إحدى القواعد التي يعتمد عليها إعلام نظام صالح وحليفه الحوثي، في نشراتهم وأخبارهم وتحليلاتهم للأحداث السياسية، أنه لابد من حشر الإصلاح في كل قضية، إلا أن تكون تلك القضية خيراً، وإن كان الإصلاح هو فاعلها ومصدرها، فسرعان ما يتم استبعاده وكأنه غير موجود. وهكذا يتلقى الكثير من البسطاء في هذا الشعب هذه المعادلة، حتى إذا حمي البأس، تذكروا الإصلاح وبدأوا يتسألون عنه، غير أن العناد والمكابرة يجعلهم يفعلون ذلك من باب السخرية وتحميله مسؤولية تلك الشدة، بينما لسان الحال يقول بكل وضوح: (وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر) معلنين عجزهم عن الإعتراف بالجميل ولو لمرة واحدة. يوم كانوا يقولون بأن الإصلاح هو الحاكم في ظل حكومة با سندوة، كانت الكهرباء تعود بعد أقل من24ساعة فقط من خرابها، ولم يشهد اليمنيين أزمة مشتقات نفطية بما في ذلك أيام الأعياد ورمضان، في سابقة لم يعرفها اليمنيين، حتى في ظل حكم صالح، واستمر الحال كذلك حتى ما قبل إقرار الجرعة من الرئيس هادي بأربعة أشهر، لتكون مبرراً مشروعاً لدخول الحوثي صنعاء، حيث تم التخطيط لافتعال أزمة بترول خانقة، قال الحوثي بأنه سيأتي لتخليص الشعب من هذا الظلم، فكان ما يعيشه الجميع اليوم. النكران وإخفاء الحقائق أخرص الجميع عن التحدث بواقعية وعقلانية ومنطق، يسوده الإنصاف والعدل، تلك المرحلة التي نسبها الكثير إلى حكم الإصلاح، كان شرفاً لم يدعيه، لأنه كان مُشاركاً ولم يكن حاكماً، لكنه سعا في العمل على استقرار الأوضاع جهده، برغم العراقيل التي ظل نظام صالح يخلقها طوال الفترة، وبإمكان الجميع أن يقارن بين وعود الحوثي، والحال القائم الذي أوصلنا إليه تحالف صالح و الحوثي، الجميع اليوم يدرك بأن موضوع كل هذه الأزمة، لا علاقة لها بما يجري على الأرض اليمنية، وأنهم يتعمدون تضييق الخناق على الشعب، ليقولوا له بأن السعودية هي من تفعل ذلك، لكن الجميع يدرك بأن النفط اليمني، والغاز، والبترول، كلها ينتجها مصفا مأربوعدن، وبإمكان الحوثي وصالح أن يوقفوا غزو هذه المدن، لتستمر حياة الشعب بشكل طبيعي، وزيادة على ذلك سيحقنون دماء اليمنيين جميعاً، وبإمكانهم أن يتوجهوا شمالاً لمواجهة المملكة إن أرادوا تسجيل بعض البطولات. أما الإصلاح فلم يقل في يوم من الأيام بأنه يحكم، فقط لأن ذلك لم يحدث بالفعل، وحين شارك في الحكم كان واضحاً، وتحمل تبعات تلك المشاركة على مستوى الوزارات التي أدارها المنتمين إليه، أما بعد ذلك، فقد خرج من الحكم بقرار من صناديق الانتخابات، برغم كل ما شابها من معوقات، فكانوا في المجتمع يمارسون حياتهم الطبيعية، ويتحملون عمليات إقصاء واسعة برغم جمهورهم العريض، وإمكانياتهم الكبيرة. اليوم سنعرفكم على أماكنهم، التي يصفها البعض بالأوكار، ومهامهم التي يمارسونها، في حياتهم بين أفراد هذا الشعب بكل تنوعاته وفئاته، والتي يصفها البعض بالجرائم وأنها خربت البلاد، خذوا ها كما يلي: مواقعهم الجغرافية: ينتشرون على مساحة تقدر ب (555الف كيلو متر مربع) حسناً، يمكننا أن نقول لكم بأنكم ستجدون في كل كيلو متر مربع واحد من هذه المساحة، من أربعة إلى خمسة إصلاحيين على أقل تقدير، ستجدونهم يتعايشون مع كل فئآت الشعب، الذي ابتلاه الله بقيادات حاقدة عليه دون مبرر . وظائفهم: هناك أماكن لن تجدوهم فيها، فمثلاً: لن تجدوا الإصلاحيين في الأمن القومي، ولا الأمن السياسي، هذه الأماكن لم تسمح لهم النظم الحاكمة الاقتراب منها، على اعتبار أن مواصفاتهم الأخلاقية لا تؤهلهم للعمل في مثل تلك