عجيب أمر بعض القوى اليسارية والقومية التي احتفلت بتنحية الرئيس المصري محمد مرسي، فهذا الموقف يتناقض كلياً مع أدبياتها وشعاراتها التي لطالما تضمنت النص على تحقيق الديمقراطية والدفاع عنها، والاحتكام الى صناديق الاقتراع ودعم الحريات وحقوق الإنسان. والغريب اننا نكتشف الان ان هذه الأحزاب والقوى تقصد ان الديمقراطية لها فحسب، ولا يجوز ان يصل غيرها الى صناديق الاقتراع؛ لأنه سيحولها الى ديكتاتورية وفقها، ويا سلام! أما الأعجب فهو ان هذه الأحزاب نظمت حفلات سمر زغردت فيها للاطاحة بمرسي، واكدت بالدف والطبل والرقص دعمها للسيسي، وكأن المسائل المصيرية يعبر عنها بهذه الطريقة الساذجة والسخيفة. هذه الديموغواجية التي ليس لها مثيل لا تقف عند هذا الحد، فهذه القوى أيدت الرئيس السوري بشار الاسد حين ثار شعبه ضده، وأيدت العقيد القذافي حين كان يذبح الليبيين، ولا أدري كيف تستقيم الشعارات القومية والماركسية مع هذين الموقفين! ولا كيف تلوي هذه القوى عنق النظرية او النظريات، لتؤيد دكتاتوراً او لتقف مع شريعة الشارع وفق ما تقول بشأن مصر بدل صناديق الاقتراع، وحتى وعندما نزل الإسلاميون الى الشارع، لا تقر ولا تعترف بهم، وكأن ديمقراطية الشارع لناس وناس أيضا! ونما لعلمي أن زملاء تحدثوا الى قياديين في هذه الاحزاب والقوى سائلين إياهم التعليق على مجريات الاحداث في مصر، فكان بداية جوابهم سؤال وجهوه للزملاء: هل التصريح لوسيلة اعلامية اسلامية او قريبة من الاسلاميين أم لغيرها؟! والأنكى ان هؤلاء شنوا هجوما كاسحاً على الرئيس المصري والاخوان حين كان التصريح لوسيلة اعلامية غير إسلامية، اما اذا كانت اسلامية او قريبة من الاسلاميين، فكانت تصريحاتهم اقل حدة وتكاد تحاول امساك العصا من الوسط. كيف يمكن أن نثق بأشخاص وقوى على هذه الشاكلة، قوى تحاول أن تجد لنفسها مكاناً تحت شمس غربت عنها منذ زمن بعيد، وتجهد في محاولة أن توجد تحت أي شمس، وبأي ثمن.