أكثر ما يؤلم في فوز الفتى الفلسطيني محمد عساف بلقب الموسم الثاني من برنامج اكتشاف المواهب «ارب ايدول»، هو استخفاف البعض بموهبة الشاب الاسمر الذي ظل منذ عمر الخامسة يلعب بالحصى والرمل على شاطىء غزة، (بعد ان تفتحت عيناه وليدا برفقة ابويه في ليبيا) الى ان تفتحت قريحته واكتشف من حوله عذوبة صوته التي تؤهله لاحقا لأن يكون نجما عربيا بامتياز ومن النادرين الذين استطاعوا أن يجمعوا كل هذه المحبة العفوية، بعيدا عن عبارة: (نجح لأنه فلسطيني) وكأنها تهمة. محمد عساف الذي أضحى محبوبا للعرب، حتى لو كان لم يفز، لم يشهد العرب اجماعا على فنان مثله، منذ قدوته الخالدة «عبد الحليم حافظ» الذي اختار عساف أن يبدأ ويختتم مشاركته في «ارب ايدول» من خلال أغنيته الشهيرة «صافيني مرة» التي اعلنت ولادة نجم باحساس العندليب الاسمر، وها هي تعلن انطلاقة نجم لا يتكرر صوته بسهولة بشهادة اهم الفنانين العرب وهو محمد عساف. محمد عساف، نجح لأنه فنان يمتاز باحساسه العالي، وتواضعه الجم، وأدبه الكبير، وتعاطيه الهادىء والوقور مع فوزه بلقب يحلم مئات الآلاف من ابناء جيله أن يحظى به، وفوق ذلك كله، نجح لانه يحمل هم بلده وقضية وطنه، ويحمل هم الاسرى والمبعدين.. ويحمل فوق ذلك صوت العرب في حنجرته. عساف، نجح لأنه فنان حقيقي وصاحب صوت يطرز بالحس اوجاع وطنه وابنائه، وليس أدل على ذلك، من ذيوع أغنيته «اليتيمة» «علّي الكوفية» التي أداها قبل ثماني سنوات، وذاعت كالنار في الهشيم في كل فلسطين، وظلت تدور في أذن كل فلسطيني كان الشتات شاطئا له، وعساف الذي اعاد احياء الاغنية من خلال مروره الاسبوعي في «ارب ايدول» أثبت انه يستحق محبة الملايين، لانه فنان بالفطرة ولأن احساسه يخترق القلب. صديقي عساف.. اخشى ان يقتلك العرب، لاننا جميعا سنلاحقك بتهمة فلسطينيتك وسنحملك «جمايل» اننا صوتنا لك، وفوق ذلك كله، اننا سنهدر دمك، إن رأيناك في «فيديو كليب» مع حبيبة ما في لقاء عاطفي تحول الى أغنية.. وسنتهمك بأنك اهملت قضيتك «فلسطين» ونسيتها في احضان أول «موديل تمايلت معك في فيديو كليب»، هل تعرف لماذا؟!.. لأننا كلنا نغار منك. ليس المطلوب من عساف، أن يبقى حبيس الدماء التي تنزف من قلوب الفلسطينيين، بل هو كتلة من الاحساس بإمكانها أن تحلق؛ حاملة معها مستقبل فلسطين وحق شعبها بأن يعيش كما باقي البشر، دون دماء ودون ألم، من حق الفلسطيني أن يكون انسانا من لحم ودم وأن يحمل بين دفتي قلبه مشاعرَ تحلم بمستقبل أفضل دون دماء. مشكلتنا كعرب.. اننا بقينا غافين في احلامنا، ننتظر صلاح الدين جديدا ليحرر القدس، ولم نعترض الا عندما فاز فتى فلسطيني اسمر بلون الشمس يحمل قسمات شعب اضناه التعب، ووجدنا «مشجبا» نعلق عليه خيبتنا الطويلة، حتى اصبح عساف من يؤخرنا عن تحرير فلسطين. محمد عساف.. علّي الكوفية علّي.. ولولح فيها.. وغني عتابا وميجانا وسامر فيها.. هز الكتف بحنيه.. جفرا عتابا ودحية.. وخلي البارود يهلل ويحليها. [email protected]