تباينات مختلفة في التحليلات والحوارات، عن التدخل الخليجي في اليمن، مبررات كثيرة ومختلفة، لمن يؤيد ومن يرفض، دعونا نتأمل بعض الأمور التي لا يجب أن تغيب عن أحد، نأخذها بشكل موجز. أولاً: الوطنية والتدخل الخارجي. حب الوطن من الإيمان، وخيانته شيء ممقوت، هذا الشعور وذلك السلوك، يجب أن يكون عاماً وشاملاً، حرمة الوطن يجب أن تكون محرمة على الجميع، كل الخارج بدون استثناء. في العام2009م تدخل الطيران السعودي في صعدة، في ذلك الوقت كان هذا التدخل عمل بطولي وأخوي حين طلبه صالح؟! الطيران الأمريكي هو الآخر منذ العام2000م وحتى اليوم، وهو يجوب كل أرجاء اليمن، يقتل كما يشاء وكيفما يريد، لم يقل أحد بأن هذه خيانة وطنية، وانتهاك سافر لسيادة اليمن، يقول صالح بكل وقاحة واستهتار بعقول اليمنيين جميعاً (طائرة جت من الجو أيش أسوي بها). كذلك التدخل الإيراني، أغرق اليمن بالسلاح والمال، من خلال ذلك المال تم استغلال حاجة البسطاء من الناس، وتجنيدهم في مليشيات خارجة عن القانون، يقول أحد الخبراء الإيرانيين الذي عمل لفترة في اليمن (نحن نشتري اليمني بوجبة الإفطار). يصرح الإيرانيون بكل وقاحة (صنعاء صارت في أيدينا، صنعاء صارت تحت تصرفنا) الحوثي الذي يتحدث عن العمالة للخارج، وشعاره الموت لأمريكا، يتحالف مع الأمريكان، يقدمون له الدعم والسلاح، قاتلوا اليمنيين معاً في رداع والبيضاء، كل تلك الممارسات التي أهانت اليمن واليمنيين في ظل سيادة أولائك المستبدين، والعملاء، لم تكن خيانة، لم يتحدث أحد بأن هذا تدخل خارجي وانتهاك لسيادة اليمن، مادام الدعم الإيراني يصب في جيوب حلفاء الثورة المضادة (الحوثي وصالح) فإنه عمل بطولي، وما تقوم به إيران في هذه الحالة، ليس تدخلاً خارجياً، بل أصبح عملاً داخلياً ؟! ثانياً: هدف التدخل الخليجي. لا يعتقد أحد بأن هذا التدخل هو من أجل عيون اليمنيين، مهما كان الذي يجري بحقهم من قتل وتشريد، كل ما في الأمر، أن الحوثي و عفاش، تجاوزوا بعض الخطوط، قوتهم زادت عن حدها، لم يتقيدوا بما كان يجب عليهم التقيد به، حوارهم أصبح مع الجميع بما فيهم السعودية والخليج، صار حواراً مستفزاً، قوتهم جعلتهم يشعرون بالزهو، قوتهم وإنجازاتهم على أرض الواقع جعلتهم يحتقرون الآخرين، كل الآخرين، الأمر الذي ينطبق عليهم المثل القائل (من يحمل في يده مطرقة، يتعامل مع كل شيء حوله، على أنه مسمار بحاجة للطرق) هم لم يفرقوا في تعاملاتهم بين الخصوم والداعمين، لم يتقيدوا حتى بالقواعد السياسية، هذا التعامل المغرور بقوته، أصبح يُهدد أمن ومصالح دول الخليج بشكل عام، لذلك كان لابد من التدخل، إذاً هذا التدخل كان لابد له أن يحدث بطلب من هادي أو بدون طلب، هذا التدخل مفروض على اليمنيين، شاء من شاء وأبا من أبا، ذلك الطلب من هادي جاء للتغطية، ليكون الموضوع ماضياً تحت غطاء المشروعية. مع العلم بأن من أهداف هذا التدخل، هو للتأديب وخفض تلك القوة لدى حلفاء الثورة المضادة (صالح والحوثي) وليس القضاء عليها، حماية لمصالح الخليج، لذلك لا يجب الركون إلى هذا التدخل، لن يستمر حتى القضاء علي تلك القوة، لأنهم إن فعلوا ذلك فإنه سيصب في مصلحة آخرين، لا تريدهم المملكة ولا دول الخليج بشكل عام، وذك سيكون ضد مصالحها. ثالثاً: السلاح اليمني والجيش. المُعللين غضبهم لأن التدخل الخليجي، يدمر السلاح اليمني، نقول لهم: ما فائدة هذا السلاح؟! ألم يستخدمه صالح لقتل أبناء الشعب، ثم سلمه لمليشيات الحوثي، التي أفرطت في استخدامه لقتل اليمنيين بصورة غير مسبوقة. الدول تشتري