القائم بأعمال وزير الاقتصاد يعزي القيادة الثورية والسياسية باستشهاد اللواء الغماري    سفراء الدول الراعية للعملية السياسية يؤكدون دعمهم للحكومة وجهودها لتنفيذ الإصلاحات    أبناء الجوف يحتشدون في 50 مسيرة وفاء للشهداء وتتويجا للخروج الشعبي المساند لغزة    باكستان وأفغانستان تمددان وقف إطلاق النار ل48 ساعة أخرى وبدء محادثات بالدوحة    احتل المرتبة 152.. المنتخب الوطني يتقدم مركزين في تصنيف الفيفا    وحدة صنعاء يحرز كأس أربعينية وزير الشباب والرياضة الشهيد الدكتور المولّد    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة العلامة محسن بن يحيى العنسي    الذهب يتراجع من مستوى قياسي بعد تصريحات ترامب بشأن الصين    هيئة الكتاب تصدر كتاب "مفهوم الشرق الأوسط الجديد"    منظمة انتصاف : 8 من بين 10 اشخاص في اليمن تحت خط الفقر    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    ديمبيلي يدخل خطط الشهري أمام الهلال    الهلال يبقي بونو حتى 2028    رونالدو الأعلى دخلا.. ويامال يدخل قائمة الكبار    البخيتي يفجر مفاجأة بشأن "الحل السياسي .. !"    اكبر تاجر تجزئة ذهب في اليابان يعلق مبيعاته    مصلحة الهجرة تعلن انتهاء أزمة دفاتر الجوازات بعد وصول أولى الدفعات إلى عدن    317 مسيرة بالحديدة بعنوان "عامان من العطاء 00 ووفاء لدماء الشهداء"    كهرباء عدن تحذر من توقف منظومة التوليد خلال ساعات    الضالع .. الرقم الصعب ومدينة النضال التي احتضنت الجنوب بكرمها ونبلها    «نزيف القيادات» يؤرق الحوثي.. اتهامات لسد ثغرة الإخفاقات    السلطان بن عفرار يستنكر حكم اعدام 14 مهري صادار عن جزائية المكلا    لجنة تصفية الاستعمار للأمم المتحدة.. "حضرموت جزء من الجنوب العربي"    معمر الإرياني يحصل على 300 ألف دولار من "اليمنية" 7 دولار عن كل تذكرة    الشهيد اللواء الغماري .. صاحب البصمة في مختلف مراحل الحرب ضد اليمن    فريق صلاح الدين يتوج بطلاً لبطولة "شهداء على طريق القدس"    عدن في اسواء ايامها..ساعتين كهرباء في اليوم    خبير في الطقس يحذر من كتلة غبار قادمة ويتوقع تراجع موجة البرد مؤقتا    رحلة مجند    إشهار منصة إرث حضرموت كأول منصة رقمية لتوثيق التراث والتاريخ والثقافة    اغويرو يبدي اعجابه بماركوس راشفورد    الصليب الأحمر: 40% من المنشآت الصحية في اليمن خارج الخدمة    قراءة تحليلية لنص "حبي الاول في عدن" ل"أحمد سيف حاشد    وزير الشباب والرياضة المصري يكرم وفد اليمن المشارك في نموذج محاكاة برلمان الشباب العربي    مصلحة الهجرة تعلن انتهاء أزمة دفاتر الجوازات بعد وصول أولى الدفعات إلى عدن    الدكتور بن حبتور يعزي وزير الدفاع في وفاة عمّه    صنعاء.. البنك المركزي يوقف شبكة تحويلات مالية    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبياً على المرتفعات وأدنى درجة حرارة سُجِّلت في ذمار    قطع الكهرباء في عدن: جريمة تعذيب جماعي ووسيلة لإذلال شعب بأكمله    غزة.. هيروشيما الحيّة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة العالم    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    جدولة معلّقة.. خلاف خفي بين اليمنية وإدارة مطار المخا    يوفنتوس يخطط للتعاقد مع سكرينيار    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صدمة الحكم
نشر في الخبر يوم 03 - 06 - 2013

حين تتأمل المشاهد التى تتراكم فى صورة الأحداث فى مصر ما بين حملة تمرد وحملة تجرد، وما بين حملات أخرى صامتة تعبر عن نفسها فى بعض سلوكيات من مثل حملة تردد وحملة ترصد، حملات بعضها من بعض تشكل فى الحقيقة ما يمكن تسميته ب«صدمة الحكم»، وأعنى بها هنا أن جميع التيارات السياسية والتكوينات المختلفة بما فيها الإخوان أنفسهم، قد وقع عليهم هول الصدمة بحكم الإخوان.
●●●
وظللت أتأمل مشاهد متعددة قد تؤشر وقد تفسر هذه الصدمة العامة والتى أصابت الجميع من ميراث خطير ارتبط بصناعة صورة ذهنية متبادلة بين الحكم البائد والإخوان من جهة وقوى المعارضة السياسية من جهة أخرى، غاية الأمر فى ذلك أن الإخوان قد أصابتها صدمة الحكم فى ثلاثة صور يمكن رصدها:
الأولى: أن الإخوان أصابتهم الصدمة بعد نجاح ثورة 25 يناير فى إزاحة المخلوع، وهو ما حدا بهم إلى التفكير فى ملء الفراغ بما يشكلونه من قوى منظمة قادرة على استخدام الآلة الانتخابية وإدارة الحملات التعبوية المختلفة لدرجة احترافهم لعبة الانتخابات، وفى هذا الإطار فإن هذه الصدمة فى هذا الفراغ حدت بهم إلى تبنى خطابين متتاليين اتسما بكثير من التضارب والتناقض، كانت موجته الأولى تتحدث عن المشاركة لا المغالبة، الخطاب الإخوانى دار فى مسار أنهم سيتركون المساحات والساحات فى المجال السياسى عن طيب خاطر حتى يمكن أن تحدث الشراكة بين القوى المختلفة فى برلمان جديد.