الأماكن، برغم أن فيها فضلاء من أحزاب ومستقلين آخرين، كذلك لن تجدوهم يعملون مخبرين للخارج أو للداخل، هذه الأماكن لا تروق لهم، ولا يجيدون العمل فيها. في الجيش، والأمن، والداخلية، وأقسام الشرطة، ستجدون فقط القليل جداً منهم، ليس لأنهم لا يرغبون في هذه المهمة، هم يحبذون أن يخدموا وطنهم من خلالها، لكنه لم يسمح إلا للقليل منهم فقط، لذلك فقد شاهدتم كيف انتهى الجيش اليمني، بمجرد مقتل أولائك القليل مع قائدهم في عمران، وانسحاب البقية الأخرى، حين عرفوا أنه يُراد لهم نفس مصير زملائهم في عمران، لا ينكر أحد وجود أفراد رائعين من غير الإصلاح في هذا القطاع، لكن حالهم كبقية زملائهم من الإصلاحيين، قليل وليسوا في أماكن القرار. القيادات هي التي لم تكن بحجم تلك المسؤولية، كانت من النوع الذي يعشق العبودية، والتبعية، لذلك دخلت إلى القيادة العامة للقوات المسلحة مليشيات مسلحة خارجة عن النظام والقانون، دون أن يطلقوا رصاصة واحدة، اقتحموا القصر الجمهوري، وحاصروا القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي يجب أن يأتمروا بأوامره، لكنه أصبح في نظرهم شخص مطلوب أمنياً، وحين صارت تلك القيادات، ومن تبقى من الجيش، يأتمرون ليس بأوامر القيادة الفعلية لليمن، ولكن لأشخاص أصبحوا خارج المؤسسة العسكرية، والبعض لا تربطهم بالجيش إلا أنهم يغدقون الأموال على تلك القيادات، عندها سقطت سمعة الجيش اليمني بتلك الصورة المخزية. في التربية: لن تجدوهم في الوظائف العليا، حتى على مستوى مدراء المدارس لن تجدوهم، لقد كفاكم النظام السابق البحث في تلك المرافق، ليس لأنهم لا يُجيدون العمل فيها، بل لأنهم يتقنونها، لذلك تم تحاشيهم، لكنكم ستجدونهم في الميادين يُعلمون أبنائكم، هناك ستجدون الكثير منهم، ستجدونهم في قاعات الجامعات، وفصول المدارس، والمعاهد المختلفة، يدرسون أبنائكم، اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والرياضيات، والكيمياء، والفيزياء، والأحياء، والجغرافيا، ويعلمون التاريخ، مع أشخاص رائعين محبين لوطنهم لكنهم قليل. وستجدون منهم الكثير الكثير، في مقاعد الدراسة، في الجامعات، والمعاهد المختلفة، والمدارس بكل تنوعاتها. في المجال التعليمي: هم يدركون بأن الشعوب لن تقوم له قائمة إلا بالتعليم، لذلك ستجدونهم، في كل التخصصات، إما متعلمين، أو يمارسون ما تعلموه، أو يٌعلمون الآخرين. ستجدونهم في المستشفيات، يُخففون آلام بعض أبنائكم، وأقربائكم، من المرضى والمصابين، هناك ستجدونهم، يضمدون جراحاتهم، يوقفون دمائهم النازفة، ومعهم زملاء المهنة من الأحرار والشرفاء وإن كانوا قلة. بقية الدوائر الحكومية: ستجدون أعداداً متفاوتة من دائرة إلى أخرى، لكنكم لن تجدوهم إلا في المستويات الدنيا، هناك حيث يمكنهم أن يخدموا أبناء شعبهم، ويعينوهم على انجاز معاملاتهم، ليس لأنهم يزهدون عن المناصب العليا، لكن قيمهم وأخلاقهم وأهدافهم، ليست ضمن قاموس أصحاب القرارات، التي يمكنها أن تمنحهم تلك الأماكن، تلك القيادات لديها مواصفات أخرى، مثلاً: موظفين يكون بمقدورهم أن يساعدوهم على المزيد من نهب المال العام، وتسخير المزيد من مهام الدولة لحساباتهم الشخصية، وهذه المواصفات لا تتوفر في الغالبية من أعضاء الإصلاح، قد تتوفر في البعض نعم، وهم قليل، قد يكون لا يزال بعضهم ينتظر دوره ستتعرفون عليهم، بكل تأكيد مثل هذه النوعيات لن تكون النظام بحاجة إلى ملاحقتهم، لأنهم فقط يبحثون عن النزاهة التي لا يروقهم التعايش معها، لأنها تكشف قبحهم، تحقيقاً لقوله تعالى ( اخرجوهم