يذكرنا منظر شهداء الشعب المصري الذين سقطوا بالامس امام مقرات الحرس الجمهوري وهم ركع سجود بمجزرة الحرم الابراهيمي التي نفذتها «اسرائيل» بحق الفلسطينين قبل سنوات. المنظر مؤلم حيث الشهداء يصلّون وتنطلق في لحظتها رصاصات الغدر التي صنعت في مصانع المؤامرة التي ترعاها دول تزعم أنها على خلق ودين. لم يخطر ببالي أن ينساق الجيش المصري يوما وراء أوامر تطالب بقتل الشعب؛ فما نعرفه عن عقيدة هذا الجيش ورغم كل التشوهات أنه وطني لا يجامل في مسائل كهذه. قبيل المجزرة وفي أثناء متابعتي لقناة العربية، شعرت وتحسست في اثناء حديثهم عن التطرف والارهاب أن أمراً يحاك بليل، وقد جاءت حادثة الحرس الجمهوري لتثبت ذلك. هذا القتل يدلل ودون ادنى شك على أن قادة الانقلاب كانوا قد بلغوا الحائط، وأن أفقهم مرتبك، وأوامر أسيادهم تجعلهم وحوشاً لا بشراً. القتل دائما يصب في مصلحة المقتول الضحية، وانصار الشرعية سوف يزدادون عزما ورغبة في احداث التغيير المطلوب؛ وذلك لأن دماء شهدائهم باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على ضرورة الانجاز. لكن ما يقلقني أن بيان العسكر يوحي لك بمخطط في استسهال سفك الدماء، وهو ما لم نعهده على سلوك الجيش المصري تجاه المواطنين. هل سنشهد احتراباً أهلياً وانتفاضة شعبية عارمة تطيح بمصر الدولة والكيان، أم ان العقلاء سيتدخلون فيتنازل الجيش عن تدخله، وتعود الصناديق كي تحكم؟ اسئلة مزعجة وخطيرة فرضتها علينا ثلة مغامِرة في مصر انقلبت على الديمقراطية، وها هي تسفك الدماء دون شعور بمسؤولية اخلاقية. البرادعي سبق له أن دبر مكيدة سفك دماء العراقيين، وصباحي من طينة ناصر الذي استبد وأعدم الشرفاء، أما السيس فهو أُلعوبة بيدهم وقاتل مأجور. سأتفهم أي سلوك يصدر عن القوى الاسلامية؛ لأن ما جرى يعيق العقل عن العمل؛ ولأن المخطط مستمر بصفاقة مدهشة وحقيرة. لكني في المقابل أدعوهم إلى الحكمة والتعقل وقراءة المآلات، وتحسس الفخاخ المنصوبة لهم، وهذا لا يعني أن لا يبادروا بالرد، لكن ما نأمله أن يكون الرد مصيباً ودقيقاً وهادفاً. إعلام الدجل يصمت اليوم، ومثقفو التحشيش يسكتون، وتذهب بي الخيالات لو أن الحادثة كانت في عهد مرسي لسمعنا منهم تهريجاً لا نهائياً!! أيها المصريون دماؤكم لن تذهب في مهب الريح، وصبركم سينضج الحلول، ووطنيتكم رصيد وطاقة لم يعد من الممكن قمعها، وهنا سنرى التغيير.