سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ناثان براون: علاقة (الإخوان) بواشنطن توترت بسبب سوء إدارتهم لمصر قال إن «مرسي» كان اختياراً سيئاً و (الإخوان) مذعورون من «تمرد» وسيواجهون مستقبلا قاسيا
قال الخبير الأمريكى البارز فى الشأن المصري استاذ العلوم السياسية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن ناثان براون: إن تنظيم الإخوان مذعور من فعاليات 30 يونيو، وردود فعله تتسم بالمبالغة والتطرف منذ الإعلان الدستوري فى نوفمبر الماضي. ورصد البروفسور براون في حوار اجرته معه صحيفة الوطن المصرية عدة أسباب لفشل الإخوان فى حكم مصر، أحدها اختيار التنظيم للرئيس مرسي الذي وصفه بأنه اختيار سيئ؛ لأنه شخص يفتقد الخيال وعاجز عن التواصل مع غير الإسلاميين، وجاء إلى السلطة فى لحظة استثنائية صعبة. وتابع «براون»،: «التنظيم سيندم بعد سنوات على تورطه المبالَغ فيه بالسياسة، وسيواجه مستقبلا صعبا نتيجة رفض جموع المصريين سياساته، وعدم ارتياح العالم الخارجي لأدائه»، مؤكدا ان تنظيم الاخوان سيواجه مستقبلا قاسيا؛ فالمصريون اعتادوا على وجوده، وهو ضارب بجذوره فى المجتمع المصري، لكنه لم يكن أبدا فى بؤرة الاهتمام اليومي كما هو الآن، وأصبح يواجه معارضة قوية، لا من بعض أجهزة الدولة فقط ولكن من شرائح واسعة من الشعب لا تثق فيه، ومستعدة للنزول فى الشوارع للاحتجاج ضده، وهذا أمر جديد على التنظيم الذي سيتأثر بشكل عميق، يصعب توقعه الآن بهذا التغيير. واشار الى ان تعثر الإخوان فى حكم مصر له أسباب، بعضها يتعلق بظروف مصر بعد الثورة وبعضها مرتبط بأداء التنظيم؛ فالإخوان بدأوا تجربتهم فى الحكم فى مجتمع منقسم على نفسه وبلد يواجه كل أنواع المشاكل وقواعد اللعبة السياسية غير واضحة، وهذا مناخ لا يضمن لأحد النجاح. وفي نفس الوقت فإن التنظيم ارتكب سلسلة من الأخطاء. واستطرد بالقول: الاخوان فى بداية الثورة كانوا حكماء وأدركوا أنهم غير جاهزين للحكم وأن المصريين والعالم الخارجي أيضا ليس جاهزا لتغير جذري فى نظام الحكم المصري، وأرسلوا فى الشهور الأولى للثورة رسائل مطمئنة فحواها أنهم يسعون للمشاركة لا المغالبة. مضيفا: كل هذا كان جيدا وحكيما من جانب الإخوان، لكنهم سرعان ما تراجعوا عن تعهداتهم وسعوا لتحقيق أغلبية فى البرلمان وشيئا فشيئا تورطوا فى السياسة أكثر، ونافسوا على الرئاسة وفازوا بها.. ووجدوا أنفسهم على رأس سلطة هم غير مستعدين لها. وحول رأي الامريكان بمرسي أجاب: الأمريكان اعتادوا على سياسيين لديهم رسائل واضحة ويعبرون عنها بطريقة واضحة أيضا، وهو ما يفعله «مرس ي»، الذي بدأ حواره بالتأكيد أن الأوضاع السياسية فى مصر مثل «حلة إسباجيتي». أنا فهمت أنه يقصد أن يقول إن الأمور مرتبكة والصورة ضبابية، لكن لا أحد فى أمريكا سيفهم هذا التعبير الغريب على هذا النحو، ثم إنه أراد أن يوضح إحدى أفكاره بالإشارة لفيلم «كوكب القرود»، وهو فيلم أنتج فى ستينات القرن الماضي، ما يعني أن معظم