تفويض السيسي الذي استصدره من رؤوس الفتنة وأشياعهم، ومارسه في ميادين مصر مُتَوَقع، لكن المستغرب هو الدموية التي مارستها أدوات هؤلاء الانقلابيين من قوى أمن وبلطجية خجلت عن مقارفتها الوحوش، واستعلت عن ممارستها الجوارح على العشوش. آلاف الضحايا في رابعة النهار بأيدي هؤلاء الأوغاد، وآلاف الجرحى، وبعضهم أجهزوا عليه في سويعات، وما يزال هناك من يُصَفق لهؤلاء، ويتشدق بالمؤامرة التي تتعرض لها مصر من الإرهابيين والمتطرفين بقيادة إسلاميي مِصر من الإخوان وأشياعهم، وما يزالون يصفقون لكبيرهم الذي يدعي السيادة التامة لبلده والاستقلال لقراراته! الذي يسمع لكم ويرى مسرحياتكم يحسب أن دولنا وأنظمتنا واحات للحرية، وحريصون على مصالح شعوبهم وكرامتهم الإنسانية، وجميعهم أحرار عَصِيون على التبعية، وقد وصلت أقطارهم في ظل رعايتهم وخدمتهم إلى مصاف الدول الغنية، وهي الآن بذهبها الأصفر والأسمر ومواردها على أعلى سُلم التنمية البشرية، ولولا عودة الدهماء من شعوبهم لدينهم وإيثارهم آخرتهم على دنياهم لكسرت قيود الرجعية. لا عيب فيمن يشتكي داء العمى العيب فيمن نفسه عمياء هذه الحقيقة يا مَن استمرأتم الاستخذاء للأجنبي، يا أيها المنبتون عن تاريخكم وأصولكم فعشتم ولا زلتم الاغتراب في نفوسكم وواقعكم، فحالكم كحاطب الليل الذي يستوي عنده الرأس والذيل، وسترون أن أفعالكم كسراب بقيعة تحسبونه ماءً لن يطفئ ظمأ نفوسكم عندما تواجهوا حقيقة الواقع، فتباً لكم يا أدوات السلاطين وأعوان كل طاغية مَهين، وجنود إبليس اللعين. أصبح التمسك بالدين عنوانا للإرهاب، والحوار مع من يخالفكم أسئلة ليس لها جواب، تُرسلون ولا تستقبلون، توغلون في الدماء والأعراض ولا ترعوون، عداؤكم الإسلام ودعاته أشد منه لبني صهيون، أعزاء على ضعفائكم وأهلكم، ومقابل أعداء الأمة تقبلون بالدون، ولو أفاق على واقعكم لضحك منه شارون، فما نرى منكم إلا حاقدا أو غبيا أو مأفونا. المقدمات توصل للنتائج، وواقع مصر بعد الانقلاب لن يكون أحسن حالاً مما كان عليه قبله، ومجاميع المعتصمين والمنتفضين في ميادين وشوارع دول الثورات العربية تدلل على أنها عرفت الطريق، وخمس انتخابات (مجلس شعب وشورى وتأسيسي ورئاسة ودستور) تكفي لكل منصف وغيور، فضلاً عن أن كل منتم لأرض الكِنانة ودينها وتاريخها لا يجد بداً من احترام خيار الشعب، ولكن عندما تُعَطل العقول، ويجتمع أصحاب الهوى والمُغْرِضون والفلول، وينطلي على البلهاء سحر الطغاة، تَعْمى القلوب التي في الصدور، ويحسبون أن الإثخان في الشعب يُسْكته، ويجعله يقبل بالواقع، ولا يعلم أن هذا ما يكون في الأجل القصير كقصر نظرهم، ولكنه سيختزن في نفوس الشعب حتى ينفجر في وجه جلاديه مهما عظمت التضحيات، وبعد التمحيص يذهب الزبد ويبقى ما يمكث في الأرض، وهذا كله خيرٌ إن شاء الله. جزى الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقي وما شكري لها إلا لأني عرفت بها عدوي من صديقي لم ينته المشوار بَعْد، ومن ينفق مال المسلمين ورِكازه لرؤى منحرفة سينفق كل ذلك، وسيكون عليه حسرة، ولن يحقق ما يرجو، فهو ينفخ في مَيت سريري، ولن ينفعه تقاسم الأدوار مع نتنياهو وكيري، وسيجد أن التغيير حق، ولن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، وأدوات الاستعمار والتبعية والعبودية لم تعد تصلح لهذا الزمان، وإعادة الخلافة وتعبيد الناس لله سبحانه وتعالى وربط الآخرة بالأولى هي ديدن كل مسلم حق يعتز بدينه، ويعتقد بشريعته، ويوقن بأن وعد الله حق، وهذا ما نراه حق اليقين، بل عين اليقين، ولن يغير من واقع الحال مسخ ولا دجال، وهذا ما سترونه وسنراه إن كان لنا آجال.