لو تابعتم الحروب التي اندلعت في اليمن منذ 2004 ستجدون أنها حروب مؤتمرية مؤتمرية، الأولى كانت بين قيادة المؤتمر ممثلة بصالح، وعضو المؤتمر الشعبي العام حسين بدر الدين الحوثي واستمرت سبع سنوات. واليوم تدور رحى حرب لها أشهر ليست بين السعودية واليمن كما يراها الكثير وإنما بين رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح وأمينه العام عبدربه منصور هادي بغض النظر عن أسبابها. المشكلة هنا أن المتضرر الأكثر من هذه الحروب ليس أجنحة المؤتمر المتصارعة القابعة في فنادق الرياض وملاجئ صنعاء، وإنما الشعب الغلبان وحزب الإصلاح الذي يتعرض لهجمة غير أخلاقية وغير مبررة من قبل أطراف الصراع رغم محاولات هذا الحزب النأي بنفسه عن هذا الصراع. الإصلاح اليوم هو أكثر من يدفع ثمن هذا الصراع المؤتمري المؤتمري، حيث يودع الإصلاح كل يوم كوكبة من كوادره قيادات وأعضاء إما شهداء وإما في المعتقلات، وأصبحت مقراته وإمكاناته عرضة للنهب والتدمير والتفجير في كل مكان. جمعيات هذا الحزب ومؤسساته أصبحت بين محتلة أو منهوبة أو مغلقة .. وإعلاميوه وصحفيوه ومناصروه إما مخفيون أو مطاردون أو مهددون، ووسائل إعلامه محاربة بكل الوسائل. هل تعلمون أنه بعد قيام صالح ومعه الحوثي بما قالوا إنه حل لحزب الإصلاح في صنعاء غابت الأعمال الخيرية، حيث صار رمضان صنعاء هذا العام بلا موائد إفطار جماعية، كما كان معروفا خلال السنوات الماضية، كما لم نعد نرى تلك السيارات التي كانت تنطلق لجولات العاصمة ومداخلها لتوزيع وجبات الإفطار على رجال المرور وعلى المسافرين وسائقي الأجرة، ولم نعد نرى تلك الفرق الخيرية التي تنتشر في الحارات لتوزيع موائد الإفطار الرمضانية على الفقراء، وهلم جر من الإعمال الخيرية. بعد حل حزب الإصلاح في صنعاء غابت الجمعيات التي كانت تتكفل بالأيتام، وتوزيع ملابس الفقراء، وغابت أيضا الأعراس الخيرية الجماعية التي كانت تتميز بها اليمن عن سائر البلدان، كما غابت تلك المنظمات التي كانت تثير العالم معها لأبسط قضية حقوقية وإنسانية .. حتى أخدام الله غابوا وغابت قضيتهم. كان البعض يفتك لسانه وقلمه لخطأ بسيط أو لنقص ما في الخدمات كالكهرباء والماء، وتراه ينثر السباب واللعان في كل مكان غير خائف من أن أحد سيواجهه بتهديد أو باعتداء أو با ختطاف مثلا، فيما اليوم تنطفئ الكهرباء لأشهر دون أن يلفظ أحد ببنت شفه، ليس خوفا من تهم الخيانة والعمالة والإرتزاق فقد اعتدنا عليها، وإنما خوفا من الإخفاء والقتل. لكن ورغم هذا أثق كل الثقة أن الأيام القادمة كفيلة برد الإعتبار لهذا الحزب العريق والرائد الذي ظلمه الكثير وتجنى عليه الكثير، إما بسبب الحملات الإعلامية المشوهة المفتقدة للمهنية، أو نتيجة عصبية مقيتة وانتماءات ضيقة حولت أصحابها إلى صائدي أخطاء أو مصطنعي وقائع كاذبة.