من قريتكم إنهم أناسٌ يتطهرون). من بقي من أعضاء الإصلاح في هذه الدوائر، ستجدونهم ضمن أولئك الذين يأتون إلى وظائفهم في أوقات مبكرة، يرابطون في مكاتبهم يُسهلون معاملات الناس، يضطرون إلى أن يقوموا بمهامهم وبعض مهام زملائهم الذين لا يتواجدون في مكاتبهم، ولا يقومون بمهامهم الوظيفية، إلا خدمة لمدراءهم بالطريقة التي سبق الإشارة إليها. في خارج الدوائر الحكومية، ستجدون الكثير منهم في الجمعيات الخيرية، ودور رعاية الأيتام، والأسر الفقيرة، ستجدونهم يقدمون العون إلى المساكين والمعوزين، ستجدونهم في مدارس تحفيظ القرآن الكريم. في الأحياء السكنية: ستجدون الكثير منهم في المساجد، فهي العناوين التي يستخدمونها فيما بينهم، حين يريدون أن يلتقوا، هناك ستجدون من الإصلاحيين هناك إمام المسجد، والخطيب، والواعظ، والمصلي، كلهم يصلون إلى جوار إخوانهم من الزيديه، وحين ينتهون من الصلاة يصافحون بعضهم البعض بحب، سائلين من الله القبول من الجميع. ستجدونهم بين المواطنين، بزيهم الشعبي الأنيق، لا أعني بالأنيق أن يكون الملبس باهظ الثمن، بقدر أن يكون نظيفاً ومرتباً، ذلك أن الأناقة الحقيقية هي أن يكون الإنسان باهظ الكرامة، ثابت المبادئ، عزيز النفس، غني الأخلاق. الإصلاحيون لا يحملون الكلاشنكوف، ولا المسدسات، بل إن البعض وإن كان يرتدي زيه الشعبي، إلا أنه لا يلبس الجنبيه، هم لا يخشون الإعتداء عليهم، إلا من النظام فقط، هم لا يخشون إخوانهم المواطنين لسبب بسيط، لأنهم لم يقترفوا جرماً بحق الآخرين، لم ينهبوا أحداً، ولم يسطوا على أموال وممتلكات أحد، لم يستقووا بمن يعرفونهم لامتهان الآخرين. في سياراتهم: لن تجدوا صميل أبو كُرفلة كبيرة، لن تجدوا حديدة أو أدوات حادة، استعداداً للمواجهة، قد تجدون في سياراتهم، بعض ملفات المعاملات الخاصة، أو المجلات والجرائد، أو الكتب، وربما تجدون مصحفاً. ستجدون البعض منهم تجار ورجال أعمال، يمارسون نشاطهم التجاري، بشكل طبيعي جداً، يُسددون الضرائب والواجبات، يتحملون شروط ومطالب الجهات الرسمية التعسفية، خاصة حين يعلمون بأنهم ينتمون إلى الإصلاح، ومع ذلك يُصابرون ويكافحون في سبيل بقاء أنشطتهم التجارية، فهي لدى البعض مصدره الوحيد لرزق أبنائه، إن فتشتم سجلاتهم ستجدون لدى الكثير منهم كفالات أيتام، وأسر فقيرة، وكفالة طلاب علم، ومساهمات خيرية مختلفة، ستكون تحت بند، مساهمات خيرية. فيما يتعلق بمن يعمل منهم في التجارة، لا نريد تعليقاً كثيراً على هذا الأمر، فقط أوجدوا قضاء نزيهاً، يمكن للشعب من خلاله مطالبة جميع من يعملون في التجارة، للمثول أمامه ومسائلتهم عن مصادر تلك الأموال، وفي مقدمتهم أعضاء الإصلاح، ومن وجد أنه بنا تجارته مُستغلاً قضايا غير شرعية، دعوا القضاء يقول فيه كلمته. أخيراً: هناك أمر آخر أيضاً يجيده الإصلاحيون، ستجدونهم هناك للضرورة القصوى، برغم أن لديهم القدرة الكبيرة على تحمل أذى السلطة وأعوانها، محتسبين الأجر في ذلك، لكن حين يصل الأمر حد ألاّ معقول، فإنهم يجيدون استخدام حق الدفاع عن النفس، والعِرض، والبلاد، بنفس إجادة الصبر على الأذى، من أجل ذلك تجدونهم اليوم في تعز، وعدن، ومأرب، وشبوه، يدافعون عن مناطقهم من النهب والسلب، الذي يقوم به أناس قطعوا مئآت الكيلو مترات للوصول إليهم، إن فتشتم جيداً لن تجدوا أعضاء الإصلاح من أبناء تعز أو عدن أو شبوه، أو مأرب، يقاتلون أبناء شعبهم في صعدة مثلاً، لكنكم ستجدون أبناء صعدة يقاتلون أبناء مأرب، وتعز، وعدن، وشبوه، وبكل تأكيد ليسوا من أعضاء الإصلاح في صعدة.