أعتقد أن مصر هي الميدان الكبير لمعركة الإسلام، والطرف الرابح فيها سيؤثر في المسيرة في العالم العربي والإسلامي لأجيال قادمة والله أعلم. والمتتبع تاريخ مصر من الخمسينيات وحتى الآن يلاحظ توجهها القوي نحو الإسلام، والمحاولات المستميتة التي تبذلها القوى المختلفة في داخل مصر وخارجها لإماتة المشروع الإسلامي أو تعطيله، أو إبعاده عن الصورة بالتشويه والتزوير والتخوين وبالقوة والعنف والقتل والسجون. وبعد ثورة «25 يناير» المباركة تم إسقاط النظام الفاشل العميل، واستطاع المد الإسلامي الوصول إلى مقاعد الحكم والتشريع بطريقة ديمقراطية عن طريق صناديق الاقتراع، إلا أن القوى الأخرى وعلى رأسها القوى العلمانية والقومية انقلبت على الديمقراطية، وراحت تتبع أساليب غير نظيفة ولا نبيلة؛ لتعطيل المسيرة وإفشال المشروع الإسلامي الحديث بأي طريقة، فأخذ رموزها يستغيثون بالدول الغربية للتدخل، ونادى بعضهم مطالبين الجيش بالعودة والاستيلاء على مقاليد الأمور، وعقدوا تحالفات مع فلول النظام البلطجي السابق؛ للإطاحة بالنظام الإسلامي القادم، حتى صرح البرادعي قائلا للغرب: لقد تحالفنا مع الحزب الوطني السابق لإقصاء الشريعة! وحمدين صباحي يرفع عقيرته قائلا: نريد مصر المتسامحة! وكلها تعبيرات مزوّرة يقصدون من خلالها محاربة الإسلام، وإبعاد الشريعة عن معترك الحياة وتشويه الرموز الملتزمة وتعطيلها عن العمل والإنتاج والإنجاز لتسقط من عين الشعوب. وللأسف هم يتغنون بالديمقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع، ولكن عندما رأوا أنها لا توصلهم إلى سدة الحكم أخذوا بأساليب البلطجة، وحصار المؤسسات واستغلال الإعلام الفاسد وحرق مقرات الإخوان ومحاولة الانقلاب على الرئيس المنتخب. وللأسف أيضا هم خبيثون ماكرون يعلمون أن الإسلاميين مخلصون نظيفون لا يسرقون، بل يعملون بجد واجتهاد وهو قادرون على الإنجاز ورفع البلد من الحضيض، ومن ثم ستختارهم الشعوب دائما، وسيخسر العلمانيون مواقعهم باستمرار! ومن حسنات أحداث الإعلان الدستوري الأخير، ومعركة الدستور والاستفتاء عليه أنها وحّدت الإسلاميين وجعلتهم صفا واحدا متراصا، قد فهم اللعبة الخبيثة التي تحاك ضد البلد والإسلام، فنزلوا إلى الشوارع بمختلف أطيافهم وراحوا ينصرون الشريعة والشرعية والرئيس المنتخب، ورأينا مواقف متقدمة جدا للسلفيين وحزب النور والجماعة الإسلامية، وأنصار الشيخ صلاح أبو إسماعيل وغيرهم، وسمعت نادر بكار المتحدث باسم حزب النور يصرح لوسائل الإعلام بكلام مبين غاية في الروعة والوعي، أن المؤامرة تحاول إجهاض المشروع الإسلامي الوليد حتى لا تتكرر تجربة حزب العدالة في تركيا مرة أخرى! عندما أرى جموع الغثاء التي تحاول الوقوف أمام المد الإسلامي العظيم أتذكر الآية التي تلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مناسبة مماثلة قائلا: (سيهزم الجمع ويولون الدبر). وتدور في بالي آية رعاية المسيرة المباركة: (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).