الأسلحة للدفاع عن أوطانها وشعوبها من المعتدي الخارجي، في اليمن وفي ظل نظام صالح، وعمالة الحوثي لإيران، تم التحالف مع الخارج، لقتل الداخل والتنكيل به، فعن أي سلاح تتحدثون؟! كذلك الأمر بالنسبة للجيش، الجيش الذي يوجه سلاحه لأبناء بلده وشعبه، لا يُسمى جيشاً، الجيش الذي تكون مهمته، الدفاع عن القتلة من الحكام، الذين يستخدمونه ضد معارضيهم، ليس جيشاً، بل هو عصابة مسلحة، لا تستحق أن يقال عنها جيش، فعن أي جيش تتحدثون يا هؤلاء؟!. صالح كان الأكثر معرفة بمهمة هذا الجيش حين قال (ليس له مهام، هو فقط للإستعراض، وقمع أي تمرد، للحفاظ على الكرسي). وقد ثبت ذلك خلال ثورة فبراير2011م أما الوطن، فقد سلمه الجيش لعملاء إيران، الذين دخلوا عاصمة الدولة، ثم مقر قيادة القوات المسلحة، دون أن تطلق طلقة واحدة، بينما عندما كان الخلاف بين صالح والحوثي في 2004م دفع به إلى تلك المعارك، يعترف الحوثي بأنه قتل منه أكثر من60الف جندي، جيش بهذه المهمة لا يريده الشعب اليمني، ليس بحاجة إليه. ما نحن بحاجه إليه، هي دولة مدنية من رجال وطنيين، إذا توفر هذا الأمر، سيتوفر لليمن كل ما تصبوا إليه. رابعاً: قتل اليمنيين. موضوع القتل في اليمن، ليس بحاجة إلى حديث، الجميع يعرف كيف يموت اليمنيين، فتلك لعبة صالح منذ أكثر من25عاماً، حروب بين القبائل بدعم رسمي، ثارات مولها صالح، حروب ست في صعدة، وما حدث خلال هذه السنوات الاربع الأخيرة يعرفه الجميع، ما فعله صالح أيام ثورة فبراير2011م وما فعله هو وحليفه الحوثي منذ صعدة وحتى اليوم، ليس بحاجه إلى تذكير، فعن أي قتل تتحدثون؟! خامساً: عقدة السعودية. الذين يجدون تحسساً مفرطاً من السعودية، نقول لهم السعودية ليست وحدها في هذا الحلف، هذا تحالف عربي إسلامي، ومع ذلك نقول بأن هذا التدخل هو الشر الذي لابد منه، وبالمقارنة بين التدخل الإيراني الفارسي الإثناعشري الرافضي، الذين يجعلون من تشويه الدين، والقرآن، والرسول، والصحابة، وحتى الله تعالى لم يسلم من إفكهم، كل ذلك يجعلونه ديناً ومعتقداً، لن يكون هناك مجال للمقارنة، بين أولائك وبين السعودية، وكذلك التحالف بين الحوثي وصالح وأمريكا، أيضاً لا مجال فيه للمقارنة، فعن أي تدخل خارجي تتحدثون ؟!. أخيراً: من يتحمل مسؤولية هذه الأحداث. مهما تكن نتائج وتداعيات هذا التدخل، الذي يرفضه كل وطني حر من حيث المبدأ، لكن يقول المثل العربي ( حنانيك بعض الشر أهون من بعض) هذا الشر الذي أصبح أمراً مفروضاً على اليمنيين، يتحمل كامل المسؤولية عنه، شرعاً وقانوناً، وأخلاقياً، ووطنياً، الحوثي وحليفه صالح، هم الذين أوصلوا الأمور إلى هذا الحد، تعنتهم وغطرستهم طوال الفترة الماضية، هي التي أوصلت الأمور إلى ما يجري اليوم. ومع ذلك فإذا كان الحلفاء الذين أوصلوا الأمور إلى هذا الحد، إذا كانوا وطنيين، ويرفضون التدخل الخارجي، وحريصين على ممتلكات الدولة، وحياة اليمنيين، فعليهم أن يعودوا إلى ما قبل دماج، وأن يعيدوا أسلحة الدولة التي سرقوها، وعلى الحوثيين أن يشكلوا حزباً سياسياً، لينخرطوا في العملية السياسية بشكل سلمي بدون سلاح، ويمكن أن يشكل الحوثيون وصالح حلفاً حزبياً، ثم يتقيدوا بمخرجات الحوار الوطني، للدخول في عملية انتخابية سلمية، يمارسوا من خلالها حياتهم السياسية بكل حرية، وعلى الشعب أن يختار من يشاء. فإن اختارهم الشعب، في عملية ديمقراطية شفافة وواضحة، يستلمون الحكم، وسيكون الجميع إلى جوارهم، هذه هي ممارسات الشرفاء والوطنيين، والحريصين على وطنهم وشعبهم. [email protected]