المواطنين الأمريكان تحت سن الستين لن يفهموا مقصده. وابدى ناثان اندهاشه من قرارات الرئيس مرسي بشان قطع العلاقات مع سوريا وموضوع سد النهضة مع اثيوبيا حيث قال: من المقبول أن يعلن رئيس دولة قطع العلاقة مع دولة أخرى، أو حتى إعلان الحرب عليها.. لكن من غير المقبول أن يفتح باب الجهاد. قرار «مرسي» فى هذا الشأن «غير مسؤول»، وأعتقد أنه تصرف فى استاد القاهرة كعضو بتنظيم الإخوان وليس رئيس دولة. أما فيما يتعلق بالحوار الوطني فقد أعطى صورة سلبية عن الرئيس والمعارضة. واضاف: أكثر ما صدمني هو حجم عجز الاخوان عن إدارة البلد، ما فهمته من الإخوان أنهم كانوا فى بداية الثورة أكثر ميلا لأن يكونوا «صناعاً للملوك وليسوا ملوكاً»، وكانت خطتهم السيطرة على البرلمان فقط لمراقبة أداء الحكومة وهذا يحقق لهم التدرج فى الوصول للسلطة، لكن عندما دخلوا البرلمان وأدركوا ضعف صلاحياته وأنه أضعف من برلمانات «مبارك» غيّروا موقفهم، وقرروا الدفع بمرشح للرئاسة. وأذكر أنني فى لقاء آخر مع خيرت الشاطر فى يناير 2012 قال لى إنهم لن يترشحوا للرئاسة إلا إذا وقف النظام ضد فوزهم فى البرلمان بأى صورة وهم شعروا أنهم خدعوا بتقليص المجلس العسكري لصلاحيات البرلمان. وأكد براون انه أيا ما كان الدافع فسيندم الإخوان على تورطهم المبالغ فيه فى السياسة، وبعد 10 أو 20 عاما سينظرون إلى ما فعلوا وسيدركون حجم خطئهم. وأعتقد أن ما فعله حزب النهضة فى تونس كان أكثر حكمة فقد سعوا لتحقيق التعددية وليس الأغلبية. وتابع قائلا: لو كان لأمريكا أن تختار رئيساً لمصر ما اختارت «مرسي».. . ولكن المصريون اختاروه فباركت واشنطن اختيارهم، مشيرا الى ان الإخوان من جانبهم بددوا حيرة واشنطن وترددها تجاههم فى البداية بموقفهم الإيجابي والمطمئن من اتفاقية السلام مع إسرائيل، ثم إن واشنطن لم تجد بدائل أخرى جاهزة لقيادة مصر بعد «مبارك».موضحا ان إدارة «أوباما» لا تعتبر نفسها حليفاً للإخوان وتشعر بالإحباط من اتهامات المصريين بدعمهم. واضاف موقف واشنطن من الإخوان تغير فى الشهور الأخيرة، فالعلاقة بينهما بعد الثورة مرت بمرحلتين، المرحلة الأولى من صيف 2011 وحتى نهاية 2012. فى هذه الفترة طوّر الأمريكان والتنظيم علاقة عمل إيجابية وتفاهما مشتركا جيدا، من خلال قنوات اتصال مفتوحة، واستقرا على أن واشنطن تقبل بوجودهم فى السلطة، وفى المقابل تعهد الإخوان بأن يتصرفوا بشكل «مسئول» وعاقل فى سياساتهم الخارجية من وجهة نظر الأمريكان، لكن فى الأشهر الأخيرة اتسمت العلاقة بالتوتر، بعدما أدركت واشنطن أن التنظيم متعثر فى إدارة مصر وأن «مرسي» ليس رئيسا فعالا. وعبر ناثان عن قلقه من فهم الإخوان ل«تمرد» على أنها رسالة من المعارضة فحواها: «إما نحن وإما أنتم»، وفهمهم ان الدعوة لانتخابات مبكرة معناها أنكم إذا فزتم فى الانتخابات المقبلة فسندعو لانتخابات جديدة، وهذه رسالة خطيرة؛ لأن الديمقراطية تقوم على أن هناك دائما فرصة أخرى لتحقيق الفوز فى الانتخابات المقبلة.