الوحدة امتزجت في ذاكرتنا، وجداننا، في صبابة ارواحنا الشعار الذي نقف معه بشموخ، ونردده بلهفة وعنفوان في مهد تعليمنا، عشنا معه يملأ أرجاء ارواحنا"الله ثم الوطن الثورة الوحدة" تحيا الجمهورية اليمنية. إنه وطن حُفر في ذاكرتنا تشكلت معه أفكارنا، تعلمنا تحت ظلاله حراسا للجمهورية والوحدة والثورة. كم هدايا وجوائز واشادات من معلمينا وإدارة المدارس التي تعلمنا فيها، منحت لأفضل طالب يردد ذلك الشعار بحماس وعنفوان. مضينا ونحن في مقتبل العمر طلابا في الأساسية والثانوية نحمل علم الجمهورية في البروفات استعدادا للمشاركة بالأعياد الوطنية سبتمبر واكتوبر ونوفمبر و22مايو، وكبرنا وادركنا معاني تلك المناسبات الوطنية، وجاءت الكارثة والجائحة التي حلت بالبلاد وازدادت معرفتنا بأهمية الثوابت وتضحيات ونضالات من سبقنا من أجلها. نعيش اليوم العيد ال35 للوحدة اليمنية 22مايو كذكرى عطرة وانجاز شعبي حصيلة نضالات وطنية لسنوات طويلة. سبقت وحدة الجغرافيا وحدة القلوب والوجدان، لتشكل الأرضية الصلبة التي انطلق منها الساسة لإزالة براميل التشطير الاستعمارية. واحدية الشعب تجاوزت الحواجز السياسية، والإستعمارية، وكانت الجغرافيا وطنا لكل الأحرار فكانت اذا اشتدت سطوة الإمامة والكهنوت ومضايقتها للأحرار شمالاً استقبلتهم عدن بحضن الأم الدافئ، ومنها كانت اصواتهم تصدح ضد الإمامة والكهنوت، ومنها انطلق صوت الثورة، وصولا الى الجمهورية. وكما كانت عدن قبلة، أيضا كانت تعز قبل الجمهورية وصنعاء بعد قيام الجمهورية وطنا للأحرار الذين وقفوا في وجه الاستعمار، وكان لهم صولات وجولات في مآزرة إخوانهم ضد الكهنوت الامامي السلالي البغيض، كما كان لأحرار الشمال صولات وجولات في مواجهة الاستعمار البريطاني الجاثم على ثغر اليمن الباسم، سطروا بطولات في مآزرة اخوانهم. جسدت صور النضال تلك واحدية الشعب اليمني. لتؤكد أن الوحدة لم تكن وليدة لحظة معينة بل كانت واقعا على الأرض رغم براميل السياسة والاستعمار، واحدية الشعب ، جسدها الشعراء، والفنانين وعاش معانيها كثيرا من الساسة والمثقفين، ممن فارقوا الدنيا وهم ينتظرون تحقق الحلم الكبير بالتئام الشعب عاشها الفضول في وجدانه ومات قبل أن يراها، وصدح أيوب طارش وهو يشدوا طربا ليس منا أبدا من مزقا ليس منا أبدا من فرقا وعاش مشاعر الفرحة الداخلية قبل أن تجسد على أرض الواقع املؤوا الدنيا ابتساما وارفعوا في الشمس هاما واجعلوا القوة والقدرة في الأذرع صلبا خيرا وسلاما وذروا الحق هو المعنى الذي فيه تمضون وتمضون الحساما واحفظوا للعز فيكم ضوءه واجعلوا وحدتكم عرشا له واحذروا أن تشهد الأيام في صفكم تحت السماوات انقساما.. وجدان وأحاسيس الفضول الصادقة والنابعة من إيمانه العميق بالوحدة، والانتماء لكل اليمن، خالطت وجداننا جميعا لتتوج بأن تصبح نشيدا وطنيا يردد كل يوم يقف الجميع لسماعه، وكأنها وصيته الوطنية لنا وحدتي.. وحدتي. يا نشيداًً رائعاً يملأ نفسي أنت انت عهدا عالقا في كل ذمة ليست قصائد الفضول وحدها من حملت روح الوحدة، وتغنى بها فهناك الكثير من الشعراء، نقلت لنا عبر اصوات الفن قصائدهم بالوان مختلفة تعبر عن الوحدة، هاهو عبدالرحمن الحداد يصدح بقصيدة الشاعر الكبير حسين المحضار وحدة وبالوحدة لنا النصر مضمون حافظ على الوحدة بيسره ويمنه يا شعبنا العظيم اليماني وابني صروح المجد لبنة بلبنة. لا تتوقف الروح الوحدوية عند قصائد الشعراء واوتار الفنانين، بل في خالطت اهازيج العامة وثقافتهم. لسنا بحاجة لان نمتدح الوحدة في عيدها ال35 من إعلان الجمهورية اليمنية، التي عشت فرحتها في طفولتي، وأنا أقف بجوار والدي وهو يشعل النار على سطح منزلنا ابتهاجا بها. لا تزال صورة الشيخ المسن الذي كان يرقص طربا باعلانها، شاهدته في أول تلفزيون ملون في حياتي، وعلى وجهه فرحة لا تبارح مخيلتي. كيف لنا أن نتنكر نحن جيل الوحدة لمنجز وهتاف خالط اذهاننا واحاسيسنا منذ نعومة اضفارنا " الله ثم الوطن الثورة الوحدة" ثوابت وطنية غرست في اذهاننا، نرددها بثبات وشموخ، لايمكن لمجموعة من الناس كان لهم أخطاء بحق البلد والوحدة وآخرين اصابتهم تلك الأخطاء أن يسحقوا ذاكرة جيل، ونضالات عقود، ذلك إرث نضالي يجب أن نفخر به ونحافظ عليه. الأخطاء لا تمحي الثوابت، ولا توجب القطيعة لدى العقلاء، بل تعالج. لا يمكن لثلة من الناس أن يكفروا بثابت من الثوابت ويجبروا الغالبية على الانسياق وراء ما يؤمنون به، ذلك ما يصنعه الحوثي اعتنق الولاية الخمينية وشن الحرب لارغام السواد الاعظم من الشعب على الخضوع والايمان بها، يدفع الشعب ثمنا باهظا في مقاومة الأفكار المتطرفة التي يراد فرضها بقوة السلاح.