نقل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مساء السبت إلى باريس لاستكمال فحوصاته الطبية بعد «النوبة الدماغية العابرة» التي أصيب بها ظهرا وتم علاجه في مستشفى محلي، ما طرح العديد من التساؤلات في الصحف المحلية من حيث سرعة الإعلان الرسمي عن مرضه، وكذلك قدرته على الاستمرار في حكم البلاد قبل عام من الانتخابات الرئاسية. وأفادت مصادر قريبة من الملف في العاصمة الفرنسية أن بوتفليقة وصل إلى مطار بورجيه في باريس، ونقل إثر ذلك على الفور وتحت حراسة عسكرية إلى مستشفى فال دوغراس العسكري، وهو مستشفى غالبا ما يستقبل شخصيات فرنسية وأجنبية رفيعة المستوى. وقال مصدر طبي لوكالة الأنباء الجزائرية إنه وعلى الرغم من أن الحالة الصحية العامة للرئيس «لا تبعث على القلق»، فإن أطباءه طلبوا منه إجراء فحوصات مكملة والخلود إلى الراحة لأيام. وهو ما أكده الوزير الأول عبد المالك سلال، في مدينة بجاية شرقي العاصمة بنحو 200 كلم، وطمأن الأخير الرأي العام بأن صحة الرئيس مستقرة ولا تبعث على القلق. وفي سابقة أولى من نوعها اختارت مصالح الرئاسة التواصل مع الرأي العام المحلي من خلال بيان يصف حالة الرئيس، لتفادي الإشاعات التي سبق أن كانت مصدر الجزائريين لمعرفة أخبار صحة رئيسهم. وعلى الرغم من ذلك، فإن حالة الترقب خيمت على الشارع الجزائري، بما أن صحة بوتفليقة اقترنت هذه المرة بتطورات متسارعة محليا وإقليميا. فعلاوة على مخاطر الانفجار الداخلي التي لا زالت تهدد البلاد تحت تأثيرات «الربيع العربي»، والمشاكل الأمنية على الحدود الجنوبية بسبب الوضع في مالي وليبيا، فإن التهاب الجبهة الاجتماعية وتنامي الحراك في محافظات الجنوب، وكذا الصراع الشرس في هرم السلطة بين جهازي الرئاسة والاستخبارات، وفضائح الفساد، كلها تجعل من تدهور صحة بوتفليقة عاملا إضافيا لتكريس حالة الترقب بالبلاد. وذكر مراقبون محليون أن إصابة بوتفليقة بوعكة صحة ناجمة عن حالة من الشد العصبي خاصة مع ما أوردته صحيفة « لو كوتيديان دورون « المحلية عن استغنائه عن مستشاره وشقيقه سعيد الذي رافقه منذ وصوله إلى الرئاسة سنة 1999 في منصب مستشار خاص. وكانت صحف جزائرية تساءلت عن احتمال تورط السعيد بوتفليقة الأستاذ الجامعي والنقابي السابق في قضايا فساد في قطاع الطاقة الكهربائية. وأثارت صحيفة «الوطن» قضية شركة ألستوم وعلاقاتها مع شقيق بوتفليقة، وذكرت الصحيفة أن إثارة إسم وزير الطاقة شكيب خليل في قضية فضيحة شركة سونتراك التي يتابع فيها عدد من المسؤولين تمس بشكل مباشر اسم سعيد بوتفليقة. ونشرت الصحيفة مقالا مطولا بعنوان «هل سعيد بوتفليقة متورط؟»، في إشارة منها إلى الفضائح المالية التي تهز الجزائر منذ أسابيع، سيما المرتبطة بموضوع شركة سوناطراك للمحروقات التي توفر للبلد مداخيل مهمة. وفور صدور بيان من مؤسسة الرئاسة حول صحة بوتفليقة، انعقد اجتماع طارئ لكبار مسؤولي الدولة في العاصمة وقطع الوزير الأول عبد الملك سلال زيارة إلى مدينة بجاية، وهو ما ينبئ، وفق مراقبين، بأن صحة الرئيس مرشحة للتدهور، وبأن مؤسسات الدولة وضعت في حالة طوارئ. وقال المراقبون إن الجزائريين ينتظرون بترقب كبير النتائج الطبية من المستشفى الفرنسي، وهم وإنْ كانوا يتمنون الشفاء العاجل لرئيسهم، فإنهم متخوفون من المستقبل خاصة في ظل الصراع القوي بخصوص من يخلف بوتفليقة سواء داخل الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني) أم خارجها. وأضاف هؤلاء المراقبون أن حديث الشارع حاليا يتركز حول ملف الفساد الذي لم تنج منه حتى مؤسسة الرئاسة. يشار إلى أن صحة الرئيس الجزائري كانت موضوع وثيقة صادرة عن سفارة الولاياتالمتحدة الأميركية في الجزائر، مؤرخة ب 30 يناير2007 نشرتها وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 24 فبراير 2011، نقلا عن موقع "ويكيليكس"، كذبت فيها ما جاء في وسائل الإعلام الجزائرية من أن الرئيس نقل في 2005 للعلاج بفرنسا من إصابة بالقرحة المعدية، مؤكدة على أن الإصابة الحقيقية كانت «سرطان المعدة».