* لا أحد يُدرك متعة الاكتشاف وخلودها في أمهات المؤرخين قدر "يحيى الراعي" الذي ضارع مكتشف "أميركا" الحقيقي "كريستوفر كولومبس" بموت الأخير على جاهلية معرفته بقيمة ما أكتشفه ، فكانت نهايته الحزينة على يد ملكه الذي أوغر صدره الإمبراطوري حاشية غيورين من شهرة "المُكتشف الخالد" (!!) . * في "أميركا" ظهرت جماعات تتشيع بمكتشفها الذي قضى و لم يفقه أنه أدار الدنيا .. و حقق لأهل "الأمريكيتين" ريادة العالم الجديد .. و خلق العالم الأول الذي ساد الأرض علماً و حضارة و إقتصاداً .
* و في "ذمار" يتشيع كثيرون لمُكتشفهم الخالد الشيخ الرئيس "يحيى علي الراعي" ، و كحال أي عربي فإن تشيعهم يغلُبه طابع التشنج الذي يظهر جلياً في "العراق الحزين" حين يُدمون أجسادهم ورؤوسهم تشيعاً للإمام (الحسين) رضي الله عنه – و هو الطابع القاسي الذي جعل شيعة (رئيس مجلس النواب) يهشمون زجاج سيارتي الحميمة ، و يستبدلون إطاراتها الجديدة ، و يشفطون وقودها الممتلئ .. كما شفطوا آبار المياه بقاع "جهران" الخصيب ، و أظموا تربته الغنية .. فأحالوها سراباً بقيعة يحسبها الظمآن ماءاً.
* عندما فطنت أجهزة الأمن البارعة في "ذمار" إلى أن سيارتي كانت ضالعة في نقل مقاتلي القاعدة لتفجير "كول" ، و نادي الوحدة الرياضي بعدن ، و أن مالكها السابق عدو أميركا الأول "أنور العولقي" ، و بأنها سبب رئيس في تدني الجاهزية الأمنية بالمحافظة تحرك ميامين الشرطة و النجدة و المرور .. و رابعهم "مدير مرور ذمار" لتطويق السيارة و سحبها برافعة الأمن العتيدة و قذفها وحيدة دون غيرها في فناء المرور الواسع (!!) ثم تهشيم زجاجها ، و إلحاق الأذى الكبير بها حتى لا تعود لجاهزيتها الإرهابية الخطيرة (!!).
* و حقاً فإن ما أدلى به مرور ذمار على لسان مديرها الذي التقطه "الشيخ الرئيس : يحيى الراعي" من كتيبة جُنده المرافقين لعنفوانه الواسع إلى إدارة مرور ذمار مؤكداً أن ربه ترك جدول أعمال مجلسه الطائع المزدحم بألغام القوانين ، و الآف القضايا الوطنية .. ليتفرغ بإدراج رقم سيارتي في أولوية أعماله التي يجب إنجازها بسرعة تفوق سحب قانون الانتخابات من قبة البرلمان البهي .
* ولأني لست مع تأكيدهم الغريب و قد أثخنوه بمئات الأيمان المغلظة ، و جعلوه سبباً في تصفية مواقف مع كاتب أراد أن يتحدث مؤمناً بإسم أبناء مدينته رفضاً لمسلسل الاستحواذ المُهيمن على أراضي الدولة التي لا يجب أن تنتقل لملكية شخص واحد لا يرثه سوى أبنائه ، و لا ينال معها أهل المدينة أي مقابل خدمي يُلبي حاجتهم كثوريين سابقين ، و وحدويين طائعين.
* فقد فطن "كولومبس اليمن" إلى أرض الله الفائضة و هو يقضي الثلث الأخير من الليل في رسم خارطتها التي ستكون مستقبلاً من نفائس العُقد الفريد في تأمين حاجة ذريته النبيلة (!!) ، مُلتهجاً بالدعاء ألا يموت ميتة "كولومبس" الجاهلة لاكتشافه القارتين .. و أن يكون رسول ربه متأخراً حتى تكتمل أبعاد جغرافيته التي تتجدد سنوياً باكتشافات أرضية مُذهلة لا يضاهيها اكتشاف آخر !.
* وعندما كانت أرض "ذمار" و "عدن" لشعبين مُنفصلين قبل توحدهما الخالد في 90م صارت الأرض هنا و هناك بملكية شعب واحد ورثها عنه شخص وحيد من بطانة الرئيس المخلصين .. فكان السكوت عن تدمير المواطنة المتساوية مأساة شعب يصحو كل يوم على شعارات الكراهية المتفاقمة .. ثم يسأل نفسه : لماذا نكره بعضنا ؟! ، و الإجابة مصلوبة على منصة البرلمان المهيب!.
* و حينما طالبت بأن يقنع "يحيى كولومبس" باكتشافاته السابقة و قد تستوعب مدنًا بأكملها .. ليتبرع بأرضه الجديد الساكنة بقلب مدينة "ذمار" لمرضى "الكلى" البائسين .. انتزع الأشرار سيارتي من حنايا الضلوع رغبة في اعتذاري ، و الكف عن سخرية الذماري التي لا تطاق .. فوهبت طيباً مؤمناً مقبلاً غير مُدبر ثمنها المتواضع لبناء حجر أساس طبي على أرض "الراعي" الجديد .. فهل يبادرون ؟! .. لا أخالهم يفعلون (!!) إنما أوجّه تحدياً بقول : كفي ، و ليس بسؤال : من أين لك هذا ؟! .
* لقد كثُرت تقارير الحزن الباهظ بإدراج جلاوزة النهب على مساحة الحديدة الساكنة تحت لهيب التمرد ، و أضحى تقرير "باصرة" حكاية يتناقلها العاطلون في مقائل القات التعيس .. فتنبه صائد الأراضي المتمرس إلى الأرض المسكوت عنها في ذمار المتخمة بأهلها الذين لا يسخطون علناً ، و لا يحركون أو يتمردون .. فكان إكتشافه الجديد مدوياً بحق .
* هل ترون معي أن الذي يُشكل حكوماته السليبة في مناطق وهبها له الحاكم خلاصاً من همومها و نكاتها قادرٌ على تحريك قطع الشطرنج كيفما يشاء .. و بقانونه الذي لا يعترف بحق الخصم في قول : لا .. لقد أسرفت يا هذا !، و هل يجب أن يؤدي شبق الاستحواذ إلى تعميم السخط على أبناء القبائل و لم يجدوا في كبيرهم إلا ساحراً يُعلمهم فنون الخداع .. ويتمنى غيرهم لو نال هذا الأخير فأس "إبراهيم" أو عصا "موسى" - عليهما السلام – لتوقيف رغبته الجامحة في اكتشاف الأرض و امتلاكها بوجه الحياء ، و بلادة قادتها الذين لا يجرؤون على الاعتراض و الحنق أو بقلوبهم و ذلك أضعف الإيمان .
* و هل يجب على الناس أيضاً أن يفردوا ابتساماتهم الواسعة رغم الألم و النهب و الاحتجاز و التهشيم و التهديد و الترويع .. فكنا كمن استوقد ناراً فلما أضاءت ما حولها أتت علينا ، إني أرى أنياب "الليث" بارزة فلا تظنون أنه يبتسم .. فربما يُشرع لاكتشاف ضحية أخرى قد تكون مدينة بأكملها !! .