نودع عام 2013 بلا اسف ونستقبل 2014 بخوف ووجل. الاحباط كان عنوان السنة المنصرمة، اما ستارة السنة المقبلة فترفع على تشاؤم والبحث عن بصيص ضوء. الآمال الكبار في التغيير نحو الافضل التي بعثتها في نفوس الناس انتفاضات الشعوب من أجل الكرامة والحرية والديموقراطية ولقمة العيش، سرعان ما تبخرت وتحطمت تحت أقدام القمع والارهاب والحديد والنار. الفوضى والتخبط والموت والدمار، وأزيز الرصاص والمتفجرات استأثرت وحدها بالمجد وصارت وحدها الكلمة الفصل. سوريا تحترق بنار جيشها، والغرباء استباحوا أرضها والأعراض، ولا شيء في الأفق يشير الى حل ممكن، الغربان فقط تحلق في سمائها، والتسويات مستحيلة في ظل لغة الدم والاجرام التي تعنف يوما بعد يوم. العراق ينوء بثقل حكامه الفاسدين وما أكثرهم، وأقاليمه ومكوناته تبتعد بعضها عن البعض، أما اهله فمنهم من قضى ومنهم من ينتظر، وحال التفجيرات لم تتبدّل تبديلاً. لبنان كان قبل الثورات على خط الزلازل ومع احتدامها صار على فوهة بركان، وكلما استعرت الحرب الطائفية في محيطه، تحرّكت الغرائز والعصبيّات بين شعوبه والطوائف وتلاشت كابحات الحرب الاهلية وعاد الى مربع الخطر. مصر منذ ثورتها النظيفة لم تعرف الاستقرار ولم ترس سياساتها واستقرارها على بر، هي مصعد العالم العربي وقاطرته، لكن المصعد متوقف والقاطرة أضاعت بوصلة الاتجاه وأضاعت المحطة. السودان خسر جنوبه، وبهمة حكامه سيخسر شرقه والغرب بينما يتفرج على جنوبه السابق يحترق بنار اهله المستقلين. اليمن ليس سعيداً، وما حلّ بالسودان والعراق صار على عتباته. المغرب العربي ضياع بضياع. الجماهيرية الشعبية الليبيّة العظمى احتضرت مع زعيمها القائد، وليبيا الجديدة خطفها رجال القبائل والميليشيات التي تستعد لفصل برقة عن فزان وهذه وتلك عن طرابلس. وتونس الخضراء أم البوعزيزي والانتفاضات العربية تاهت في الصحراء والجبال، وضاعت هويّتها ما بين إسلامية وعلمانية حتى غزتها السلفية والجهادية وكل أشكال التطرف والجاهلية. أما في المشرق، فحال البحرين كحال لبنان، يحيا وسط المذهبية والصراعات الإقليمية، ويتجاذبه الكبار ويتلاعبون بهدوئه ووحدته الوطنية. انها امة عربية واحدة ، لم توحدها لا العروبة ولا اللغة ولا المصير المشترك، لكنها توحدت بالمصائب المشتركة ولم يبق من رسالتها "الخالدة" الا القبلية والجاهلية و"داعش" والغبراء! اما إسرائيل، فوحدها تعيش الحبور والفرح، سعادتها لا تصدّق ولا يحجبها امتعاضها الموقّت مع تقارب حليفتها واشنطن من عدوّتها طهران. فلسطين صارت قضية منسية حتى لأهلها بعد ابتعاد الضفة عن غزة، وغرقهم في الاقتتال اليومي والشرخ والفرقة. إنه العيد الكبير في تل أبيب.