هل ابتلع المصريون الطُعم الصهيوني وشرعوا في تخريب مصر وتشويه ثورتها؟! إن الله تعالى قد أنعم على الإنسان بنعمة الذاكرة لكي يستطيع أن يتعلم من أخطائه ويسهم في إعمار الأرض.. ولكن يبدو أننا فقدنا الذاكرة وصرنا عبيدًا للإعلام الكذوب الذي كان ينبغي أن يُخلع مع المخلوع في أعقاب الثورة، كما حدث في تونس؛ ألم يزينوا له سوء عمله، فرآه حسنا؟! لقد نجح الإعلام الكذوب في خداع الشعب والاتجاه بالمضلَّلين إلى حرق مصر استجابة للمعارضة الهمجية التي تهربت من مواجهة الشعب من خلال الصندوق الانتخابي واتجهت إلى العنف والقتل كوسيلة وحيدة لفرض رؤاها الفاسدة، ووصلت الكارثة إلى التجرؤ على بيوت الله ومهاجمتها! وقد سبق أن توقعنا ما يحدث حاليًا – لا رجمًا بالغيب، ولكن بالقراءة المتأنية للأحداث – في مقال سابق بعنوان (على الإسلاميين الاستعداد لابتلاء جديد) نشر في 10/ 4/ 2012 جاء فيه: (من الذي يخطط ويسعى لتخريب مصر بعد ثورتها المباركة؟؛ إن المتابع لوسائل الإعلام – ومَن خلفها – يستطيع أن يكتشف بسهولة كل خيوط المؤامرة.. فالحبّة صارت قُبة، والكثيرون من التافهين والجاهلين والنكرات صاروا زعماء و"قوى سياسية"، والكذب والبهتان ونشر الإشاعات أصبح السياسة المعتمدة بالصحف والفضائيات، وخلط الأوراق والتعتيم على الحقائق بات هو الشغل الشاغل لمن يتحكمون في توجيه الرأي العام. بماذا نصف هذا العبث بمقدرات الوطن؟ إن الحرية التي استردها الشعب بشق الأنفس يجب أن تقترن بالمسئولية والصدق والرجولة، وعندما ينحرف المستفيدون من نعمة الحرية عن مقاصدها النبيلة، فالواجب على أولي الأمر وقف هذا العبث ومنع اللعب بالنار قبل أن تنتشر وتحرق الأخضر واليابس. ومن الطبيعي ألا نشك في وطنية أحد، فالأمر الفطري أن كل إنسان يحب وطنه، ولكن ما تشهده الساحة المصرية اليوم يدل على أن أعداء مصر الذين انزعجوا من ثورتها وقرب عودتها إلى الريادة التي تستحقها – خصوصًا الحلف الصهيوأمريكي وأذنابه بالداخل؛ استطاعوا أن يجندوا طابورًا خامسًا من الذين يشعرون أن الثورة سوف تعصف بمصالحهم واحتكاراتهم، المهددة بالفضح والزوال.. بالإضافة إلى أولئك الذين كشفت الانتخابات الحرة حجمهم الحقيقي وصاروا مهددون بالموت الإعلامي والسياسي. ومما يدل على صدق هذا التحليل أن هؤلاء العابثون لم يخجلوا من التحالف والتضامن على أمر واحد، وهو السخرية من الشعب وتوجهاته السياسية واختياراته الحرة التي استمتع بها لأول مرة في تاريخه.. ليتحول التيار الإسلامي الفائز بثقة الشعب، والذي لم يُختبر بعد ولم تتح له الفرصة لإثبات كفاءته من عدمه، يتحول بالافتراءات والكذب إلى شيطان ليس من حقه أن يمارس السياسة أو يقترب من مواقع المسئولية! وقد وجد الإعلام المفترِي ضالته في قضيتي إعداد الدستور وانتخابات الرئاسة، فبدأت على الفور الشائعات الإعلامية التي تصور الشعب المصري وكأنه رافض للإجراءات القانونية التي اتبِعت في تشكيل لجنة إعداد الدستور، مع النفخ والتهويل وتصوير من أعرض الشعب عنهم وسقطوا بالانتخابات على أنهم زعماء مصر الذين ينبغي أن تكون لهم الكلمة العليا في إعداد الدستور. وإذا سايرنا هؤلاء المتمردين على الوطن وبحثنا عن آخرين – غير من اختارهم الشعب – للجنة التأسيسية؛ فعلى أي أساس يتم الاختيار، ومن الذي يختار، وبأية صفة؟ وهل يقبل عاقل أن نترك من يحظون بثقة الشعب، صاحب المصلحة، ونستبدل بهم النكرات الذين يفرضهم الإعلام المغرض؟ لو أنهم كانوا عقلاء ومنطقيين واقترحوا طريقة أخرى "شرعية" لاختيار لجنة المائة بحيث تمثل الشعب عن حق وليس بالصوت العالي والتضليل والكذب.. لقلنا إن هؤلاء وطنيون يسعون إلى مصلحة الوطن، ولكن للأسف فقد كشفوا أنفسهم وصدق فيهم قول الحق سبحانه وتعالى "إن يقولون إلا كذبًا". والغريب أن صحيفة الأهرام تواصل التضليل بقولها مثلا إن "14 حزبًا" قرروا مقاطعة اللجنة التأسيسية.. من الذي قال إن هذه أحزاب وأغلبهم لم يحصل على مقعد واحد في الانتخابات؟! لقد نجح الإعلام المغرض – بكثرة الكذب والتهويل – في تضليل الشعب وبث الفرقة وصرف الناس عن وحدة الهدف التي كانت سر نجاح الثورة.. هل هذا تحريض وتجهيز لكوارث قادمة تتطلب الفُرقة والاختلاف؟! إننا نشعر برائحة "سياسية" كريهة تدعو للقلق والخوف على مصر ومستقبلها.. فمصر دولة محورية وقائدة، وأعداؤها لا ينامون، والثورة التي نجحت بوحدة الشعب أذهلتهم وأقلقتهم، والحملة الصليبية الجديدة لا يمكن أن تقبل بتهيئة الفرصة لإظهار كمال الإسلام وعظمته، بصفته البديل المتوقع لحضارتهم الآخذة في الأفول. وما يُشتم من الحملة الإعلامية الشيطانية الراهنة يبين أنهم يسعون لإحداث الفُرقة وتفتيت الإجماع الشعبي تحضيرًا لشيء خطير. إن عملاء النظام المخلوع الذين مرَدُوا على النفاق، وعودونا على مداهنة كل من له سلطة أو يتوقع أن يصل إلى السلطة انقلبوا فجأة وصاروا يهاجمون الحكام القادمون.. ماذا حدث؟! هل أقلعوا عن النفاق وتابوا فجأة؟ أم أنهم علموا بما يجري التحضير له بإزاحة الممثلين الشرعيين؟ إن كل شيء صار مكشوفًا.. وعلى التيار الإسلامي أن يستعد لا بتلاء جديد، وعظيم. من الواضح أن ما سبق أن نبهنا إليه قد حدث، ولا يحتاج الأمر إلى تعليق! [email protected]