ما يدور في أرض الكنانة اليوم من أوضاع مأساوية غاية في الخطورة والانزلاق نحو حرب أهلية قد تهلك الحرث والنسل، وسيمتد تأثيرها إلى شعوب ودول المنطقة برمتها، وهنا تكمن الكارثة إن لم نسارع في وضع حلولٍ ومعالجات فورية وعاجلة قبل أن تتفاقم الأزمة وتصبح عصية عن الحل. إن القضية المحورية التي تشغل بال أهلنا في أرض الكنانة هي من يحكم مصر؛ هل الإسلاميون أم العلمانيون؟!.. وفي غياب الوعي الوطني والحضاري والثقافي والسياسي ومدى خطورته على أمن مصر الوطني والقومي والسيادي، والسعي وراء من يحكم مصر؛ الشعب قال كلمته عبر القنوات الديمقراطية الحضارية الرشيدة، ولكن قوى الضلال والفساد والإلحاد والانحلال أساءت كثيراً إلى الديمقراطية العربية بصفة خاصة، والديمقراطية العالمية بصفة عامة؛ لأن الديمقراطية العربية في بلاد العرب مازالت طفلاً معاقاً عقلياً وجسدياً، وفي ظل الصراعات الفكرية والعقائدية والأيديولوجية تُذبح الديمقراطية نهاراً جهاراً على مرأى ومسمع من أنصارها وقادتها وحماتها عربياً وعالمياً، ويتم تعطيل وتشويه المسيرة الديمقراطية في دول المنطقة، وهذا ما تريده الأنظمة الفردية والأسرية المستبدة في بعض دول المنطقة خوفاً على زوالها ومصالحها، لذا تقدّم تلك الأنظمة الأسرية الحاكمة كل ما تستطيع من أموال وإمكانات هائلة لتحطيم صرح الديمقراطية في دول ثورات الربيع العربي؛ بل تقوم ببث سمومها العرقية والمذهبية والفكرية ضد حملة الصحوة الإسلامية بأنهم إرهابيون دمويون، وترجع كل أسباب الأزمة القائمة في أرض الكنانة اليوم إلى ظاهرة «الإسلام وفوبيا» على زعم فولتير النصراني الصليبي الحاقد ومن على شاكلته من العلمانيين الملاحدة؛ هذه قضية مصر المحورية اليوم. للأسف الشديد مصر اليوم تعيش محنة من يحكم؟!.. في ظل غياب دستور دائم للبلاد وسياسة غير منصفة وعادلة، ومحكمة دستورية تسير وفق رؤى مزاجية عشوائية ارتجالية تسيّرها فلول النظام السابق وقوى لها علاقة بالخارج، كنّا نتوقّع من رجالات مصر الفطاحلة الجهابذة الذين عركتهم الحياة السياسية والوطنية والنضالية أن يكونوا نموذجاً تقتدي به بقية شعوب ودول المنطقة؛ ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، والتاريخ مهما كان قاسياً وصارماً في بعض الأحيان إلا أنه سيؤكد للشعوب المغلوبة على أمرها أن الحق مهما غمط يوماً أو أعواماً لابد له من براكين ثائرة وثورات عارمة آجلاً أم عاجلاً. المصريون اليوم يقفون على مفترق الطرق، إما أن يكونوا دعاة ديمقراطيات وإصلاح وحريات حقيقية، وإما أن يكونوا دعاة تفرقة وتضليل وفساد وانحلال، كلنا نحب مصر الكنانة، مصر الحضارات، مصر الثقافات، ونتمنّى من الله أن يُخرج مصر من محنتها وأزمتها معافاةً سالمة غانمة رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين، ونحن على ثقة بالله دائماً أن شعب مصر العظيم قادر على تجاوز كافة التحديات والمؤامرات الداخلية والخارجية بكل تعقيداتها الفكرية والسياسية والأيديولوجية أياً كانت مصادرها وتمويلاتها ودعمها الخارجي من دول الأنظمة الأسرية المستبدة الحاقدة على مصر الثورة، مصر الحضارة والتاريخ والثقافة، فالفارسيون حاقدون، والعلمانيون يتمنّون ويتوقون والصليبيون يوقدون نيران الفتن المذهبية والطائفية لتشويه صورة وجوهر الإسلام النقي الصافي، فماذا أنتم فاعلون يا رجالات مصر الأفذاذ ويا شعب مصر العظيم؟!. ولذا علينا أن نعي تماماً: «أن العاقبة للمتقين» مهما شطح الزمان أو جارت الأيام والأعوام، فالإسلام باقٍ في القلوب، ودول العصيان مهما شاخ زمانها فهي ساعة.. ودول الإيمان مهما قصر زمانها فهي إلى قيام الساعة. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. رابط المقال على الفيس بوك