( إهداء إلى الصديقان محمدعبيد ابوسيماء - عزالدين عبد الحق) من حسن حظ أطفال حارتنا أنهم لا يهتمون بلحية «بابا نوبل»، وأن السنة الضوئية لا ترتبط بأي علاقة ود مع مؤسسة الكهرباء، وأن السنة الجديدة - بالنسبة لآبائهم - تبدأ وتنتهي بسؤالٍ واحدٍ وحيد، هو: «تقولوا كيف، عتسبر؟».
في بلدان الله يبدأ الناس عامهم الجديد بأغانٍ وقبلات فرح، ونحن نبدأ أعوامنا الجديدة ببيان سياسي هام بشأن الحوار بين «الضُرتين» المؤتمر الحاكم والمشترك. الله أكبر.
وفي بلدان الدنيا التي تحترم آدمية الإنسان يصل المرء هناك إلى سن ال50، ويبدأ يتفرغ لمُتع حياته ويكتب مذكراته، ويعيش كسائح رايق البال. وفي بلادنا السعيدة – امسكوا الخشب يا جماعة - يصل الواحد فوق سن ال50 عاماً وعاده بسم الله الرحمن، بادئ يشق طريقه ويشتري له «دباب» لزوم طلبة الله !
الكارثة الأفدح أن سنواتٍ كثيرة تذهب من عمرنا ونحن فقط نتحدث عن طموح الشباب!
منذ 5 سنوات وأكثر وصديقي «فُلان» يحدثني دون كلل أو ملل عن درجته الوظيفية التي ستنزل هذا العام. قد نزل نصف وجهه من الهم والنصف الآخر كساه الشحوب وعيال كبار المسؤولين- الله يرزقهم- «يتنابعوا» واحداً بعد الآخر إلى مواقع عليا في البلد، وصديقي الديناصور لايزال يحدثني بنفس الشغف عن درجته الوظيفية التي ستنزل هذا العام ، وينتظر!
كم عمرك هذا العام؟ سؤال سمج للغاية نتمسك به فقط لإحالة العاجزين إلى التقاعد فحسب.
السنوات التي تمر واحدة بعد الأخرى ونحن نحدق في التقويم فقط وننتزع أوراقه كمن يبيع تذاكر عرض سينمائي ممل، هي بلا شك سنوات يخجل القلب منها، وفي أسوأ الحالات ربما يعتبرها إجازة مرضية.
ماذا لو أخذ كل واحدٍ منَّا ورقة وقلماً، وبدأ بعملية جرد لسنة فاتت من عمره: كم فَرِحْ، كم بكى وأبكى..كم قدم للآخرين خدماته وكم استبدّ بهم..؟ كم تلقى كلمات شكرٍ وكم استحق اللعنات؟ كم تفاءل وكم انتكس وأحبط..؟ وكم أنجز من طموحاته، وكم أجَّل للعام القادم؟ كم كانت حجم إنسانيتنا في العام الماضي..؟ وكم وعد نفسه وأخلف؟!
العملية باختصار عبارة عن جرد «إنساني» بحت، ويحتاج إلى كثير من الصدق .. ولا أظن أحدكم بحاجة لأن يكذب على نفسه كما يكذب علينا زعماء ال(99%) وتسعة من عشرة !.