استشهاد طفل وإصابة والده بقصف حوثي شمالي الضالع    الحوثي يسلّح تنظيم القاعدة في الجنوب بطائرات مسيرّة    الرئيس الزُبيدي: تدهور الأوضاع يحتّم على الانتقالي مراجعة قراراته    بيان عاجل للبنك المركزي في صنعاء مع انتهاء مهلة مركزي عدن بشأن نقل مقرات البنوك البنوك التجارية للعاصمة المؤقتة    عاجل: هجوم حوثي جديد على سفينة في المخا وإعلان بريطاني يؤكد إصابتها    فلكي سعودي يكشف عن ظاهرة فريدة اليوم بشأن الكعبة واتجاه القبلة!    مجلس الوزراء السعودي يجدد رفضه القاطع لمواصلة انتهاكات الاحتلال للقرارات الدولية    الهلال السعودي ينهي الموسم دون هزيمة وهبوط أبها والطائي بجانب الحزم    ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم واجتماع أوبك+    تدشين مشروع توزيع "19"ماكينة خياطة على الأرامل في ردفان    جريمة بشعة تهز عدن: أب يطلق النار على بناته ويصيب أمهن بجروح خطيرة!    - توجه لبناء اضخم مدينة سكنية في اليمن باسم الإمام الهادي بتكلفة 1.200مليار في صعده كمرحلة اولى    الحكومة اليمنية تبحث مع سويسرا استرداد عرشين أثريين    منح العميد أحمد علي عبدالله صالح حصانة دبلوماسية روسية..اليك الحقيقة    فلكي يمني يحدد موعد أول أيام عيد الأضحى المبارك وبداية أيام العشر    الزُبيدي يؤكد على أهمية المخيمات الصيفية لخلق جيل مناهض للفكر الحوثي    المنتخب الوطني الأول يواصل تحضيراته في الدمام استعداداً للتصفيات الآسيوية المزدوجة    الوحدة التنفيذية : 4500 شخص نزحوا من منازلهم خلال الربع الأول من العام الجاري    بعد يوم من محرقة الخيام.. الاحتلال يرتكب مجزرة جديدة بحق النازحين برفح    عاجل: الحكم بإعدام المدعو أمجد خالد وسبعة أخرين متهمين في تفجير موكب المحافظ ومطار عدن    مارسيليا يسعى إلى التعاقد مع مدرب بورتو البرتغالي    ياوزير الشباب .. "قفل البزبوز"    بعد تجريف الوسط الأكاديمي.... انتزِعوا لنا الجامعات من بلعوم السلفيات    بحضور القاسمي ... الاتحاد العربي للدراجات يعقد الاجتماع الأول لمكتبه التنفيذي الجمعة المقبل بالقاهرة    سد مارب يبتلع طفلًا في عمر الزهور .. بعد أسابيع من مصرع فتاة بالطريقة ذاتها    وزير الإعلام: مليشيا الحوثي تواصل استغلال مأساة المخفيين قسراً للمزايدة السياسية    انعقاد جلسة مباحثات يمنية - صينية لبحث مجالات التعاون بين البلدين وسبل تعزيزها    غرامة 50 ألف ريال والترحيل.. الأمن العام السعودي يحذر الوافدين من هذا الفعل    ''بيارة'' تبتلع سيارتين في صنعاء .. ونجاة عدد من المواطنين من موت محقق    انطلاق أولى رحلات الحج عبر مطار صنعاء.. والإعلان عن طريقة الحصول على تذاكر السفر    شاهد .. وزير الزراعة الحوثي يعترف بمجلس النواب بإدخال الحوثيين للمبيدات الإسرائيلية المحظورة (فيديو)    استعدادات الأمة الإسلامية للعشر الأوائل من ذي الحجة وفضل الأعمال فيها    أكاديمي سعودي: التطبيع المجاني ل7 دول عربية مع إسرائيل جعلها تتفرعن    الإعلان عن تسعيرة جديدة للبنزين في عدن(السعر الجديد)    برشلونة تودع تشافي: أسطورةٌ تبحث عن تحديات جديدة وآفاقٍ أوسع    خمسة ملايين ريال ولم ترَ النور: قصة معلمة