على مدى ساعات، ظللت أتابع برامج القنوات الخاصة لأتعرف على ما يصدر عنها حول أحداث الاتحادية، فرأيت وسمعت كل ما يتناقض مع القواعد المهنية التى ينبغى أن يلتزم بها الإعلام.. رأيت أن أغلب ضيوف هذه البرامج هم المعارضون للرئيس المنتخب والرافضون لكل ما صدر أو يصدر عنه من إعلانات أو قرارات، وبعضهم ينادى بإهدار الشرعية التى منحها الشعب لهذا الرئيس عبر صناديق الاقتراع، والمتصلون وشهود العيان – إن كانوا من نفس الفئة – أتيحت لهم الفرصة الكاملة دون معارضة أو تشويش من المذيع أو المذيعة أو الضيوف، بل إن مقدمى البرامج يضعون أنفسهم فى صف المعارضين ولا يتحرجون من التوجيه المباشر وغير المباشر للضيوف والمتصلين، وهناك تجاهل واضح للصورة التى تبين من أى جهة تأتى قنابل المولوتوف والغاز، وتجاهل أكثر وضوحًا لذكر الطرف الذى حظى بالنسبة الأكبر من الإصابات، وتشويش على الصور والبيانات التى تشهد على وجود البلطجية والمأجورين وأرباب السوابق بين المعارضين للرئيس، وتغافل للآثار الخطيرة على هيبة الدولة المصرية نتيجة نصب الخيام بجوار مقر رئاسة الدولة، وتشويه سور قصر الاتحادية بعبارات مهينة للرئيس، فضلاً عن الألفاظ النابية والمفردات الساقطة التى تم ترديدها فى مظاهرات الثلاثاء، ثم كان التعامى التام عما حدث فى المؤتمر الصحفى الذى عقده من يسمون أنفسهم بجبهة الإنقاذ، حيث وقف أحد الحاضرين مقاطعًا المؤتمر ومرددًا أن الفلول حاضرون بوضوح فى هذه الجبهة ومشاركون فى فعالياتها، فى الوقت الذى تركز فيه هذه القنوات على استقالات بعض أعضاء الهيئة الاستشارية للرئيس والاحتفاء بها وتضخيم الآثار الناجمة عنها، ثم لا تذكر قناة واحدة منها أن الشهداء السبعة الذين سقطوا فى هذه الفتنة هم من مؤيدى الرئيس ومن أعضاء حزب الحرية والعدالة، فى الوقت الذى كان فيه اسم ميرنا عماد الناشطة بحزب الدستور يتردد فى كل القنوات، وقد طلب عمرو موسى الوقوف حدادًا عليها، ثم ظهرت هى لتنفى نبأ وفاتها.. إننى أتساءل: هل ضاق التحرير بالمعتصمين حتى ينقلوا عددًا من خيامهم إلى قصر الاتحادية؟ وهل كممت الأفواه حتى يشوه سور القصر بعبارات بذيئة على هذا النحو؟ وإذا كان المؤيدون قد تركوا التحرير للمعارضين فهل نطلب منهم أن يتركوا كل الساحات والميادين؟ وهل إزالة الخيام أشنع من حرق المقرات فى المحافظات؟ وهل خبر وفاة ميرنا عماد الذى ثبت كذبه أهم عند جبهة الإنقاذ ووسائل الإعلام من وفاة المؤيدين السبعة؟.. وهل انتخب المصريون رئيسهم ليكسر حمدين والبرادعى إرادته وإرادة الشعب كله؟ لماذا ينصب المعارضون أنفسهم أوصياء على الشعب المصرى بينما الرئيس المنتخب هو الذى يسعى لكى يقول الشعب كلمته؟ يجب أن يعلم الجميع أن الدم المصرى كله حرام، وأن بعض العاملين فى الحقل الإعلامى يرقصون على أنغام الفتنة لمصالح رخيصة أو لخلاف أصيل مع المشروع الإسلامى الذى يعلمون أن الشعب المصرى لن يرضى به بديلاً، ولهذا يرفضون الذهاب إلى صناديق الاستفتاء، تمامًا كما يرفض أعضاء ما يسمى بجبهة الإنقاذ الدعوة الرئاسية إلى الحوار، ويضعون شروطاً مسبقة تصادر الإرادة الشعبية التى أراد الرئيس تحكيمها فى الاستفتاء، ويطلبون من الرئيس المنتخب أن يتخلى عن إصراره بينما يصرون هم على عنادهم. *وكيل كلية القرآن الكريم ، جامعة الأزهر