طل علينا الرئيس اوباما من حرم جامعة القاهرة في حزيران 2009 م ،ودغدغ عواطفنا ببعض الكلمات المعسولة العاطفية، والآيات القرآنية التي تدرب على حفظها أسابيع ، حينها هلل العالم العربي والإسلامي وكبر، واستبشروا خيرا، بأن قدوم هذا الرجل الذي تعود أصولة الى أفقر مناطق الأرض حيث الظلم يخيم، والجوع على الوجوه يرتسم ، قد يغير من سياسة بلادة نحو الأقطار المغلوبة . أتذكر حينها حين قلت لأحد الأصدقاء : لا تتفاجئ فان خبث السريرة لدى القادة الأمريكيين هي فطرة مكتسبة يعززها وينميها اللوبي الصهيوني المتغلغل في مراكز القرار في الإدارة الأمريكية .
رد عليا قائلا : تفائل خير ، علقنا الأمل البسيط وبداء الأمل يتلاشى رويدا رويدا حتى ظهرت حقيقة هذا الرجل الذي يخفي في صدره كثيرا من ما يظهره وجهه .
توالت الأحداث ، الملف الفلسطيني لا يزال كما كان ، الحصار تجدد على السودان ، الجنود في العراق وأفغانستان ، العقوبات على سورية ، وكل ما وعد به بات في مهب الريح .
ظننا أن بعض الملفات العالقة القديمة من عهد الحقبة البوشيه ربما تحتاج الى عامل الزمن للمعالجة ، لكن يبدوا ان صعوبة المواقف تبدي خفايا النفوس وخبث السرائر وتكشف حقيقة السياسات المقنعة .
فازت قطر باستضافة مونديال 2022م ،ولنا جميعا شرف الفوز كمستضعفين في الأرض ، وفازت الفيفا في حيادية القرار واستقلاليته ،وارتسمت الفرحة وجوه العالم العربي والشرق الأوسط .
وبدون مراعاة للفرحة والشعور يطل اوباما ليقول : ان القرار سيء وخاطئ باختيار الفيفا لقطر ، مبديا خبث سريرته وحقيقة وجه الذي اكتنفه الغموض ، وحاول جاهدا من قبل تزييفه وتلميعه .
والمتأمل لما قاله الرئيس اوباما من الناحية اللفظية يجد اقتران لفظ (سيئ بخاطئ ) وهو ما اثار التساؤل ؟ فلو اكتفى الرئيس اوباما بلفظ سيئ لكان تبرير الشيخ تميم واعتقاده في مكانه ، لكن الاقتران بلفظ خاطئ فهو يبدي خبث الإدارة الأمريكية واستهانتها بالآخرين .
من هنا يجب على الرئيس الأمريكي والأمريكيين ان يؤمنوا بانه لا يزال هناك مؤسسات دولية تنتهج الاستقلالية والحياد في قراراتها ، ولا تتأثر بالضغوط والمغريات ، وان ازدواجية المعايير ليس لها مكان في صرح الفيفا.
ويجب على الرئيس الأمريكي ان يعتذر للعرب جميعا ، وللفيفا كي يؤكد لحظة الغضب المزعومة .
اما نحن فأننا نبارك لقطر، ونشد بأيديهم لصناعة المعجزات ، الف مبروك قطر ،الف مبروك للعرب، الف مبروك لسمو الأمير، وللجنة القطرية، ولحرم الأمير ،وستظل قطر كبيرة في المواقف رائدة في السياسة، حكيمة في القيادة ، وهنا أتذكر الشاعر حين قال :
إني احيي على بعد المدى قطر فهم قريب إلى قلبي وان بعدوا وكلنا قطر..