يمنية في سجون الحوثيين    بوخوم يقلب الطاولة على دوسلدورف ويضمن مكانه في البوندسليغا    العكفة.. زنوج المنزل    سقوط صنعاء ونهاية وشيكة للحوثيين وتُفجر تمرد داخلي في صفوف الحوثيين    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    استشهاد جندي مصري في الحدود مع غزة والقاهرة تحذر من المساس بأمنها    تدشين دورة إدارة البحوث والتطوير لموظفي وموظفات «كاك بنك»    8200 يمني سيغادرن من مطار صنعاء الى الأرضي السعودية فجر غدا الثلاثاء أقرأ السبب    معالي وزير الصحة يُشارك في الدورة ال60 لمؤتمر وزراء الصحة العرب بجنيف    مغادرة أول دفعة من الحجاج جواً عبر مطار عدن الدولي    شيفرة دافنشي.. الفلسفة، الفكر، التاريخ    الجزء الثاني من فضيحة الدولار أبو 250 ريال يمني للصوص الشرعية اليمنية    سلطان العرادة وشركة غاز صافر يعرقلون أكبر مشروع لخزن الغاز في ساحل حضرموت    دعم سعودي جديد لليمن ب9.5 مليون دولار    - 45أعلاميا وصحفيا يعقدون شراكة مع مصلحة الجمارك ليكشفون للشعب الحقيقة ؟كأول مبادرة تنفرد بها من بين المؤسسات الحكومية منذ2015 فماذا قال مرغم ورئيس التحرير؟ اقرا التفاصيل ؟    الثاني خلال أسبوع.. وفاة مواطن نتيجة خطأ طبي خلال عملية جراحية في أحد مستشفيات إب    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    عالم يمني يبهر العالم و يكشف عن أول نظام لزراعة الرأس - فيديو    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    وهم القوة وسراب البقاء    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في ذكرى النبي.. الحوثيون في حضرة الزعيم!
نشر في الخبر يوم 29 - 01 - 2013

منتصف نهار الخميس وجدتني محشوراً في شارع الخمسين بصنعاء، وسط حشد هائل من السيارات تحمل الرجال واللافتات وينبعث منها الهتاف مختلطاً بالزامل الزاعق(الموت لإسرائيل، الموت لأمريكا).
تذكرت أن اليوم يصادف ذكرى مولد الرسول الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم»وكنت قرأت في اليوم السابق خبر اشتباكات بين الحوثيين والسلفيين في معبر على خلفية احتفالات تمهيدية بالمناسبة.
كانت حركة السير مضطربة وغارقة في الفوضى، والسائقون يتحركون يمنة ويسرة لاستباق السيارات التي يبدو من هيئة راكبيها أنهم غرباء عن الموكب.
التفت إلى يساري وسألت الراكب في مقدمة السيارة المحاذية (حوثيين؟) رد بالإيجاب ، فأرسلت ابتسامة تحمل علامة الرضا والمباركة، لعلي من غير تفكير، قصدت أن أحمي سيارتي من طيش سائق مستعجل ولحذري وأناتي تجاوزتني سيارات كثيرة أسمعتني بعضها، فوق الهتاف المعاد، نشيداً يبعث على النشوة، أغاني من تلك التي يبثها تلفزيون(المجد) المملوك لحزب الله اللبناني ثم سمعت من يناديني فالتفت لأرى ابتسامة تند من زميل في العمل أعرف بُعده عن السياسة وسلامة روحه من التعصب المذهبي أو الديني.
حملتني صورة هذا الموظف البائس على نسيان الحذر والتحفظ فقلت له: (ولكن أمريكا تبتكر لنا وسائل الحضارة والحياة الحديثة) تابع ابتسامته في وقت شق الضجيج صوت اخترق أذنيّ (هذا إسرائيلي) عندئذ تهاديت في السير ولزمت الصمت حتى بلغت طرف شارع يبعدني عن موكبهم الهائج.
