داخل ستوديو فاخر،مجهز بملايين الدولارات ،ثمة عالم آخر يسمى arab idol»»..طرب ،عطر ، غنج ، ضحكات ، اكتاف نصفها عارية؛ وبعضها كلها،تصفيق احيانا أقرب إلى الصفاقة ، صبية من غير هذا الزمان ومتصابون ممن مضى زمانهم .ملايين العرب ينهون اعمالهم ، ان كان تبقت لهم اعمال في هذه الاوضاع الجائعة ، يجلسون امام الشاشة اما ليهشوا عنهم كآبة الاخبارالقاتلة او انهم نجحوا في ان يفشلوا في تحمل الواقع العربي المهزوم. خارج الاستوديوالذي يبدو انه أٌعد خصيصاً لمرحلة الربيع العربي الحارق الخارق الممزق لكل ما هو عربي ، ثمة عالم آخر يسوده النواح ، اجساد عارية بفعل الاحتراق ، البطون مكشوفة السرة من الجوع لا من الخلاعة ، الاقدام اما مقطوعة من لغم في الطريق او اهترت من طول طريق اللجوء ، مشاهدون لاجئون نازحون لا حصر لاسمائهم او اعمارهم او متى يموتون من البرد و الضياع . عالم عربي يتعرى من عروبته و تاريخه تنهش بجسده الانقسامات الطائفية و المذهبية حتى يكاد يتحلل الى سبعين مذهبا وملة لكأن الدين الذي جاء ليوحد البشر يريده فقهاء الظلام و الانحلال ان يبدو عاجزا عن توحيد أمة التعاضد والتكافل و «العلم ولو في الصين»و «العدو من امامكم و البحر وراءكم «. ظاهرة اراب ايدول ليست ببراءة المشاهدين و المشاركين و المصفقين لكنها سياسة التغطية عما يفعل بنا اعداؤنا المخفيون و الظاهرون . لسنا ضد الغناء ولا الطرب ولا الفرح لكنه التضليل والتعمية والتزييف. فمن يشاهد اراب ايدول ، هكذا يسمونه دون ان يكلفوا خاطرهم حتى الى ترجمة اسم و فكرة البرنامج المسروقة حرفيا من المحطات الاميركية الى العربية ، يعتقد ان هذه امة تعيش في قمة الحضارة ودولها حققت الاكتفاء الاقتصادي ، تتمتع بسيادة كاملة ،شعوب شبعانة قمحاَ وحرية وسيادة !! لكأن لا قتلى في الشوارع على الهوية والمذهب ، لا حكومات تستجدي العون من الاعداء الفعليين للامة ولا تفتيت يجري باقدام و سيقان وسلاح و مخططات العدو. انها التعمية على الذبح الجماعي للامة بسكين هي ذات السكين التي قسمت العرب ذات سايكس بيكو.وليست هذه الحفلة من الذبح هي الاولى . فباسم السلام وتحت لافتة المفاوضات التي ظلت مفاوضات منذ مؤتمر مدريد 1991 حولت اسرائيل الاراضي الفلسطينية الى مستوطنات و بدل « الدولة الفلسطينية الموعودة اصبح على الارض «اسرائيل ثانية» . وبنعمة الربيع العربي اصبح توحيد الشعب داخل كل دولة عربية على حِدا حلماَ بديلا لاعادة توحيد العرب في امة واحدة ، كما كانوا وكما يقول التاريخ واللغة والجغرافيا. انه الغناء قهراَ لا طرباَ، صفير السائر ليلاَ ليطرد خوفه.هو التعويض بالحنجرة عن ذبح الخناجر ،رقص في المآتم وتشييع الاموات بالاكفان المستوردة. اراب ايدول يراد له ان يؤكد مقولة اننا امة صوتية ، وهذه المرة بالغناء، يذكرنا بما قاله سعد زغلول قبل عشرات السنين : مفيش فايدة، غطيني يا صفية !!