن في مقدمة من انتقم منهم صالح باسم الحوثي، هم أولائك الذين عارضوا حربه على الحوثي، منذ العام2004م اليوم صالح ينتقم منهم باسم الحوثي.
الحوثي هذا، قبل أن يتحالف مع عدوه الذي حاربه طوال ستة حروب، قبل أن يقف عدواً ضد الذين وقفوا معه وناصروه، في الحروب التي شنها عليه صالح، وفي مقدمتهم تجمع الإصلاح، والشيخ/ حميد الأحمر!!!.
ليست السياسة هي التي لا أخلاق لها، الذين يمارسون السياسة بتلك الطريقة، هم الذين لا أخلاق لهم.
اليوم صالح يُفاخر بأنه تمكن من إخراج خصومه من الوطن، بينما هو لا يزال يعيش في وطنه، صالح لا يدري بأن هذا الأمر من الأدلة الدامغة على طغيانه واستبداده، وإجرامه.
هو غير قادر على المقارنة بين ما يقوم به، وبين ما قام به الشعب الذي نهبه طوال33عاماً، وأخذ كل إنتاجه القومي إلى حسابه الخاص، 60مليار دولار نهبها صالح من قوت هذا الشعب، بمعدل 2مليار دولار في العام الواحد، وهو ما يساوي الناتج المحلي اليمني، حسب تقرير الأمم المتحدة، تلك الأموال لم يدخل فيها ما كان يصرفه صالح خلال العام، ولم يدخل فيها ما نهبته أسرته، وأفراد نظام حكمه، وبرغم أن تقرير الأمم المتحدة يعتبر حكم دولي، لكنه في نظر حلفاء الثورة المضادة لا قيمة له، وما قام به صالح لا يُسما فساداً.
هذا الشعب مع كل ذلك، كان كريماً وشهماً مع صالح، حين اكتفى بمطالبته بالرحيل عن السلطة، الشعب لم يطلب من صالح الرحيل عن الوطن، برغم كل جرائمه، الشعب كان كريماً رغم مُصابه، رغم فقره وحاجته، رغم كارثته بهذا الرئيس وأركان حكمه، ومع ذلك فقد بالغ في الكرم، حين منحه الحصانة، وأبقاه شريكاً في الحكم، وهو خير دليل على أنه لم يطلب منه الرحيل خارج وطنه.
صالح من جانبه أصر على أن يقول للشعب، بأن بيئته النفسية والأخلاقية، لا تتقبل هذه النوعية من القيم الأخلاقية الراقية، هذه القيم لا تنبت في نفسية صالح، نفسيته لا تنبت فيها سوى عكس تلك القيم، كلما بُذر فيها المزيد من الخير، أنبتت المزيد من الشر.
الواقع أكد كل ذلك بكل وضوح، صالح عندما وجد نفسه قادراً على الإساءة إلى شعبه أولاً، ووطنه ثانياً، ولأحرار ثالثاً، سارع إلى التنكيل بالجميع، لذلك كان من الطبيعي أن يضطر الشرفاء إلى أن يغادروا أوطانهم، هروباً من بطش المجرم، الذي لا يرقب فيهم إلاً ولا ذمة.
هذا الهروب، ليس عيباً في حق من هربوا من وطنهم، ولا نقيصة فيهم، الهروب فعله الأنبياء والرسل عليهم الصلات والسلام، وكان على رأسهم، أشرف الخلق وأشجعهم، محمد عليه الصلات والسلام، الذي غادر وطنه ومسقط رأسه، غادرها مُتخفياً، متنقلاً في مراحل كثيرة، وفعله موسى في أكثر من موقف، ففي الموقف الأول قال (ففرتُ منكم لما خِفتكم) إذاً موسى خاف، موسى فر من أمام القتلة والمستبدين.
الموقف الآخر لفرار موسى عليه السلام، لم يختاره هو، بل أمره به الجبار تبارك وتعالى، الذي بمقدوره أن يخسف بكل ظالم ومستبد، لكن الله أمره أن يضرب بعصاه البحر، ليفتح له ولقومه طريقاً للهروب من القتلة والمجرمين، وكان جل وعلى، قادراً على أن يأمر موسى، بأن يضرب بعصاه جهة فرعون وجنوده، فيموتوا جميعاً.
الهروب من القتلة والمجرمين، ليس مذموماً في كل الأحوال، الهروب مذمة في حق من يدفع الناس إليه، وليس في حق الهارب.
المستبدين عبر التاريخ، يعجزون عن الإتعاظ والعبرة، لما يجري من أحداث، هم لا يعتبرون لا من التاريخ، ولا من الذين يشاهدون نهاياتهم في أزمنتهم، لذلك فإنهم يصرون على المضي في مخططاتهم الإجرامية، وهكذا فعل فرعون الذي أصر على المضي وراء موسى، لم يتمكن من أخذ فرصة النجاة المتمثلة في مشاهدته نجاة موسى وقومه بتلك الطريقة الخارقة للعادة، لو كان سوياً لقال لنفسه يكفي، يجب أن أتوقف، يجب أن أعيد حساباتي في تعاملي مع الآخرين، لو فعل ذلك ربما تمكن من النجاة، وربما كان سبباً لنجاة قومه، بدل أن يكون سبباً لهلاكهم، ولعله كان في التاريخ من المحمودين.
لكنه قرار المستبدين، وسلوك القتلة، وخُلق المجرمين عبر التاريخ، هذا التاريخ الذي يُعري للناس طبائع الاستبداد، هو ذاته الذي يقول لهم بأن الطغاة والمجرمين، والمستبدين، نهايتهم مُقززة، مأساوية، حتى الموت يأبى أن يأخذهم بكرامة .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.