على الطرف الآخر من الشارع المتعامد مع شارع الثلاثين التقيت رتلاً ثانياً يمضي منعطفاً نحو أسفل غير أن وجهتي ألزمتني الناحية المقابلة فلم أتعثر في الزحام لكني تحسرت على البلاد، فقد بدا لي أن ما أشاهده استعراض للقوة أبعد منه الاحتفاء بمناسبة دينية.. ولست أنكر حق جماعة سياسية تعرضت لست حروب في أن تعلن عن قدرتها على البقاء رغم شلالات الدم وهي في هذا لاتؤكد حقيقة غائبة، إذ إن شواهد التاريخ فصيحة البرهان على أن السلاح لايقتل الأفكار.. ولو تتعلم الحكومات والجماعات السياسية المولعة بالبطش ، فقد تلاحظ أن الامبراطوريات والحكومات المتعاقبة في التاريخ الإسلامي أوردت الخوارج مورد العذاب، وأنزلت فيهم من صنوف التنكيل مالم تنزله بغيرهم من الفرق الإسلامية، أكثر منه فقد توافقت هذه الفرق – أكانت ربيبة للسلطة أو مطرودة من رحمتها – على ملاحقة الخوارج وإنكار إسلامهم والوشاية بهم لدى كل بلاط وعند كل جلاد، إلا أن هذا الوبال لم يقطع نسلهم الفكري والسياسي ومابرحت إحدى فرقهم راسية على شاطئ الخليج جنوب عاصمة العباسيين حيث يشكل (الأباظيون) غالبية أهل عمان وطبقتها الحاكمة.
في هذا سبق الخوارج حكمة شاعر روسيا العظيم (بوشكين) قال: (ضربات المطرقة تهشم الزجاج ولكنها تصفح الحديد)، دعوني أقطع بأنني لا أحمل ذرة تعاطف مع فكر الحوثيين العنصري وليس في قلبي ظلٌّ من هوى لمذهبهم الطائفي، مع هذا وبصرف النظر عن الموقف منهم، فأنا شديد الإيمان بحقهم في الوجود والتعبير ، لكني في أمر استعراضهم على نحو ما شاهدت الخميس الفائت أرى استغلالاً رخيصاً لذكرى مولد الرسول ولصاحبها.
ذلك أن المناسبة تستحضر الخشوع وتحث على العبادة، ومكان هذا، كما يعرف الناس، المساجد والزوايا وليس الشوارع والساحات.
إن الصوفيين وغيرهم من محبي النبي يحيون ذكراه في دور العبادة وفي الخلوات المغلقة، ويحيونها بالصلاة والذكر وإنشاد المدائح للرسول والتذكير بمناقبه وفضائله، وفي هذا المناخ الدافئ بالإيمان تشيع الأجواء الروحانية وتنسكب الطمأنينة في القلوب والزهد عن مباهج الحياة وعن غواياتها ومغرياتها المفسدة للروح.. ولا وجود لهذا التطهر في الساحات الضاجة بالزوامل والهتافات المقيتة والخطب السياسية الركيكة.
وأظن أن هناك مناسبات شتى- ليس مولد الرسول بينها- يمكن فيها للحوثيين أو غيرهم التعبير والتفاخر بالعدد والقوة. أما إذا اعتبرت هذه الطريقة الهوجاء استلهاماً لسيرة الرسول كنبي محارب قاتل الكفار والمشركين وعمم الرسالة في الأرجاء المحيطة بموطنه فإن الحقيقة أبعد ماتكون عن هذا المغزى ، ذلك أن محمداً إنما أمر بأن يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة, وعندما حمل السلاح كان مضطراً للدفاع عن وجوده وجماعته من أعداء بادؤوه الحرب.
وحين ذهب بعيداً خارج مطارح قومه ارتدت الحرب لباساً سياسياً بين دولة بازغة تدافع عن نفسها بالهجوم على امبراطوريات ودول كبيرة تحيط بها وتهدد كيانها الناشئ. وفي حروبه والذين جاؤوا من بعده لم يكرهوا أحداً على اعتناق الإسلام “أفأنت تكره الناس أن يكونوا مؤمنين". وليس أمراً بلا دلالة عزوف الخليفة الأعظم عمر بن الخطاب عن الصلاة في الكنيسة عند زيارته بيت المقدس حتى لايتخذها المسلمون مسجداً من بعده.