وقدّر هؤلاء أن المناخ الذى صدر فيه هذا الخطاب كان لا يزال مسكونا بروح ميدان التحرير والميادين الأخرى إبان الثورة، إنها روح تؤكد أن ميدان البرلمان فيه متسع للجميع كما اتسع الميدان للجميع، قال الإخوان وبأعلى صوت إنهم لن ينافسوا على أكثر من ثلاثين فى المائة من المقاعد، خطاب واضح فى فلسفته وفى غايته وفى مقصده يعلن من كل طريق أن الشراكة هى الطريق الأنسب لإحداث تمثيل متوازن داخل البرلمان يحقق أوزانا نسبية لكل القوى السياسية فيتحقق المقصود بالائتلاف والالتئام.
واستصحب هذا الخطاب الإخوانى خطابا آخر حول انتخابات الرئاسة ليقرر الإخوان أنهم لن يقدموا مرشحا رئاسيا من بينهم، إنه صوت الحكمة الذى عكس روح الميدان فى كل ما عبرت عنه هذه الخطابات، إلا أن هذا الخطاب لم يدم طويلا وبدت الأمور تسير ليس فقط ضمن إطار المغالبة ولكن فى إطار الغلبة والتغلب، إنهم فى هذه المرة سينافسون على كل الساحات والمساحات فى الانتخابات البرلمانية وفى الانتخابات الرئاسية سيقدمون مرشحين وليس مرشحا واحدا.
أما الصورة الثانية: فإنما تتمثل فى ممارسة الحكم ذاته والمفاجأة التى تتعلق بمتطلبات المرحلة لكوادر سياسية وأساسية فى إدارة الدولة ودفة الحكم، يبدو أن الإخوان كانوا يعتقدون أن وجود بعض القدرات والكوادر المهنية هو ما يمكن الاعتماد عليه فى إدارة الدولة ولم يتعرف هؤلاء أن إدارة الدولة غير إدارة النقابات، وأن إدارة مؤسسة الرئاسة غير إدارة الحملات الانتخابية، بدا لهؤلاء أن الفجوة صارت كبيرة بين متطلبات إدارة الدولة وبين المتاح لديهم الذين لا يصلحون لذلك إلا القليل النادر.
أما الصورة الثالثة: فإنها تحولت فى بعض مشاهدها إلى شهوة التحكم وإلى اتباع سياسات هى فى غالبها تتسم بالتبرير والتمرير تحت دعوى المواءمة والملاءمة، وبدت هذه الأمور جميعا تصب فى النهاية فى صدمة الإخوان فى ممارستهم السلطة والحكم حتى إن بعضهم قد قال إنهم لم يتصوروا أن يكون التعويق والمعارضة على هذا النحو الشديد الذى لم يتحسبوا له، ولم يقدروه حق تقديره.
لم يكن هذا كله إلا صورا مركبة ومربكة لصدمة الحكم عند الإخوان أنفسهم، لكن هذه الصدمة لم تقتصر عليهم فحسب، ولكنها امتدت إلى المعارضة نفسها والتى أصيبت بصدمة كبيرة، كيف للإخوان أن يحكموا؟ كيف يخرج هؤلاء من السجون إلى سدة الحكم؟ وبدا خطابهم أيضا وكأنهم يريدون الإخوان فى السجون ليدافعوا عنهم أما إذا ما كانوا فى الحكم فإنهم يهجمون عليهم.. صدمة الحكم من جميع القوى السياسية لا يتصورون أن يكون هؤلاء فى كل مفاصل الدولة بعد أن كانوا تلك الجماعة المحظورة، ميراث تحكم فى هذه الصورة وساعد على ذلك أخطاء فادحة ارتكبها الإخوان وحزب الحرية والعدالة والرئاسة، جعلت من هذه الصورة تتثبت وتتأكد، الكل مصدومون بحكم الإخوان حتى الإخوان أنفسهم.
كذلك فإن القوى الإسلامية الأخرى بدت فى تحالف ظاهر أو باطن مع الإخوان إلا أنه بعد فترة من الزمن رأوا أنهم شاركوا فى صعود الإخوان ولم يشاركوا معهم فى الحكم، وكانت تلك صدمة أخرى تتعلق بتلك الحصيلة التى أدت بهم إلى ارتباك المواقف السياسية خصوصا بعد إحساسهم أن الإخوان قد اقتنصوا الحكم دونهم، وظل هؤلاء يتأرجحون فى المواقف بين المساندة تارة والمعارضة الخفية تارة ثانية والمعارضة الظاهرة تارة ثالثة.
●●●
إنها صدمة الحكم التى استولت على الجميع، وجعلت الاستقطاب والممارسات المختلفة تؤشر على معنى المعارضة الحادة التى لا تخلو من صورة ورثوها من نظام سابق حول الإخوان، ومن استقرار فى أنفسهم أنهم الأحق بالسلطة من الإخوان بحداثتهم بالسلطة والحكم، ليقع الجميع فريسة لصدمة الحكم، هذه الصدمة التى لم تكن تولد إلا بنسيان روح الميدان وقيمه، والغفلة عن الثورة ومطالبها، والتناسى لشعب طال انتظاره لينتقل من حال إلى حال، إن خروجكم جميعا من حال صدمة الحكم لن يكون إلا بتناول ترياق الميدان.
هل فهمتم جميعا درس صدمة الحكم؟!
*أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.