فضلاً عن هذا فقد تغير العصر وانتهى ذلك الزمان, وماعاد في وسع الحوثيين, أو سواهم من الفرق الإسلامية المعتوهة, أن يذهبوا إلى أي أرض فاتحين ولو كانت جزيرة مقفرة في البحر أو واحة نائية في الصحراء, وأصعب من اصطياد الشمس أن يطرقوا أبواب أمريكا لإكراه أهلها على اتباعهم أو إلحاق الدمار بها تطبيقاً للشعار الصفيق “الموت لأمريكا"، والشعار في ذاته يكشف عن مكنونات نفوس متوحشة ومسكونة بنزعة للتدمير. ومن مضمونه يتبدّى أن الحوثيين يخلعون عن أنفسهم هيئة الجماعة الحاملة لفكرة ويلبسون ثوب العصابة المتعطشة للدم. وإذ نعلم أن جماعة الحوثيين لاتقوى على اقتلاع أمريكا من موقعها على الخارطة الكونية وأنها عارفة حدود قدرتها مدركة عجزها، فإن اليقين عندي- وأظنه عند غيري- أنهم إنما يقصدون بصراخهم “الموت لكم".. لنا نحن اليمنيين الذين لانشاركهم معتقدهم.
أعود إلى الحشود التي شاهدت في تلك الظهيرة القائظة ليوم الخميس وقد ظننت أنها راجعة من مهرجانها مولية شطر مضاربها حتى قرأت السبت في إحدى الصحف أنهم أقاموا احتفالهم في المحاقرة بسنحان.
ذلك واضح المعنى بليغ الإفصاح داعياً إلى اليقين أن الحديث عن تحالف الحوثيين مع الرئيس السابق ليس ضرباً من التخمين ولا ادعاءً بالباطل أو رجماً بالغيب.
طوال سنوات حكمه لم يكف علي عبدالله صالح عن تغيير تحالفاته وعمل دائماً على ضرب حلفاء اليوم بخصوم الأمس, وغايته الوحيدة البقاء على كرسي السلطة. وفي علاقته بالحوثيين اعترف أثناء حروبه معهم أنه موّل نشأتهم.. واليوم لم يجد حرجاً في مد يده إليهم من جديد بعد أن تغير الهدف من الاستفراد بالسلطة إلى الانتقام من الشعب الذي ألقى به من عليائها إلى جحيم الأسى والحسرة.
إن شعوره بفداحة السقوط يتبدّى في تصرفاته الغريبة، فلم يتحمل واقع كونه الرئيس السابق فخلع على نفسه وصف الزعيم ولم يزل باكياً على الأضواء لاهثاً وراءها مااستطاع, يستقبل رجال قبائل ويزور فنادق كي تظهر صورته في وسائل إعلام أنشأها لحاجته ولقبه الجديد.
في نفس الوقت يتبين ألاّ غضاضة لدى الحوثيين في التحالف مع عدوهم بالأمس للإفادة من ثروة ومقدرات هائلة يقبض عليها حزبه. إنهم في قرارة نفوسهم مقتنعون أنه ألد الخصام منذ افتتح الحرب ضدهم غداة هتافهم في وجهه داخل الجامع الكبير بصعدة.
ليس غريباً أن يتحول الأعداء إلى حلفاء مادامت الضغائن تجمعهم في جبهة قتال مصممة على إفشال التسوية السياسية ومضاعفة المصاعب أمام السعي الحثيث والدؤوب للرئيس عبد ربه منصور هادي نحو تحقيق الاستقرار وتمتين أسس الوحدة والتطلع والأمل ببناء يمنٍ حديث وناهض.
تحالف الرئيس السابق مع الحوثيين لايتأكد برمزية إقامة مهرجانهم في سنحان, وإنما علاوة عليه, بمساهمة المحتفظين بالولاء لرئيس المؤتمر من أعضاء حزبه من تجميع الحشود وفي تحمل المؤتمر نصيباً من تكلفة الحفل الباهظة شملت مكافآت مالية وعينية.
وأقول مرة أخرى إنه استثمار رخيص لذكرى عظيمة القيمة, ثم إنه استعراض زائف بالغ بتقدير قوة الجماعة الحوثية بالاستعارة والإيجار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.